تسميات العدالة «والبناء» أو «التنمية» أو «الإصلاح» أو «الحرية»... إلخ، هي مجرد واجهات سياسية لتنظيم الإخوان الدولي في بلدان مختلفة
تسميات العدالة «والبناء» أو «التنمية» أو «الإصلاح» أو «الحرية»... إلخ، هي مجرد واجهات سياسية لتنظيم الإخوان الدولي في بلدان مختلفة، تجمعها كلمة مفرغة من معناها (العدالة)، ومنها حزب «العدالة والبناء» الذي ما انفك يحاول إقناع الآخرين بهجره تنظيم الإخوان للحزب، ويحاول إجراء جراحات تكميلية تجميلية، تضمنت استقالة قيادات إخوانية من الحزب، كخطوة لإثبات فك الارتباط، ومحاولة استبدال وجوه وأقنعة جديدة تتماشى مع المتغيرات الدولية، إلا أن بيان الحزب الأخير أظهر الخلاف الظاهر مع صادق الغرياني، المفتي الليبي المعزول من أعلى سلطة، وهي سلطة البرلمان، بعد إلغاء قرار إنشاء دار الإفتاء لأن المشرع السابق (المؤتمر الوطني العام) وضع وظيفة «المفتي» محصنة من الإقالة أو المساءلة، وجعلها وظيفة حكراً للغرياني مدى الحياة، في سابقة لم تحدث في تاريخ ليبيا، ولا حتى الدول الأخرى، بالتكليف مدى الحياة، وهذا سببه أن المشرع السابق المؤتمر الوطني العام كان سلطة لتنظيم الإخوان في ليبيا، بعد سيطرة التنظيم على سلطة القرار فيه، مما اضطر البرلمان الليبي المنتخب لإلغاء دار الإفتاء، واستبدال الهيئة العام للإفتاء بها، للخروج من فخ تحصين المنصب.
رغم محاولات تحصين منصب الغرياني، فإن سنوات شهر العسل بين الإخوان و«القاعدة» و«داعش» والمفتي المعزول لم تستمر طويلاً، فبيان حزب العدالة والبناء يعتبر محاولة فك ارتباط مع المفتي المعزول، بعد أن ثبت تورطه في التحريض على القتل، حتى طالت تحريضاته تنظيم جماعة الإخوان، بعد انتهاء تقاطع المصالح بينهما، وإرث الغرياني ودار الإفتاء المرتبطة به، السواد الأعظم فيها للجماعة الليبية المقاتلة، أي فرع «القاعدة» الليبي، وخصوصاً مفتي الجماعة الليبية المقاتلة، والذي أفرجت عنه سلطات نظام القذافي مع ثلة آخرين، أبرزهم عبدالحكيم بلحاج، المطلوب في قوائم الإرهاب، بعد أن تعهدوا للقذافي الأب بالتوبة، وكتبوا مراجعات فقهية أشرف عليها مفتي تنظيم الإخوان يوسف القرضاوي، وانتهت بالإفراج عنهم، بعد مفاوضات ماراثونية توسط فيها القذافي الابن، وكان عرابها علي الصلابي، عراب الجماعة المدرج على قوائم الإرهابيين، وكان الإفراج شريطة التوبة، التي سرعان ما ثبت أنها كانت مجرد تقية، فنكثوا العهد كعادتهم.
جاء بيان إخوان ليبيا ضمن حزمة من غسل اليدين من دماء كان التنظيم الدولي والمحلي شريكاً فيها، بعد أن ألقى الجيش الليبي القبض على فلسطينيين كانوا يحاربون في صفوف ميليشيات الدروع الإخوانية في بنغازي
انفرط عقد المصالح المشتركة بين الإخوان والمقاتلة، وبعد مشاريع جراحة التجميل التي يجريها التنظيم الدولي للإخوان للمرور تحت العاصفة، والنجاة من التوجه الدولي لمكافحة الإرهاب، ومحاولة من التنظيم للظهور بمظهر مسالم، جاء بيان إخوان ليبيا ضمن حزمة من غسل اليدين من دماء كان التنظيم الدولي والمحلي شريكاً فيها، بعد أن ألقى الجيش الليبي القبض على فلسطينيين كانوا يحاربون في صفوف مليشيات الدروع الإخوانية في بنغازي.
فالخلاف بين «القاعدة»، أي الجماعة الليبية المقاتلة، والإخوان قديم متجدد، ولكن التوافق الذي كان بينهما كان بسبب توحد مواقفهم في محاربة الجيش، بقيادة المشير حفتر، ومحاربتهم للدولة الوطنية، وهذا ما كان يوحدهم، ولكن بعد خسارتهم المعركة مع الجيش الليبي، واصطفاف الإخوان مع حكومة السراج، تقطعت المصالح بينهما.
فبيان العدالة والبناء الليبي لا يخرج عن محاولات التموضع والتجميل، التي يجريها التنظيم الدولي للظهور بعباءة جديدة، بدأت باستبدال قيادات، ومغازلة حتى إسرائيل في ثوب حركة حماس الجديد، فهو تنظيم دولي بعضه ينهل من بعض، لا يؤمن بالجغرافيا الوطنية للدول.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة