استمر ارتعاد فرائص "قوى الشر" من القاهرة مروراً بلندن ووصولاً إلى واشنطن
منذ إعلان الديوان الملكي السعودي عن زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان إلى مصر وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، أعلن تحالف "قوى الشر" الممثل في إيران وقطر والإخوان عن استنفارهم اللامتناهي لتدارك النتائج المرتقبة من هذه الجولة لولي العهد السعودي، وتابع الجميع ذلك الإسفاف وتلك السطحية في التناول الإعلامي للجولة عبر منصات طهران والدوحة واسطنبول.
لكن في المقابل كان النجاح الباهر والاهتمام الرسمي والشعبي والإعلامي هو العنوان الأبرز لزيارات الأمير الشاب، ذلك النجاح الذي تُرجم من خلال إطلاق مشاريع اقتصادية وتنموية وفكرية في مصر، تكللت بزيارة سموه للأزهر الشريف والكنيسة القبطية، لتعلن للجميع أن التسامح والوسطية والتعايش المشترك مع مختلف الديانات والثقافات في المنطقة هو الرهان الذي تراهن عليه القيادة في المملكة العربية السعودية.
اتفاقيات ومشاريع واستقبال ملكي كان ما ينتظر الأمير محمد بن سلمان في بريطانيا، ذلك الاستقبال الذي أغاظ قوى الشر، وهي التي قد عوّلت كثيراً على الأموال القطرية في تمويل الإعلانات وشراء المرتزقة للتظاهر على أمل إظهار أن هناك معارضة واسعة لسياسات المملكة والأمير محمد بن سلمان، ولكن خابوا وفشلوا كعادتهم، فلم يلقَ لهم الإعلام البريطاني أي بالٍ، وحظيت صورة ولي العهد السعودي وهو يطوّح بـ"البشت" على اهتمام يفوق كل تلك الإعلانات والمظاهرات التافهة لمرتزقة الحمدين، وشراذم الإخونجية وعملاء طهران في لندن .
حان الوقت لكي يعرف الأمريكان تلك العلاقة التي بقيت طَي الكتمان لعقود بين القاعدة ونظام طهران، تلك العلاقة التي لم يتطرق لها الإعلام الأمريكي أبداً، وظل لسنوات منذ 11 سبتمبر يتوهم بأن بن لادن ألدّ أعداء طهران بينما هم في الواقع أقوى الحلفاء في تدمير سمعة الإسلام والمسلمين في المجتمع الأمريكي والعالم.
استمر ارتعاد فرائص "قوى الشر" من القاهرة مروراً بلندن ووصولاً إلى واشنطن، حيث سبق وصول ولي العهد إليها بذلك الحوار المميز والصريح مع قناة "CBS" الأمريكية، والذي كان قوياً في تأثيره على متخذي القرار وصنّاع السياسة ورموز المجتمع الأمريكي، ذلك التأثير الذي كان بمثابة إعلان بفشل كل المحاولات البائسة لتنظيم الحمدين من خلال تلك المليارات التي دُفعت لشركات العلاقات العامة ولعقود الأسلحة وغيرها من الصفقات الوهمية؛ بهدف دفع "أزمة قطر" إلى الواجهة في الإعلام الأمريكي، إلا أن حوار محمد بن سلمان مع القناة الأمريكية شكّل صفعة قوية للدوحة، حيث لم يذكرها سموه ولو حتى بشكل غير مباشر في هذا الحوار، ليؤكد من جديد بأنها قضية تافهة جداً جداً جداً.
في المقابل حمل لقاء الأمير محمد مع القناة الأمريكية العديد من الرسائل التي كان وقعها مؤلماً على الطرفين الآخرين من "قوى الشر"، وأعني هنا الإخونجية وإيران، حيث كانت الرسائل واضحة للإعلام الأمريكي وقبلها لرموز السياسة الأمريكية في البيت الأبيض والبنتاجون والكونجرس بأن المملكة لن تتهاون أبداً مع أي تهديد يستهدف أمنها واستقرارها وقبل ذلك دينها، وأن القيادة السعودية لن تسمح بأن يتم اختطاف سمعة الإسلام والمسلمين من قبل "قوى الشر"، وأنه قد حان الوقت لكي يعرف الأمريكان تلك العلاقة التي بقيت طَي الكتمان لعقود بين القاعدة ونظام طهران، تلك العلاقة التي لم يتطرق لها الإعلام الأمريكي أبداً، وظل لسنوات منذ 11 سبتمبر يتوهم بأن بن لادن ألدّ أعداء طهران بينما هم في الواقع أقوى الحلفاء في تدمير سمعة الإسلام والمسلمين في المجتمع الأمريكي والعالم.
الركن الثالث لقوى الشر، وهي جماعات الإرهاب، وبالتحديد تنظيم الإخوان هو أيضاً تضرر من ثمار جولة محمد بن سلمان، هذا التنظيم الذي كان ولا يزال يحاول إلصاق صفة التشدد والغلو والتطرف بالمجتمع السعودي، ومروّجاً للعالم بأن هذا المجتمع سيرفض أية خطوات نحو الإصلاح والانفتاح الثقافي، بعد أن فرض الإخوان ومن سار في ركبهم، أنفسهم طوال العقود الأربع الماضية بأنهم حرَّاس للفضيلة، وأنهم حماة الشريعة، وأدخلوا أجيال المنطقة منذ نهاية السبعينيات بالتزامن مع ثورة الخميني في ظلمات الجهل والغُلو والتشدد الذي عانت منه المنطقة، من خلال أولئك الذين أطلقوا على ذواتهم لقب الدعاة، وسيطروا على النظام التعليمي ليخرّجوا أجيالاً مؤمنة بأفكارهم ومعتقداتهم المتشددة البعيدة عن سماحة الإسلام وعالميته، وهو ما أشار له الأمير محمد بن سلمان في اللقاء بقوله "عناصر من الإخوان المسلمين اخترقت نظامنا التعليمي، ولا توجد دولة تقبل أن يكون نظامها التعليمي مُخترقاً من جماعة راديكالية".
أولى ثمار زيارة الأمير محمد بن سلمان وأثرها في مراكز اتخاذ القرار الأمريكي تمثل في رفض غالبية أعضاء مجلس الشيوخ لمشروع قانون بإنهاء المشاركة الأمريكية في عملية "إعادة الأمل" في اليمن، وهو المشروع الذي تغنّت به قوى الشر أملاً في أن يمثل لهم في حال إقرار المشروع، مادة دسمة ووليمة شهية يتسابقون على التهامها واستفراغها حقداً وخسة للتشويش على النجاح المسبق لزيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، لكن هيهات لهم ذلك، فها هو الشباب السعودي والعربي يترقب نتائج هذه الزيارة وانعكاساتها الإيجابية على مستقبل التعليم والابتكار والاقتصاد والأمن للأجيال المقبلة، والتي بلاشك أنها لا تهم السعوديين وحدهم فقط، بل تترقبها عيون وأفئدة الشباب العربي، وتخشاها وتتألّم منها "قوى الشر" التي لا تريد لأمتنا إلّا الذل والهوان والتخلُّف.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة