قطر قبيل القمة.. تخريب يجهض مساعي تعزيز الحوار الخليجي
حملة قطرية ممنهجة، ومعاول تخريب تتمدد عبر قنواتها الدبلوماسية والإعلامية، لضرب مساعي تعزيز الحوار الخليجي، قبيل قمة الثلاثاء.
مساع تدخل 2021 مشحونة بذات الأجندة الخبيثة الرامية لشق البيت الخليجي وإجهاض محاولات حل أزمتها المستمرة منذ سنوات.
وفي تصعيد غير مسؤول، أعلنت قطر، الجمعة، أنها أبلغت مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة عن اختراقات مزعومة قامت بها زوارق بحرية عسكرية بحرينية لمياهها الإقليمية قبل أكثر من شهر.
ويعد هذا ثاني تصعيد قطري خلال العام الميلادي الجديد 2021، في إطار محاولات الدوحة تخريب مساعي تعزيز الحوار الخليجي قبيل القمة المرتقبة في السعودية.
وكانت قناة "الجزيرة" القطرية قد استهلت العام الجديد، بمواصلة افتراءاتها وإساءاتها لدول الرباعي العربي، ببث تقارير مسيئة للسعودية والإمارات والترويج للمليشيات الحوثية.
كما يعد هذا ثاني تصعيد قطري من نوعه خلال نحو أسبوع، بعد أن أعلنت الدوحة في 24 ديسمبر/ كانون أول الماضي، أنها أبلغت مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة عن خروقات جوية مزعومة لطائرات مقاتلة بحرينية للأجواء القطرية، في 9 من الشهر نفسه.
وسبق أن فندت البحرين أكاذيب قطر في تلك الانتهاكات الجوية والبحرية المزعومة، واستنكرت تصرفات الدوحة التي من شأنها تهديد الأمن والسلم في منطقة الخليج العربي، كما أكدت أنها ستعالج تلك التصرفات في إطار البيت الخليجي.
ويرى مراقبون أن الشكاوى تكشف أكاذيب قطر وتخبطها، حيث كان من المنطقي إنه إذا أرادت الشكوى أن تبدأ بالاختراق المزعوم الأقدم، لكن أن تشتكي عن اختراق جوي مزعوم بعد وقوعه بأسبوعين، ثم تعود وتشتكي عن اختراق بحري مزعوم أقدم منه وقع منذ خمسة أسابيع، فإن ذلك يكشف تخبط الدوحة وفقدانها البوصلة الموجهة لسياساتها.
سلوك يفضح أيضا إصرارا قطريا واضحا على ضرب مساعي تعزيز الحوار الخليجي، وتعكير الأجواء الإيجابية بالمنطقة قبيل القمة الخليجية المرتقبة بمدينة العلا، عبر اختلاق أسباب جديدة للتصعيد.
كما أن استدعاء الدوحة حوادث قديمة للتصعيد يدل على إفلاسها وتخبطها في مواجهة حكمة واتزان وهدوء دول الرباعي العربي.
مزاعم جديدة
مزاعم قطر بشأن قيام زوارق بحرية عسكرية بحرينية باختراق مياهها الإقليمية في 25 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، كشفت حقيقتها وزارة الداخلية البحرينية في نفس يوم وقوعها.
وقالت وزارة الداخلية البحرينية في بيان آنذاك أنه "أثناء قيام زورقين تابعين لخفر السواحل المشاركين في تمرين المانع البحري في شمال فشت الديبل، والذي يحق لهما القيام فيه بالمطاردة الحثيثة، قامت ثلاث دوريات تابعة لأمن السواحل والحدود القطرية باعتراض الزورقين البحرينيين أثناء عودتهما بعد انتهاء مهمتهما".
واعتبرت أن ذلك "يعد تصرفا يتعارض مع الاتفاقية الأمنية الخليجية لدول مجلس التعاون، ومع الاتفاقيات والمعاهدات المتصلة بقانون البحار الدولي"، مشيرة إلى أن الزورقين استكملا بعد ذلك استئناف حركتهما.
كما لفتت إلى أنها "ستقوم بإبلاغ الأمانة العامة لدول مجلس التعاون بالواقعة"، معربه عن أملها في عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنصوص عليها.
وفي بيان لاحق، أوضحت الوزارة أن ما حدث من جانب دوريات أمن السواحل والحدود القطرية ضد الزورقين البحرينيين في عرض البحر، "بدأ باستجابة الزورقين وانتهى بالاعتراض ومن ثم احتجازهما والتهديد باستخدام السلاح، ومنعهما من الاتصال بغرفة العمليات، دون اعتبار لتبعيتهما لخفر السواحل البحريني كجهة رسمية".
وقالت إن "الزوارق القطرية لم تكن تحمل أي علم أو هوية، وفق الأعراف الدولية، في حين كان الزورقان البحرينيان يحملان علم المملكة وشعار وزارة الداخلية".
وأشادت وزارة الداخلية البحرينية بمستوى الانضباط والمهنية وضبط النفس الذي تعامل به قائدا الزورقين البحرينيين مع الواقعة، مقابل التصرفات العدائية التي أظهرها الجانب القطري.
وأكدت أن "ما جرى من قبل دوريات أمن السواحل والحدود القطرية يعد مخالفا للاتفاقيات والمعاهدات المتصلة بقانون البحار الدولي، حيث لا يجوز لأي دولة اعتراض سفينة أو زورق لخفر السواحل بالقوة، خاصة أن الحادثة وقعت في مياه مملكة البحرين بموجب أحكام القانون رقم (8) لسنة 1993 بشأن البحر الإقليمي لمملكة البحرين والمنطقة المتاخمة".
بدوره، عبر مجلس النواب البحريني عن رفضه التام لحادثة اعتراض الزورقين، مجدداً استنكار المجلس للتصرفات القطرية التي من شأنها تهديد الأمن والسلم في منطقة الخليج العربي.
وأكد المجلس أن الحادثة وقعت في مياه البحرين الإقليمية بموجب أحكام القانون رقم (8) لسنة 1993 بشأن البحر الإقليمي للمملكة والمنطقة المتاخمة، وأن أحكام هذا القانون ما زالت سارية ولم تلغ أو تعدل بموجب أي تشريع آخر ولا تزال قائمة.
وأعرب عن تأييده حق مملكة البحرين في الاستمرار بممارسة سيادتها على مياهها الإقليمية، وعدم جواز التنازل أو التخلي عن شيء من إقليمها بموجب المبادئ الواردة في ميثاق العمل الوطني وأحكام الدستور.
وجدد مجلس النواب دعوته لقطر لاحترام القوانين القائمة والأعراف الدولية ذات الصلة، والاتفاقيات والأنظمة والقرارات الصادرة من مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
استفزازات متواصلة
لم تكتفِ قطر بالتحرش بالزورقين البحرينيين وتوقيفهما، بل أتبع ذلك سلسلة استفزازات تصاعدت وتيرتها منذ إعلان الكويت في 4 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن مباحثات "مثمرة" لتعزيز الحوار الخليجي.
فبعد أسبوعين من حادث الزورقين، أوقفت الدوحة طرادا بحرينيا في منطقة "فشت الديبل" على متنه 3 بحارة وأحالتهم للمحاكمة.
ثم أعلنت، في 24 من الشهر نفسه، أنها أبلغت مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة عن خروقات جوية مزعومة لطائرات مقاتلة بحرينية للأجواء القطرية، في تصعيد قطري غير مسؤول.
وردت البحرين على المزاعم القطرية واصفة إياها بأنها "أمر مؤسف وعار من الصحة ولا يمت للحقيقة بصلة".
وأكدت أن "ادعاءات قطر الباطلة هي، للأسف، جزء من التحريف المستمر والمتصاعد الذي تمارسه، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وبالتالي تفاقم التوترات الإقليمية".
وناشدت البحرين الأمم المتحدة اتخاذ اللازم لتشجيع وقف هذه الممارسات القطرية العدائية، وحث دولة قطر على احترام ميثاق الأمم المتحدة، والتعامل بحسن نية مع الأعراف وقواعد القانون الدولي.
وبالتزامن مع ذلك، قامت قطر بتحريض إعلامها وعلى رأسه قناة "الجزيرة" بشن حملة افتراءات وأكاذيب ضد دول الرباعي العربي.
