"خروقات مزعومة".. تصعيد قطري يضرب مساعي تعزيز الحوار الخليجي
إصرار قطري على ضرب مساعي تعزيز الحوار الخليجي وتعكير الأجواء الإيجابية بالمنطقة قبيل القمة الخليجية المرتقبة بالرياض خلال أيام.
فلم تكتفِ قطر بالتحرش بزورقين بحرينيين وتوقيفهما يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ثم إيقاف طراد بحريني في منطقة "فشت الديبل" على متنه 3 بحارة وإحالتهم للمحاكمة في الدوحة قبل أيام.
ولم تكتف أيضا بتحريض إعلامها وعلى رأسه قناة "الجزيرة" بشن حملة افتراءات وأكاذيب ضد دول الرباعي العربي تصاعدت وتيرتها منذ إعلان الكويت 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن مباحثات "مثمرة" لتعزيز الحوار الخليجي.
بل أعلنت، الخميس، أنها أبلغت مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة عن خروقات جوية مزعومة لطائرات مقاتلة بحرينية للأجواء القطرية، في تصعيد قطري غير مسؤول.
خطوة جديدة يراها المتابعون إنه لا يمكن تبريرها ولا تفسيرها إلا بأنها تأتي في إطار مسار محدد تسير فيه الدوحة لتخريب أجواء تعزيز الحوار الخليجي، قبيل القمة المرتقبة في الرياض 5 يناير/كانون الثاني المقبل.
وأشاروا إلى أنه كلما شهدت المنطقة أي تقدم إيجابي يعزز الحوار الخليجي تبادر الدوحة لتخريبه بسلوك استفزازي أو تصرفات لا مسؤولة.
تصعيد جديد
وفي الوقت الذي تسود المنطقة أجواء إيجابية لتعزيز الحوار الخليجي قبيل القمة المرتقبة في الرياض خلال أيام، وخصوصا بعد التصريحات الإيجابية لكل من الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية، ووزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني، بادرت الدوحة بتوتير الأجواء في المنطقة مجددا كعادتها.
وغرد د. أنور قرقاش مساء الأربعاء قائلا :"نتطلع إلى قمة ناجحة في الرياض نبدأ معها مرحلة تعزيز الحوار الخليجي."
وأردف :"إدارة المملكة العربية السعودية الشقيقة لهذا الملف موضع ثقة وتفاؤل، ومن الرياض عاصمة القرار الخليجي نخطو بمشيئة الله خطوات تعزيز الحوار الخليجي تجاه المستقبل."
في السياق نفسه قال الدكتور عبداللطيف الزياني وزير الخارجية أن مملكة البحرين سوف تستضيف يوم الأحد المقبل عبر الاتصال المرئي اجتماع المجلس الوزاري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحضيرا للدورة الحادية والأربعين لقادة دول مجلس التعاون التي ستستضيفها الرياض.
وقال الدكتور الزياني إن "مملكة البحرين تتطلع إلى قمة تؤدي إلى مرحلة تعزيز الحوار الخليجي تحقيقاً للأهداف المرجوة في المستقبل. "
لم تمر ساعات على تلك التصريحات الإيجابية، إلا وأعلنت وكالة الأنباء القطرية، اليوم الخميس، أن الدوحة أبلغت مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن خروقات جوية مزعومة من قبل أربع طائرات مقاتلة بحرينية زعمت أنها اخترقت المجال الجوي لدولة قطر فوق المياه الإقليمية القطرية يوم الأربعاء 9 ديسمبر الجاري.
تصرف قطر يأتي قبل أيام من القمة الخليجية المرتقبة في الرياض، والتي تترأس البحرين دورتها القادمة، في سلوك يبدو أنه يستهدف توتير الأجواء قبيل القمة المرتقبة، وتعكير الأجواء الإيجابية التي استبقت القمة وتستهدف تعزيز التضامن الخليجي.
كل هذا يكشف إصرار قطر على الإبحار في الاتجاه المعاكس لمصالح منظومة مجلس التعاون الخليجي وبالمخالفة للاتفاقيات الموقعة في هذا الصدد، الأمر الذي يتسبب في تهديد الأمن والسلم في منطقة الخليج العربي.
البحرين وقطر.. مقارنة واجبة
تصعيد قطري مباشر إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة في الوقت الذي ردت فيه البحرين على استفزازات قطر ضد صياديها عبر التوجه للأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لمعالجة السلوكيات القطرية في إطار البيت الخليجي.
وفي إطار تمسكها بالحكمة كمنهج لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، واجهت المنامة استفزازات قطر بحكمة وهدوء.
ففي إطار سياستها الاستفزازية تجاه البحرين والسير عكس تيار التهدئة رغم التحذيرات المتكررة، عاودت قطر العبث بأمن المنطقة، بعد قيام دوريات أمن السواحل بإيقاف طراد بحريني في منطقة "فشت الديبل" على متنه 3 بحارة وإحالتهم للمحاكمة في الدوحة قبل أيام.
