عبدالله بن مسعود.. الفقيه غزير العلم
الصحابي عبدالله بن مسعود توفي في السنة الـ32 من الهجرة النبوية، وتمّ دفنه في البقيع بعد أن صلّى عليه عثمان بن عفان.
عبدالله بن مسعود بن غافل بن حبيب، يُكنّى بأبي عبدالرحمن الهذلي المكيّ المُهاجريّ البدريّ، كان حليفاً لبني زهرة، وأمه من بني زهرة وهي أمّ عبد بنت عبد ودّ بن سوي.
ورُويَ أنّه كان من أوائل الذي أسلموا، وشارك في غزوة بدر وأُحد والخندق وبيعة الرضوان وغيرها من الغزوات وهاجر الهجرتين.
وروى عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، الحادثة التي جعلته مؤمناً برسالة محمد عليه الصلاة والسلام، حيث قال: "كنتُ غلاماً يافعاً أرعى غنماً لعقبةَ بنِ أبي معيطٍ، فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ وأبوبكر رضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ، وقد فرا من المشركينَ، فقالا: يا غلام هل عندَك من لبن تسقينا؟ قلت: إنّي مؤتَمنٌ ولستُ ساقيَكما فقال النبي: هل عندَك من جزعةٍ لم ينزِ عليها الفحل؟ قلت: نعم فأتيتُهما بها فاعتقلها النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، ومسح الضرعَ ودعا فحفلَ الضرعُ.
ثم أتاه أبوبكر رضي الله عنه بصخرة منقعرة فاحتلب فيها فشرب وشرب أبو بكرٍ ثم شربت ثم قال للضرع اقلُصْ فقلص فأتيته بعد ذلك فقلت: علِّمني من هذا القولِ قال: إنك غلام مُعلم قال: فأخذت من فيه سبعينَ سورةً لا ينازعُني فيها أحد"، وفرار الرسول مع أبي بكر الوارد في الرواية السابقة لم يكن فراراً من أذى ماديٍّ أو جسديّ، وإنما من المناظرات والنقاشات التي كانت مع الكفار.
ولازم عبدالله بن مسعود النبي، وروى عنه الكثير من الأحاديث، وآخ الرسول بينه وبين سعد بن معاذ بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وكان ابن مسعود شديد وغزير العلم، وقال عن نفسه: "والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلّا أنا أعلم أين نزلت، ولا أُنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أُنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته".
وأضاف قائلاً: "والله لقد أخذت مِنْ فِيْ رسول الله بضعاً وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي أني مِنْ أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم"، فكان من فقهاء الأمة وعلمائهم، ووردت العديد من الأحاديث عن النبي، التي تبيّن مكانته ومنزلته وفضله.
كانت غزوة الخندق من الغزوات التي شارك فيها ابن مسعود، وثبت مع الرسول عليه الصلاة والسلام مع 80 آخرين من الصحابة مهاجرين وأنصاراً، وكان ذلك من الأسباب التي أدّت إلى تولّي المشركين على أعقابهم.
كما كان لابن مسعود العديد من المواقف مع الصحابة، ومنها ثناء عمر بن الخطاب عليه عندما أرسله إلى الكوفة مُعلّماً ووزيراً، وكتب إلى أهل الكوفة مخاطباً إياهم: "إنّي قد بعثت عمار بن ياسر أميراً، وعبدالله بن مسعود معلماً ووزيراً، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله من أهل بدر، فاقتدوا بهما وأطيعوا واسمعوا قولهما، وقد آثرتكم بعبدالله على نفسي".
ورُوي عن ابن مسعود العديد من الأقوال الغنية بالحكم والمواعظ، منها قوله: "أغْدُ عَالمًا أَو مُتَعلمًا أَو مُسْتَمِعًا، ولا تَكُن الرابِع فَتَهْلِكَ".
وكانت وفاته في السنة الـ32 من الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، بعد أن أتمّ من عمره بضعاً وستين سنةً، وتمّ دفنه في البقيع بعد أن صلّى عليه عثمان بن عفان.
aXA6IDEzLjU5LjExMS4xODMg
جزيرة ام اند امز