غارات تعقب «مجزرة الكنيسة».. «داعش» يحاصر كوماندا الكونغولية

لم تكن مجزرة الكنيسة الحلقة الأولى ولا الأخيرة في مسلسل معاناة كوماندا الكونغولية مع داعش بل جاءت ضمن اعتداءات عنيفة أودت بحياة الآلاف.
وفجر الأحد الماضي، شهدت البلدة الواقعة في مقاطعة إيتوري شمال شرقي الكونغو الديمقراطية هجوماً داميا استهدف كنيسة كاثوليكية.
ونفذ الهجوم فصيل موال لتنظيم داعش الإرهابي يسمى "القوات الديمقراطية المتحالفة"، وأسفر عن مقتل 43 شخصا على الأقل وخطف عدد من الشبان، في أسوأ اعتداء بالمنطقة بعد أشهر من الهدوء النسبي.
والمجزرة تأتي ضمن سلسلة هجمات متكررة أودت بحياة آلاف المدنيين وزادت من هشاشة الاستقرار في شرق البلد الأفريقي المضطرب، وذلك رغم الحملات العسكرية المشتركة مع أوغندا.
كوماندا تحت النار
لم ينقطع أزيز الرصاص في البلدة حتى بعد المجزرة الشنيعة التي ألقت بظلالها على الشوارع ووجوه المارة فيها، حيث يشن الفصيل غارات متتالية يقول مراقبون إن هدفها ترهيب السكان وإخضاعهم والانتقام من كل من تسول له نفسه التعاون مع القوات الكونغولية وتقديم معلومات عن تحركات مسلحيه.
ومنذ مطلع يوليو/تموز الماضي، أحصت السلطات المحلية أكثر من 30 هجوما استهدف كوماندا في مثلث يمتد على طول أراضي إيرومو ومامباسا، نصفها تقريبا أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه.
وبحسب إذاعة فرنسا الدولية «آر أف آي»، فإن الفصيل يشن هجمات انتقامية تلت هجوما للجيش الأوغندي استهدف أحد المعسكرات الرئيسية لمسلحي الفصيل، والذي بدأ الشهر الماضي في غابات مامباسا.
ولاحقا، صعد الفصيل من هجماته وضغطه على المنطقة وعلى المحور الموجود بالقرب من كوماندا، لدرجة باتت معها البلدة محاصرة بشكل شبه كامل.
التحرك الاستباقي.. ضرورة
نددت منظمات من المجتمع المدني في إيتوري بما وصفه بـ«بفشل التوقع» للقوات المسلحة الكونغولية، مشيرة إلى العدد الضئيل من القوات المنتشرة بهذه المنطقة.
وبالفعل، يتركز الانتشار الأمني للجيش الكونغولي في شمال كيفو هناك حيث كانت تدور مواجهات مع متمردي حركة «23 مارس» المعروفة اختصارا بـ«إم 23».
ويقول مصدر أمني محلي للإذاعة الفرنسية إن «هذا الهجوم كان متوقعا إلى حد كبير».
من جهته، يقول ريغان ميفيري، الباحث بـ«المعهد الكونغولي للأبحاث حول السياسة والحوكمة والعنف»، إن «واشنطن أطلقت تحذيرات لمدة أسبوعين تشير إلى خطر وقوع هجوم إرهابي ضد المواقع الثقافية.
ويضيف ميفيري في حديث للإذاعة الفرنسية أن «طبيعة الهجوم الذي من الواضح أنه تم التخطيط له مسبقا، تكشف أن المهاجمين كانوا يمتلكون معلومات دقيقة وهذا ما يرفع احتمال وجود تواطؤ محلي بصفوف السكان».
سياق أمني
جاء الهجوم بعد أشهر من الهدوء المتقطع في مقاطعة إيتوري، حيث لم تسجل عمليات واسعة منذ فبراير/ شباط الماضي، عندما قُتل 23 شخصا في هجوم مماثل بمنطقة مامباسا.
وحينها، أعرب وزير الخارجية الإيطالي عن إدانته الشديدة، مشددا على ضرورة صيانة أماكن العبادة وحماية الحريات الدينية.
وبلدة كوماندا تعد مركزا تجاريا هاما يربط ثلاث مقاطعات شرقية (تشوبو، شمال كيفو، مانيما)، ما يجعلها عرضة للنزاعات المتكررة بحكم موقعها الاستراتيجي.
فصيل من داعش
تنشط "القوات الديمقراطية المتحالفة" المكونة من متمردين أوغنديين سابقين وتحمل ولاء لتنظيم داعش، في مناطق شاسعة من شمال شرق الكونغو الديمقراطية.
وفي هذه المنطقة المضطربة والغنية بالموارد، نفذ الفصيل عمليات قتل ونهب واسعة النطاق رغم العمليات العسكرية المشتركة بين الكونغو الديمقراطية وأوغندا منذ 2021، والتي لم تفلح بعد في وقف الهجمات الدامية.
وعلى مدى سنوات، تسببت هذه الهجمات في مقتل آلاف المدنيين، كما أعلن داعش مسؤوليته عن بعضها منذ 2019، مما ساهم في تعقيد الوضع الأمني والإنساني في الشرق الكونغولي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز