بينما تكشف السعودية عن تورط خلية مكونة من 5 سعوديين في التخابر لصالح إيران
بينما تكشف السعودية عن تورط خلية مكونة من 5 سعوديين في التخابر لصالح إيران، وتأسيسهم خلية إرهابية داخل المملكة تهدف للقيام بأعمال إرهابية وأعمال تفجير واغتيالات شخصيات دينية سنيّة (كما كشفت «الشرق الأوسط»)، والبحرين تعلن أنها قبضت على 7 من أصل 10 أشخاص شكلوا خلية إرهابية تابعة لتنظيم سرايا الأشتر المدرج على قائمة الإرهاب التي أعلنتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب «السعودية ومصر والإمارات والبحرين» يديرها مطلوب أمني هارب إلى إيران، ومحكوم عليه بالسجن 90 سنة في قضايا إرهابية، وله صلة وثيقة بالحرس الثوري الإيراني، في هذا الوقت نفسه، تعكس قطر اتجاه البوصلة تماماً بإعادة سفيرها إلى طهران معبرة عن تطلعها «لتعزيز العلاقات الثنائية مع الجمهورية الإيرانية في جميع المجالات». الحقيقة أنه سواء كان لقطر سفير في طهران أو لا أو لطهران سفير في الدوحة أم لا، فإن سعي البلدين للحفاظ على علاقات متوازنة حتى في أسوأ التوترات التي عاشتها المنطقة لم يتوقف، فرغم كل القنابل المتفجرة بين الدوحة وإيران، في سوريا تحديداً، لم تنفجر أي منها حتى الآن، بل إنهما تعاونتا في عملية تهجير كفريا والفوعة ومضايا والزبداني، واتفقت فيها قطر وجبهة النصرة من جهة، وإيران و«حزب الله» من جهة ثانية، ولولا العلاقات القطرية الإيرانية المتميزة لما تم مثل هذا الاتفاق أبداً.
حسناً فعلت قطر بإعادة سفيرها لطهران، وحسناً فعلت أيضاً عندما عززت تحالفها مع إيران، فأسوأ ما عانى منه جيرانها طوال سنين هو ازدواج المعايير التي تتفنن في العزف على أوتاره قطر، واللعب من تحت الطاولة بخلاف ما هو معلن
في تقديري، حسناً فعلت قطر بإعادة سفيرها لطهران، وحسناً فعلت أيضاً عندما عززت تحالفها مع إيران، فأسوأ ما عانى منه جيرانها طوال سنين هو ازدواج المعايير التي تتفنن في العزف على أوتاره قطر، واللعب من تحت الطاولة بخلاف ما هو معلن، فالسياسة القطرية تشتهر بالتناقضات وتعتبرها أحد عناصر قوة سياستها الخارجية، وأكبر مثال على ذلك استضافتها مكتباً دبلوماسياً إسرائيلياً، ثم تقوم لاحقاً بإبعاد أعضاء البعثة وضم «حماس» تحت لوائها ورعايتها مالياً ودبلوماسيا، غير أن الفصل الجديد في التحالف القطري الإيراني أنها تفعل ذلك بشكل مباشر وصريح وواضح، لذلك فهي تختصر الطريق على الدول الرباعية في مشوار مقاطعتها وتؤكد أنهم كانوا على حق، وإلا فمن يصدق خدعة سحب الدوحة سفيرها من طهران، في حين هناك اتفاقية أمنية ضخمة سارية المفعول بين البلدين تقضي في أحد بنودها أن يتم التصدي لما «يهدد الأمن الوطني» في أحدهما، وهذا يفسر المشاركة الخجولة للحكومة القطرية في عاصفة الحزم باليمن ضد الحوثيين، وهذا يفسر أيضاً كيف أفصحت الدوحة عن حقيقة مواقفها في الاصطفاف مع الحوثيين مؤخراً ضد التحالف العربي ولصالح الحليف الإيراني. إنه الدفاع عن الأمن الوطني الإيراني!
لا تخسر السعودية ودول الخليج كثيراً من ميل قطر إلى الضفة الفارسية للخليج العربي بشكل واضح ومعلن، وإن كان مستفزاً، فإيران رأس حربة الإرهاب عالميا، والتحالف معها سيضع قطر في المصاف نفسه، وإيران تعمل على نشر الفوضى وزعزعة أمن واستقرار المنطقة والعالم، وإذا أرادت قطر أن تكون في الخانة ذاتها فهذا تأكيد أنها تمارس سياسة تضر بالمنطقة والعالم، وتأكيد للمخاوف التي دفعت الدول الرباعية بقطع العلاقات معها، بل على العكس كانت الدول الرباعية تنظر بعين الريبة والشك لعلاقات الدوحة مع إيران، ولم يكن لها من بد سوى التعاطي مع قطر على أنها دولة «شقيقة» وجزء من المواجهة العربية الإيرانية، وهو ما ثبت خطؤه متأخراً للأسف بعد أن استغلت الدوحة المظلة الخليجية كغطاء لعلاقتها الاستراتيجية مع إيران.
لو لم تعد قطر سفيرها إلى طهران، أو تؤكد حرصها على تعزيز تحالفها الإيراني، لأحرجت الدول الرباعية بعدم صحة اتهاماتها بعلاقات مشبوهة مع إيران، إلا أن الدوحة تفضح نفسها المرة تلو الأخرى، وتقدم خدمات جليلة للدول الرباعية من جديد، ألا ينبغي بعد هذا كله أن نقول شكراً قطر!
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة