محكمة النقض المصرية طلبت من النائب العام التحقيق حول دور حمد بن جاسم في قضية تخابر، فما الذي يفصل القاهرة عن محاكمته؟
حدد خبراء في القانون الجنائي بمصر، 3 خطوات قانونية، تمكن القاهرة من ملاحقة رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني في قضية التخابر مع قطر، في حال ثبوت التهم عليه.
وكانت محكمة النقض المصرية (أعلى هيئة قضائية في البلاد) قد وجهت النائب العام بالتحقيق في ضلوع حمد بن جاسم في ممارسات تضر بالمصالح العليا لمصر، خلال فصلها في القضية المعروفة إعلاميا بـ"قضية التخابر مع قطر" المتهم فيها الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي وقادة آخرون في الجماعة الإرهابية.
وأيدت محكمة النقض، السبت، معاقبة الرئيس المعزول مرسي بالسجن المؤبد في قضية التخابر مع قطر، وطلبت المحكمة من النائب العام التحقيق حول دور حمد بن جاسم في القضية.
ونص منطوق الحكم على توجيه النائب العام "لاتخاذ اللازم نحو التحقيق، والتصرف فيما نسب إلى رئيس قناة الجزيرة وإلى حمد بن جاسم من أفعال ووقائع تنطوي على جرائم جنائية مؤثرة بشأن التخابر على دولة أجنبية، والإضرار بمصلحة البلاد الحربية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وإعطاء مبالغ مالية بقصد ارتكاب أعمال تضر بالمصلحة القومية للبلاد".
محاكمة المتخابرين
اللواء رفعت عبد الحميد، خبير العلوم الجنائية ومساعد وزير الداخلية الأسبق، قال لـ"بوابة العين" الإخبارية: نحن بصدد جناية منصوص عليها صراحة في القانون المصري، وتحديدا في الباب الأول في العقوبات ويسمى الجنايات والجنح المضرة بأمن الدولة بالخارج، وعليه من حق القانون الجنائي المصري أن يمتد اختصاصه خارج حدود الدولة طالما الجريمة وقعت على السلطات أو على الشعب المصري أو الأمن القومي.
ويضيف: لسنا أمام تخابر لصالح دولة عربية، ولكن النص التشريعي واضح وصريح، وهو أن السعي بمقابل أو دون مقابل للتخابر ضد مصر هو جريمة معاقب عليها بنص قانون الجنايات، حتى لو رفضت الدولة التي يحمل المتهم جنسيتها هذا السعي أو هذه المعلومات؛ فالجريمة وقعت.
يتفق معه شوقي السيد أستاذ القانون الجنائي بمصر، قائلا لـ"بوابة العين": القانون المصري يمكن أن يحاكم أي شخص أجنبي أو غيره متهم أصلي أو شريك، وبالتالي يمكن تكليفهم بالحضور، وعند غيابهم يتم تكليف الإنتربول بإحضارهم، هذا حق مصري أصيل يكفله القانون المصري والقانون الدولي العام.
خيارات مصر
يقول اللواء رفعت عبد الحميد: من حق القاضي وهو الخبير الأعلى والفاصل في الموضوع، أن ينتدب حمد بن جاسم أمام النائب العام في القاهرة ليسمع شهادته التي قد تأتي بجناة جدد، وهذا الأمر يوكل إلى وزارة الخارجية المصرية وتخطر بها جامعة الدول العربية وكذلك السفير القطري بالقاهرة، بهدف سرعة تنفيذ قرار هيئة المحكمة الموقرة إعمالا بالقانون الوضعي المصري.
ويردف: الخارجية القطرية والسفير القطري ملزمان بسرعة الرد وإعلان موعد حضور حمد بن جاسم، وفقا لطلب المحكمة.
وحول خيارات مصر في حال رفض التنفيذ، تابع "عبد الحميد": أما إذا رفض التنفيذ، فستتم المعاملة بالمثل طبقا للمواثيق الدولية والمعاهدات الدولية، بمعنى أن محكمة النقض ليست مصرية فقط؛ فهي ضمن مجموعة المحاكم العالمية، وعليه من حقها أن تشتكي أو تتظلم لمحكمة النقض الدولية من أجل محاكمة دولة قطر.
في الاتجاه ذاته، قال "شوقي السيد" إنه "في حال فشل جميع المساعي التي تسمح بالتحقيق مع حمد بن جاسم، وتمت مباشرة التحقيقات من النيابة العامة دون امتثاله، وذهبت كل الأدلة لإدانته؛ فمن حق محكمة الجنايات حينها (عند تحويل القضية لها) الحكم على حمد بن جاسم غيابيا، وملاحقته ستكون موكلة للإنتربول لتضعه على النشرة الحمراء وقوائم المطلوبين، وفق اتفاقيات التعاون الدولي لتبادل المتهمين".
من جانبه، يرى مختار غباشي، أستاذ القانون الجنائي، ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية ، أن مصر تملك خيار طلب تسليم حمد بن جاسم جنائيا على اعتبار أنه مطلوب في جناية مرتبطة بالأمن القومي المصري، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذه أول سابقة من نوعها في الحكم الجنائي تتعلق بمحاكمة مسؤول بدولة أخرى.
3 خطوات قانونية
طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية قال لـ"بوابة العين"، إن ما فعلته محكمة النقض من ضم لحمد بن جاسم في نهاية حكمها، هو حق أصيل، تقرره بعدما انتهت من مناقشة الشهود، والاطلاع على كل الأدلة، وبالتالي ارتأت أن توجه النائب العام لإحالة جاسم للقضية؛ ما يترتب عليه توجه النائب العام للنيابة بالبدء في التحقيق في دور حمد بن جاسم.
الخطوة الثالثة والأخيرة، هي أن تحيل النيابة القضية لمحكمة جنايات أخرى توجه له الاتهامات، وعليه يكون الحكم غيابيا، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه في حال صدور حكم أول؛ فإنه من حق مصر ملاحقة رئيس وزراء قطر دوليا.
الخطوات القانونية الثلاث، اتفق عليها الخبيران القانونيان مختار غباشي وشوقي السيد، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن هذه الخطوات مبنية على المعلومات الأولية التي ارتأتها محكمة النقض؛ ما دفعها لطلب ضم كل رئيس قناة الجزيرة وحمد بن جاسم.
من جانبه، رأى عبد الحميد أن رفض حمد بن جاسم المثول أمام النيابة العامة، أو تكليف محامٍ للدفاع عنه، طوال فترة التحقيقات، قرينة على إدانة حمد بن جاسم، ترجح ما ستنتهي إليه القضية، لا سيما في ظل التحقيقات الأولية المرتبطة بإفشاء المتهمين لأسرار الدولة العسكرية وتسريب وثائق الأمن القومي لدولي قطر.
ووجهت تحقيقات النيابة المصرية في القضية لجميع المتهمين إفشاء أسرار الدولة العسكرية وتسريب وثائق الأمن القومي لدولة قطر.
كما اختلسوا الوثائق الصادرة من أجهزة المخابرات العامة والحربية والقوات المسلحة وقطاع الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية، والتي تتضمن معلومات وبيانات تتعلق بالقوات المسلحة وأماكن تمركزها وسياسات الدولة الداخلية والخارجية، وكان ذلك بقصد تسليم تلك الأسرار وإفشائها إلى قطر.
aXA6IDMuMTQyLjEzMS41MSA= جزيرة ام اند امز