وفي محاولة واضحة لسعي "الجزيرة" لتخريب جهود تعزيز الحوار الخليجي، استغلت زيارة أجرتها بريتي باتل وزيرة الداخلية البريطانية إلى مديرية شرطة محافظة المحرق البحرينية، يوم 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لبث تقارير مسيئة للمملكة.
ورغم أن الزيارة تمت منذ 3 أسابيع، أعادت "الجزيرة" الأحد، بث تقارير تحريضية ضد المنامة، تتحدث عن انتهاكات مزعومة داخل مديرية الشرطة.
وأكدت الداخلية البحرينية في بيان سابق لها، أن ما نشرته "الجزيرة" لا أساس له من الصحة.
وأعربت "عن استغرابها من هذه الحملة الإعلامية المضللة التي زادت حدة في الآونة الأخيرة، وتستهدف المساس بالسمعة الحقوقية لمملكة البحرين وإنجازاتها، والإساءة للعلاقات المتميزة مع المملكة المتحدة، متسائلة عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك".
وواصلت "الجزيرة" في مستهل 2021، افتراءاتها وإساءاتها لدول الرباعي العربي، ببث تقارير مسيئة للسعودية والإمارات، والترويج للمليشيات الحوثية في محاولة واضحة لسعي القناة القطرية لتخريب جهود تعزيز الحوار الخليجي.
كما ودعت "الجزيرة" عام 2020 ببث تقارير تحريضية مكثفة ضد البحرين، قامت على إثرها العديد من الجهات الرسمية والحقوقية والإعلامية بالتحرك لمواجهتها.
استنكار ورسائل
ووجهت مؤسسات حقوقية بحرينية خطابا إلى أمانة مجلس التعاون الخليجي تتهم فيه "الجزيرة" بترويج خطابات التحريض ضد الاستقرار في المملكة.
بدورها، استنكرت جمعية الصحفيين البحرينية الاستهداف القطري الممنهج ضد مملكة البحرين "من خلال ذراعها الإعلامية الخبيثة (قناة الجزيرة)"، مشيرة إلى أنها أصبحت "أكبر معول للهدم وإشعال الفتن وأكبر محرض للكراهية وزرع البغضاء في النفوس".
وفي إطار تمسكها بالحكمة كمنهج لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، واجهت المنامة استفزازات قطر بحكمة وهدوء، عبر التوجه للأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لمعالجة تلك السلوكيات.
وعلى الرغم من أن قطر ما زالت تحتجز حتى اليوم 47 قارب صيد بحرينيا، دعا مجلس الوزراء البحريني في جلسته يوم 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى الحوار مع قطر، في خطوة تعكس حسن نوايا المنامة.
الاستفزازات القطرية ضد البحرين والحملة الإعلامية ضد دول الرباعي لم تكن الرسالة السلبية الأخيرة من قطر، فقد تبعتها رسالة سلبية أخرى، تكشف إصرارها على وأد مساعي تعزيز الحوار الخليجي. وغاب وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عن الاجتماع التحضيري للقمة الخليجية الـ41 والذي عقد بتقنية الاتصال المرئي، مساء الأحد الماضي، وترأسته البحرين، وشارك فيه وزراء خارجية كل من الإمارات والسعودية والبحرين والكويت وعُمان.
وخفضت قطر تمثيلها خلال الاجتماع، ومثّلها سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية.
وفي إطار الحملة القطرية الممنهجة عبر الإعلام وقنواتها الدبلوماسية لضرب مساعي تعزيز الحوار الخليجي، تعاملت دول الرباعي العربي مع الرسائل القطرية السلبية واستفزازاتها المتواصلة بحكمة واتزان.
فمن جانب، حرصت الجهات المختصة على تفنيد أكاذيب قطر، ومن جانب آخر واصلت دول الرباعي العربي السير قدما في مسار تعزيز الحوار الخليجي، والتأكيد على ذلك عبر تصريحات إيجابية تصب في هذا الصدد، وذلك حرصا على تحقيق التضامن الخليجي من جانب، وتقديرا وتجاوبا مع الوساطة الكويتية من جانب آخر.