أول متحدث للخارجية في عهد تميم.. إفلاس لدبلوماسية قطر
قطر تعين متحدثا باسم خارجيتها في سابقة تعدّ الأولى في تاريخها، حيث تم تعيين لولوة راشد الخاطر متحدّثة رسمية باسم الوزارة.
قناعة شبه راسخة تتملّك مراقبين بأن إعلان قطر تعيين متحدثة باسم خارجيتها، في سابقة تعدّ الأولى في عهد الأمير الحالي تميم بن حمد آل ثاني، يستبطن اعترافا بإفلاس دبلوماسيتها.
وأمس الثلاثاء، أعلنت الخارجية القطرية أن وزير خارجيتها، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أصدر قرارا بتعيين لولوه راشد الخاطر متحدّثة رسمية باسم وزارته.
فشل "مكتب اتصال قطر"
وبحسب ما رصدته بوابة "العين الإخبارية"،تعد الخاطر أول متحدث رسمي باسم الخارجية القطرية في عهد الأمير تميم بن حمد آل ثاني الذي يتولى مقاليد الحكم منذ 25 يونيو/ حزيران 2013.
كما تعد أيضا أول قطرية تشغل المنصب في تاريخ البلاد، وثاني متحدث رسمي باسم وزارة الخارجية.
غير أن هذه الخطوة التي تحاول الدوحة إدراجها ضمن مساعيها لـ"تعزيز التواصل بين الحكومة والإعلام"، بيّنت اضمحلال حلول الدوحة في عزلتها المفروضة عليها من الدول المقاطعة لها.
وفي الوقت الذي تأكّد فيه عجز الدبلوماسية القطرية عن تبرئة بلادها من تهمة دعم الإرهاب، كان لابدّ وأن تستنجد بأي بديل من شأنه أن يسعفها للإفلات من دائرة الاتهام.
ففي السابق، اكتفت الدوحة بإنشاء مكتب للاتصال الحكومي في 16 يونيو/ حزيران 2015، يتبع مباشرة رئيس مجلس الوزراء، ويعنى بعدد من المهام، بينها التنسيق مع وزارة الخارجية وغيرها من الجهات بشأن توحيد الرؤى والمواقف حيال الدولة وسياستها في الخارج.
غير أنّ المكتب سرعان ما أثبت قصورا لافتا في التعامل مع الأحداث الكبرى، حيث سرعان ما كشفت أزمة بلاده حين قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 يونيو/ حزيران الماضي، علاقاتها بالدوحة، أداءه الباهت.
ففي الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تشهد الدبلوماسية القطرية نشاطا لافتا في فترة تعاني فيه بلادها من ضغط كبير، إلا أن انعكاس صورة الدوحة في الخارج بدا باهتا ومحبطا رغم محاولات الإقناع اليائسة.
ورغم البيانات المتتالية التي أصدرها المكتب الحكومي لتوضيح مواقف بلاده إزاء عدد من القضايا المتعلقة بالأزمة أو لإعلان مواقفها الرسمية بهذا الشأن، إلا أن عددا كبيرا من الخبراء أجمعوا على أداء ضعيف للدبلوماسية القطرية يضعها في خانة الإفلاس.
"أزمة قطر" تسقط من اهتمامات العالم
ووفق ما تابعته بوابة "العين الإخبارية" خلال تغطيتها الماضية، فإن المتتبّع للرسم البياني لأزمة قطر لن يتأخر في اكتشاف النسق التنازلي لحجم التفاعل الدولي سواء السياسي أو حتى الإعلامي مع تصريحات مسؤولي هذا البلد، وهذا بحدّ ذاته يدعم طرح إفلاس دبلوماسية الدوحة.
ففي البداية، توجّهت أنظار العالم بأسره إلى قطر، مترقّبا سياسة خارجية حكيمة، وقادرة على الإقناع بوجهة نظرها، وخلق قنوات تواصل سليمة مع المتقبّل بشكل عام.
