الشيخ الطبلاوي.. آخر عباقرة دولة التلاوة
الكاتب الراحل محمود السعدني يرى أن صوت "الطبلاوي" يذكر بالعباقرة الأوائل علي محمود، ومحمد رفعت، وعبدالباسط عبدالصمد
مع رحيل القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي، الثلاثاء، يغيب الصوت الذي وصفه الكاتب الراحل محمود السعدني بـ"عبقري التلاوة"، في كتابه الشهير "ألحان السماء" الذي يعد أحد أهم المراجع التي تؤرخ لسير وحياة قراء القرآن الكريم في مصر، على مدى قرن كامل.
ونعى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، الشيخ الطبلاوي الذي وافته المنية، الثلاثاء، كما نعته دار الإفتاء وهيئات دينية وشعبية في مصر، ووصفه شيخ الأزهر بـ"أبرز أعلام تلاوة القرآن الكريم في مصر والعالم، والصوت الذي يقصده الناس للتدبر في آيات الذكر الحكيم".
وسعى محمود السعدني في كتابه إلى ربط صعود القراء المصريين بحركة النهضة المصرية التي أعقبت ثورة 1919، معتبراً أن عظماء التلاوة هم إفراز لعصر كامل شهد تنوعاً في الإنتاج الفني والثقافي.
وكان أغلب قراء القرآن الكريم والمنشدين من كبار العارفين بالموسيقى الشرقية ومقاماتها، لذلك اتسمت أساليبهم في القراءة بالتنوع والثراء، ونالت شعبية كبيرة على صعيد عربي بفضل الإذاعات المصرية التي كانت تعتمد اعتماداً كبيراً على هؤلاء القراء الذين كانوا سفراء خارج مصر.
يقول "السعدني": "ليس بين الأصوات الموجودة حالياً إلا قارئ واحد تستطيع أن تضعه في مصاف العباقرة، وهو الطبلاوي، وإلى جانبه يوجد بعض الموهوبين، ثم لا شيء بعد ذلك سوى أصوات نحاسية، ثم مقلدين، والتقليد هو نوع من التزييف".
ويرى "السعدني" أن صوت "الطبلاوي" يذكر بالعباقرة الأوائل علي محمود، ومحمد رفعت، وأحمد ندا، والشعشاعي، ومصطفى إسماعيل، وعبدالباسط عبدالصمد، إنه حبة من السبحة العظيمة، وهو لمبة في الثريا البهية التي تجمع هؤلاء في دولة التلاوة".
ويؤرخ "السعدني" لحياة "الطبلاوي" قائلاً: "بدأ حياته موظفاً بإحدى الشركات، وكانت وظيفته هي قراءة القرآن ورفع الأذان في مسجد الشركة، ولم يحقق الشهرة التي يستحقها لأنه عجز في البداية عن الوصول إلى أجهزة الإعلام".
ويضيف: "كان السبب في شهرته تلك التسجيلات التي سجلتها له إحدى شركات إنتاج الاسطوانات، والتي كان يتولى الإشراف عليها الشاعر مأمون الشناوي، الذي صرخ عند سماع الطبلاوي قائلاً: هذا الشيخ سيكون هو قارئ الزمن الآتي".
وأدت هذه الأسطوانات إلى انفجار شهرة الطبلاوي كالبركان، بحسب ما أكده "السعدني"، الذي نقل عن الشاعر العراقي حميد سعيد قوله: "عندما أستمع إلى الطبلاوي وهو يقرأ، أنفجر باكياً لأن صوته يحمل هموم وأحزان كل العرب القدامى والمحدثين".
ومأمون الشناوي (28 يناير/كانون الثاني 1914 - 27 يونيو/حزيران 1994) ، هو أحد أبرز شعراء مصر، وتغنت أم كلثوم بـ4 أغانٍ عاطفية من كلماته؛ هي "أنساك يا سلام" و"كل ليلة وكل يوم" و"بعيد عنك" و"ودارت الأيام".
أما محمود السعدني (20 نوفمبر/تشرين الثاني 1928 - 4 مايو/أيار 2010)، فهو أحد أبرز الصحفيين المصريين من جيل الستينيات، اشتهر بكتاباته الساخرة إلى جانب أعماله القصصية.