الذكرى الـ10 لفض رابعة.. نقطة النهاية في طريق إرهاب الإخوان بمصر
"النقطة الأخيرة الحاسمة في تاريخ جماعة الإخوان في مصر".. هكذا هو فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس/آب 2013.
هذا ما أجمع عليه عدد من السياسيين والخبراء في شؤون حركات الإسلام السياسي، في قراءتهم لوضع التنظيم ومصيره ومآلاته، في الذكرى العاشرة لفض اعتصام رابعة بمصر.
- حكم نهائي.. المؤبد لـ"بديع" و10 سنوات لنجل مرسي في فض رابعة
- شائعات الإخوان تصل رئيس مخابرات مصر الأسبق..وإعلامي بارز يرد بالحقيقة
ووصف هؤلاء الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، يوم الفض بأنه "صدمة تاريخية للجماعة"، و"يوم مفصلي في تغيير مساراتها واختياراتها"، حيث اختارت الصدام مع الدولة والمجتمع.
وأشاروا في الوقت ذاته إلى أن "التنظيم عانى طيلة 10 سنوات من توالي الخسائر والانقسامات والصراع داخل قمة هرم الإخوان على المال والقيادة والسلطة، إضافة إلى الضربات الأمنية القاصمة للتنظيم".
وفضت قوات الجيش والشرطة المصرية في 14 أغسطس/آب 2013 الاعتصام المسلح للتنظيم، في ميدان رابعة العدوية، في حي مدينة نصر شرقي القاهرة، منهية 55 يوماً من خطاب الإرهاب الدموي الذي كان يخرج من منصتي اعتصامي النهضة بالجيزة (غرب القاهرة) وميدان رابعة العدوية.
خسائر سياسية واقتصادية وتنظيمية
وفي مآلات تنظيم الإخوان ومصيره بعد 10 سنوات من ذكرى فض الاعتصام، قال الكاتب الصحفي هشام النجار، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن "تنظيم الإخوان تراجع كثيرا على كل المستويات فقد خسر سياسيا، وفشلت تجربته في الحكم في دول مصر وتونس والمغرب، واقتصاديا عقب تجفيف مصادر ثروته الرئيسية بالمنطقة".
وأردف: "كما خسر الإخوان على مستوى التنظيم، بعد أن تفكك وانقسم وتشرذم ولم يعد حضوره ونفوذه في معاقله الرئيسية كالسابق ويكاد يكون متنفسه حاليا في دول أوروبا وبعض دول آسيا مثل ماليزيا وبعض دول أفريقيا".
وتابع: "بعد 10 سنوات من ذكرى فض اعتصام رابعة، بات تنظيم الإخوان منقسما إلى 3 جبهات تتصارع على المال والسلطة ومقاليد السيطرة على الجماعة؛ الأولى هي: جبهة إسطنبول التي يقودها محمود حسين الأمين العام السابق، والثانية: جبهة لندن؛ أما الثالثة فهي جبهة المكتب العام أو تيار التغيير".
وأبرز الكاتب الصحفي، أن "يوم فض الاعتصام كان حاسما في إنهاء وجود الإخوان في مصر، بعد أن كشف التنظيم على حقيقته أمام من كان يغرر بهم، ويخدعهم من بسطاء الناس، حيث تبين للجميع أن شعارات التنظيم كاذبة، وأنه غرر بالكثيرين، ووضعهم في المواجهة والصدام مع الأجهزة الأمنية لحماية التنظيم وقادته الذين لاذوا بالفرار".
ونوه بأن "2013 يظل العام الأصعب على الجماعة، بعد عزلها عن السلطة في مصر ما أدى لتوالي أزماتها في كل دول المنطقة، بل طالت حضورها في أوروبا".
ووفقا للنجار، فقد "كشفت طبيعة الأحداث الخطيرة وتفاصيلها وفقا لما جاء في أوراق القضايا والتحقيقات، وما جرى في الكواليس؛ كيف أن الجماعة أمعنت في موالاتها وتبعيتها لأجهزة وجهات خارجية، وكيف عملت على شق المجتمع، وتغذية الانقسام داخله".
كما عملت على "إثارة الفتن والنعرات الطائفية، موظفة كل التكفيريين المسلحين؛ لتنفيذ مخططاتها، ضمن محاولاتها المستميتة لاستعادة كرسي الحكم، والتواجد على الساحة السياسية المصرية".
صدمة تاريخية
ومن جهته، وصف الدكتور عمرو عبد المنعم، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، يوم فض اعتصام رابعة، بأنه "يوم الصدمة التاريخية للجماعة".
وأوضح عبد المنعم أن "يوم الفض كان يوما مفصليا في تغيير مسارات الجماعة واختياراتها، حيث اختارت الصدام مع الدولة والمجتمع".
وأشار إلى أن "المجتمع هو من يرفض التعامل مع الجماعة الآن، بل إن بعض قواعد الجماعة في الداخل والخارج، تحاول فك القيد لكنها تحتاج مزيد من الرؤية التي ستتضح في الأيام المقبلة".
ووفقا لتأكيد عبد المنعم: "فإنه منذ ذلك اليوم، لا تزال الضبابية تحكم جماعة الإخوان، حيث تعاني الجماعة من خلل في فهم التاريخ والواقع والمستقبل، وانغلاق شديد، وعدم تقدير للرؤية المستقبلية".
كما لمح إلى أنه "بعد 10 سنوات من انتهاء فض اعتصام رابعة قام التنظيم بإعادة تموضع مرة أخرى في عقلية المظلومية، أو العقلية المرتبطة بالاضطهاد، فقام بتوسيع مفهوم من الاضطهاد".