إلا أن توالي التصريحات القطرية بشكل خال من أدوات الإقناع، ومن الحجج الدامغة، سرعان ما خلق نوعا من الفتور الذي تسرّب تدريجيا ليشمل السياسيين والإعلاميين -ما عدا الموالين منهم للدوحة- حول العالم، قبل أن تسقط الأزمة من أجنداته بشكل شبه كلي.
وأمام هذا الفتور، كان لابد وأن تسقط التصريحات الرسمية القطرية في خانة التكرار الممل، لتضحى دعواته للحوار، أو حتى مواقفه المستنكرة، شبيهة بمعزوفة مكررة مملّة، وهذا ما يعرف في الأدبيات السياسية والإعلامية بـ"معزوفة الاستغاثة اليائسة".
نهاية بديهية لأداء دبلوماسي تراجيدي، كما يقول محللون، كان لابد وأن يدفع نحو تخبّط سياسي يولّد مواقف انتحارية، وهذا ما تكشفه دعوات الدوحة المتكررة للحوار، والتي أضحت عاجزة اليوم حتى عن الحصول على مساحة بارزة في كبرى الصحف ووسائل الإعلام العالمية، أو حتى عن تعقيب.
وفي وقت سابق اليوم، جدّد وزير خارجية قطر، محمد بن عبدالرحمن، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، دعوته للحوار.
دعوة يجزم مطلعون أنها تنضح يأسا في وقت أسقطت فيه دول المقاطعة الأزمة من أولوياتها.
متحدّث للخارجية القطرية.. أي دور؟
رغم أن السياق الجيوسياسي لمنطقة الشرق والخليج العربيين يتّسمان بديناميكية سريعة للغاية، نظرا للملفات الشائكة الموجودة ضمن نطاقها، إلا أن تجديد الدوحة اليوم دعوتها للحوار كشف أنها لم تلتقط بعد أن أزمتها لم تعد تتصدّر الاهتمام الإقليمي ولا العربي ولا حتى الدولي.
وعِوَض أن تتساءل عن السبب الحقيقي وراء إسقاط أزمتها من المشهد السياسي والإعلامي، وتدرك أن الإشكال الرئيسي يكمن في عدم تغيير نهجها الذي استدعى، أساسا، قرار المقاطعة، اعتقدت واهمة أن الخلل يكمن في ضعف دبلوماسيتها الخارجية.
ومن هنا، قررت الدوحة تعيين متحدث باسم خارجيتها في سابقة تعد الأولى من نوعها، محاولة بذلك تلميع صورتها بما يحشد لها الدعم.
واختيار امرأة للمنصب قد يكون مدروسا، وترمي الدوحة من وراء ذلك إلى إظهار "اعتدالها وانفتاحها"، غير أنها أغفلت على ما يبدو أن مثل هذه التدابير لن تفلح في إعادة الحياة إلى أوصال دبلوماسية أفلست وماتت في عيون جزء كبير من العالم.
التعيين يأتي أيضا في وقت من المنتظر أن يسلّم فيه الكونجرس الأمريكي، في وقت لاحق من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، نصّ البروتوكول الأمريكي القطري حول تعقّب منابع الإرهاب في المال والإعلام القطري.
خطوة تشكّل ضغطا إضافيا على الدوحة، ما أجبرها على "دعم" دبلوماسيتها بمنصب جديد، خصوصا في ظل إعلان النائبين الجمهورييْن بالكونجرس الأمريكي، دان دونوفان وبريان فيتزباتريك، عزمهما طلب تعديل البروتوكول مع قطر.
ومؤخرا، أعلن عضوا لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، أنهما سيطلبان تعديل البروتوكول مع قطر، ليتضمن النص ضمان التزام الأخيرة بالإجراءات التي يتضمنّها (نص البروتوكول مازال سريا)، بما يقضي تماما على أسلوب المخاتلة الذي تعتمده الدوحة بحديثها عن مكافحة الإرهاب بينما تمارسه عمليا.