تلك الواقعة حذرت على إثرها وزارة الداخلية البحرينية، 12 ديسمبر الجاري، قطر من استمرارها في الممارسات الاستفزازية ضد الصيادين البحرينيين، وبدأت تحركات برلمانية لوقف تلك الانتهاكات.
وكشف رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب البحريني، محمد السيسي البوعينين، أن التحرك البرلماني يهدف إلى إعداد ملف شامل حول الانتهاكات القطرية بحق الصيادين البحرينيين، والذي سوف يُحال إلى السلطة التنفيذية لتقديمه إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
سلوك قطري ليس جديدا على الدوحة التي أقدمت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي على التحرش بزورقين بحرينيين تابعين لخفر السواحل بعد انتهاء مهمتهما في تمرين "المانع البحري"وتوقيفهما.
أيضا تعكس تلك السلوكيات إصرارا قطريا على استهداف البحارة من المواطنين البحرينيين في أرواحهم وأرزاقهم، ليضاف إلى سلسلة الانتهاكات الصارخة لمبادئ الأخوة وحُسن الجوار، وكل القيم والأعراف والتقاليد والمواثيق الخليجية والدولية.
وعلى الرغم من أن قطر ما زالت تحتجز حتى اليوم 47 قارب صيد بحرينيا، دعا مجلس الوزراء البحريني في جلسته يوم 21 ديسمبر الجاري إلى الحوار مع قطر، في خطوة تعكس حسن نوايا البحرين.
وأكد مجلس الوزراء البحريني أهمية التفاوض الثنائي المباشر مع قطر للوصول إلى اتفاق بشأن استمرارية السماح للصيادين بالبلدين من ممارسة نشاطهم، وفق ما هو متعارف عليه منذ عقود، وبما يعود بالخير على مواطني البلدين، ويعزز من التعاون الخليجي المشترك.
وفي المقابل، ردت قطر على حكمة البحرين في معالجة استفزازاتها بتصعيد جديد، محاولة توتير الأجواء في المنطقة بالشكوى إلى مجلس الأمن عن اختراقات مزعومة لمقاتلات بحرينية، في سلوك يكشف النوايا الحقيقية لدولة قطر.
مؤامرة إعلام قطر
تلك النوايا ظهرت أيضا في الحملة المنظمة المليئة بالإفتراءات والإساءات التي يشنها إعلام قطر وتقودها قناة "الجزيرة" ضد دول الرباعي العربي المقاطع للدوحة.
وتصاعدت وتيرة تلك الحملة منذ إعلان الكويت 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن مباحثات "مثمرة" لتعزيز الحوار الخليجي، وهو ما يعني أنها تستهدف بشكل واضح إفشال جهود الكويت، وعرقلة سبل الوصول لحل للأزمة.
ومن خلال رصد لـ"العين الإخبارية" لمحتوى وسائل إعلام قطر أو الممولة منها وبخاصة قناة "الجزيرة" ، على مدار الأيام القليلة الماضية، يلاحظ أن تلك الحملة تستند إلى عدة محاور، أبرزها:
المحور الأول: توجيه جميع برامج قناة "الجزيرة"، وما يدور في فلكها نحو هدف محدد تسعى لتكريسه وعرضه باستمرار والإلحاح فيه، هو وجود خلاف بين دول الرباعي العربي بشكل عام وبين السعودية والإمارات بشكل خاص، في ملف أزمة قطر.
المحور الثاني: حملة تشويه وإساءات منظمة لرموز وقادة دول الرباعي العربي، خصوصا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
المحور الثالث: محاولة خلط متعمد لمسارات الأمور على غير الحقيقة، عبر الهجوم المتواصل على معاهدات السلام مع إسرائيل، وربط ذلك بمسار الأزمة الخليجية، في تزييف واضح للأحداث ومحاولة تضليل متعمدة.
المحور الرابع: وجود محاولة تحريض منظمة ضد سياسات الدول الأربع واستمرار التدخل في شؤونها والتحريض على سياساتها، على خلفية أحكام قضائية صادرة في تلك الدول، أو سياساتها لدعم وأمن واستقرار المنطقة من خلال التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
المحور الخامس: الاستمرار القطري في تطبيق نهج "رمتني بدائها وانسلت"، وذلك عبر رمي جيرانها باتهامات باطلة محاولة الدرء عن نفسها ما تنتهجه من سياسات، حيث يقوم إعلام قطر بكل ما من شأنه عرقلة المصالحة الخليجية، ثم ترمي بتلك الاتهامات الدول الأخرى.
حملة الإساءات والإفتراءات ظهرت خلال الأيام الماضية، عبر برامج أعدت خصيصا لهذا الغرض، من بينها برنامج "المتحري"، الذي قدم أولى حلقاته الإخواني جمال المليكي، والذي كشف التعاون بين قطر والمليشيات الحوثية، سعيا لتشويه جهود الإمارات الخيرة في اليمن.
كما ظهرت في برنامج تزييف الحقائق في قناة "الجزيرة" المعروف باسم "ما خفي أعظم"، وتضمنت آخر حلقات البرنامج الذي تم بثه مساء الأحد الماضي، تحت اسم "شركاء التجسس" أكاذيب وافتراءات بالجملة ضد السعودية والإمارات.