وقال في هذا السياق، إن "تنظيم الإخوان خرج بهذه المظلومية من رابعة والنهضة، وذهب إلى المنافي، وأقام درعا آخر من المظلومية وبدأ يتحدى المجتمع، ويوجه رسائله له بأنه لماذا تركتمونا نواجه مصيرنا في رابعة والنهضة، إذا أنتم مجتمع فاسد وظالم، وبعضهم رمى المجتمع المصري بالكفر".
لكن المجتمع المصري وحلبة الصراع السياسي، والحديث للخبير المصري، "لا يعترف على الإطلاق بفكرة المظلومية المسيطرة على الإخوان والاضطهاد على مدار التاريخ".
تشتت وانقسام
واتفق سامح عيد الخبير السياسي والمتخصص في شؤون حركات الإسلام السياسي، مع سابقيه، قائلا في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "التنظيم خلال السنوات الماضية عانى من التشتت والانقسام، وصعوبة لملمة جراحه".
ورغم أن "بعض القوى الدولية تعمل على وجود الإخوان كتنظيم دولي، فإن مفاصل التنظيم الأساسية تفككت"، بحسب "عيد"، الذي شدد على أن "التنظيم لن يعود كما كان مرة أخرى، وعودتهم لما سبق في عهد الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك انتهت بغير رجعة".
وقال إن "الإخوان لن يكون لهم أي وجود سياسي مرة أخرى، لكن ربما يحاولون التحرك في ترجيح مرشح معين، حيث لا يزال لهم كتلة على الأرض وخبرة وماكينة انتخابية يمكن إعادة تشغيلها".
لكن الخبير المصري استدرك قائلاً: "لا يمكن أن يحدث الانتهاء بشكل كامل، حيث لا تزال هناك أطراف إقليمية ودولية تريد إعادة إحيائه لأسباب سياسية ومصالح قريبة".
في ملمح آخر، نوّه "عيد" بأن "تنظيم الإخوان استغلّ رابعة والنهضة من أجل العيش في دور المظلومية الذي اعتادوا عليه طيلة تاريخهم".
وبرهن في هذا الصدد، على أن "قادة الإخوان تركوا المحبين والمنتسبين والسلفيين، يموتون في رابعة، وبقي قادة التنظيم، حتى يعيشوا على هذه المظلومية".
"عيد" دلل أيضا على توظيف الإخوان ما جرى ونهجم في العيش على المظلومية، بتأسيسهم جمعية باسم رابعة في إسطنبول، التي جمعوا لها أموالا ضخمة، وتربحوا منها كثيرا، ما ساهم في تضخم ثرواتهم في الخارج، لكن هذا المال كان سببا في الانقسامات خاصة في تركيا.
وتمر الاثنين الذكرى العاشرة، ولاتزال ذكراها مرتبطة بالجرائم التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية وعناصرها، إذ خرج من هذا الاعتصام المسلح خلايا إرهابية أرادت نشر الفوضى في البلاد، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل بسبب يقظة الأجهزة الأمنية ووعي المصريين، الذي أحبط مؤامرات التنظيم.
سجل إرهابي في يوم الفض
وكان تقرير صادر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان أفاد بأن تنظيم الإخوان ارتكب أول جريمة قتل بحق ضابط شرطة يدعى شادي مجدي في صباح يوم 14 أغسطس/آب 2013. حيث قتل بنيران الإرهابيين بعد ساعة واحدة من دعوة الأمن لخروج المعتصمين من رابعة والنهضة عبر الممرات الآمنة. وبعد دقائق من سقوطه، سقط 3 ضباط آخرين من زملائه.
واندلعت معركة عنيفة بين قوات الأمن والمعتصمين المسلحين التابعين لجماعة الإخوان الإرهابية، واستمرت لأكثر من 7 ساعات. كما قام أفراد الجماعة بالهجوم والاعتداء على 180 مركز شرطة و22 كنيسة و55 محكمة ومنشأة عامة في 14 محافظة مصرية، ما أدى إلى مقتل 114 شخصًا. وجرى فرض حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة شهر بقرار من الرئيس المؤقت آنذاك المستشار عدلي منصور.
وتزامنا مع تلك الاشتباكات في رابعة كانت مذبحة كرداسة بالجيزة من أبشع الأحداث، ففي 14 أغسطس/آب 2013، حاصر العشرات من أفراد جماعة الإخوان الإرهابية مركز الشرطة هناك، احتجاجاً على فض الاعتصامين برابعة والنهضة.
واستمر هذا الحصار لمدة 5 ساعات، وخلاله حاول ضباط وأفراد المركز فض التجمهر، لكن الإرهابيين ردوا بإطلاق النار واستخدام أسلحة الـ"آر بي جي" لاقتحام المركز. وبعد ذلك، بدأوا في اعتداءاتهم على رجال الشرطة والتمثيل بهم، مما أدى إلى مقتل 14 ضابطاً وفرد شرطة من قوات المركز.
ولم تكتف الجماعات الإرهابية المسلحة بمهاجمة مركز الشرطة، بل واصلوا جريمتهم بالتمثيل بجثث القتلى من أفراد وضباط الشرطة، وتصوير مقاطع فيديو لعملية التعذيب والقتل باستخدام هواتفهم المحمولة. ثم أشعلوا النيران في المبنى وفروا هاربين بعد سرقة الأسلحة، خاصة من ضباط وأفراد الشرطة.
وتمكنت قوات الأمن في 19 سبتمبر/أيلول 2013، من استعادة النظام في منطقة كرداسة والقبض على 188 متهماً وتقديمهم للمحاكمة.
aXA6IDE4LjExOS4xMDYuNjYg جزيرة ام اند امز