واستشهاداً بقول"من فمك أدينك"
تواصل الأزمة القطرية إسقاط المزيد من الأقنعة التي طالما اتخذتها جماعات الإسلام السياسي غطاءً لها؛ تحاول من خلاله المناورة عبر توزيع صكوك الولاء والبراءة من المشركين، واتهامها الحكومات العربية بتهمة الأسطوانة المشروخة، ألا وهي "التعاون والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاشم".
منذ بداية الأزمة القطرية حاول تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، ومَنْ سار في فلكه، أن يستشهد بتلك التقارير المشبوهة التي تنشرها الأبواق الإعلامية التابعة لـ"تنظيم الحمدين"، وتتهم فيها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب بالتطبيع والتقارب مع إسرائيل دون أي دليل، عبر محاولات يائسة وبائسة ملؤها الحقد وتحريض الرأي العام العربي تجاه هذه الدول.
يحقُّ لنا أن نسأل "العلماء" الذين اجتمعوا في اسطنبول الشهر الماضي، هل ينطبق نص التحريم الشرعي الوارد في ميثاقكم على خطوات الهرولة والتطبيع التي يقوم بها "تنظيم الحمدين" مع إسرائيل؟ وأين فتاواكم من التقارب العلني والسري وخطوات التطبيع ما ظهر منها وما بطن بين ربيبكم القطري وإسرائيل؟.
واليوم، وبعد مرور قرابة 7 أشهر من بدء مقاطعة "تنظيم الحمدين"، باتت الصورة واضحة للرأي العام العربي حول خبايا العلاقات القطرية الإسرائيلية، والتي بدأت منذ انقلاب حمد بن خليفة على والده في يونيو 1995، وتُوِّجت باستقبال الدوحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز وافتتاح مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي في الدوحة، والذي لا يزال يعمل حتى اليوم وإن كان بشكل غير مُعلن، ناهيك عن اللقاءات المستمرة لرموز "تنظيم الحمدين" مع تسيفي ليفني وبنيامين بن أليعازر ورموز الصهيونية العالمية.
تواصلت هذه العلاقة المتميزة بين النظام القطري وإسرائيل حتى بعد تولي تميم بن حمد مقاليد الحكم من والده، وإن كانت عبر قنوات سرية لم يعلن عنها النظام حتى لا يحرج حلفاءه من جماعات الإسلام السياسي عند أتباعهم من المغيّبين، وهم الذين طالما تغنّوا بشعارات المقاومة وتحريم التطبيع من قبيل "على القدس رايحين شهداء بالملايين".
لقد عمل هذا التنظيم على تسليط أسلحته الإعلامية والدينية التي أسسها ودعمها مالياً ولوجستياً خلال 20 عاماً تجاه كل من يحاول أن يقلّم أظافره المؤذية، ظناً منه أنه يستطيع عبر بيانات تصدرها هذه الكيانات المشبوهة أن يسلّم مفاتيح الجنة ويسلبها ممن يشاء، متخيلاً أن الرأي العام العربي رهن إشارة هذه الكيانات مسلّماً لها بكل ما تدعيه.
إن ما كشف عنه المحامي الأمريكي، المعروف بدفاعه المستميت عن إسرائيل في وسائل الإعلام ألن درشوبيتس، من خلال مقالته التي نشرها في موقع "ذا هيل" الإخباري، عن زيارته للعاصمة القطرية الدوحة مؤخراً بناءً على دعوة ممولة بالكامل من تميم بن حمد، يوضح لنا المستوى المنحط الذي وصل له تنظيم الحمدين في استعانته بشخصيات إعلامية مشبوهة معروف عنها عداؤها لفلسطين ودعمها لإسرائيل في الولايات المتحدة، لكي تحاول تبييض صورة هذا النظام الذي تلطخت يداه وجيوبه بدعم الإرهاب في العالم العربي، لتصّور للرأي العام العالمي والأمريكي خاصة، بأن "تنظيم الحمدين" هو ذلك الحمل الوديع الذي يحيط به الأشرار من كل جانب "كما يحيط العرب بإسرائيل"، بحسب وصف درشوبيتس، والذي كشف أنه خلال الزيارة سمع من مسؤولين كبار في قطر "تصريحات إيجابية" إزاء إسرائيل، ورغبة منهم بتحسين العلاقات معها.
وأضاف درشوبيتس المدافع عن إسرائيل في مقاله قائلا: "في حين رفضت السعودية، مؤخراً، السماح لفريق رياضي إسرائيلي بدخول أراضيها للمشاركة في بطولة الشطرنج العالمية، تسمح قطر للرياضيين الإسرائيليين بالمشاركة في المسابقات الدولية التي تقام في العاصمة الدوحة منذ سنوات"، ويقصد هنا مشاركة لاعب التنس الإسرائيلي دودي سيلع في بطولة قطر المفتوحة للتنس التي حضر مبارياتها تميم بن حمد.
بهذه المناسبة لنعد قليلاً إلى شهر ديسمبر الماضي، حيث نشرت صحيفة العرب القطرية خبراً بعنوان "300 عالِم يوقعون ميثاقاً بحرمة التطبيع مع الاحتلال" عبر مؤتمر عُقِد في إسطنبول التركية لمقاومة التطبيع، وشارك فيه "عدد من الكيانات الإخونجية مثل "رابطة علماء المغرب العربي"، و"رابطة علماء أهل السنة"، و"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، و"رابطة علماء فلسطين"، و"دار الإفتاء الليبية"، وغيرها، ونص الميثاق على فقرة جاء فيها "التطبيع مع الكيان الصهيوني حرام شرعاً لمناقضته مقتضيات الإيمان ولوازمه، والقائمة على الولاء للمؤمنين ووجوب نصرتهم".
واستشهاداً بقول "من فمك أدينك" يحق لنا أن نسأل "العلماء" الذين اجتمعوا في إسطنبول الشهر الماضي، هل ينطبق نص التحريم الشرعي الوارد في ميثاقكم على خطوات الهرولة والتطبيع التي يقوم بها "تنظيم الحمدين" مع إسرائيل؟ وأين فتاواكم من التقارب العلني والسري وخطوات التطبيع ما ظهر منها وما بطن بين ربيبكم القطري والكيان المحتل؟.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة