بالفيديو .. "العين" ترصد رحلة تصنيع الكنافة البلدي
شابان يجتمعان في شهر رمضان الكريم ليمارسان مهنة ذات مذاقٍ خاص ممزوج بروحانيات رمضان إنهما الخط الأول لإنتاج حلوى الكنافة.
تظنهما شقيقان، لكن ما إن تبدأ الحديث معهما حتى تتضح الحقيقة.. إنهما صديقان تتوأمت روحهما منذ الطفولة، ولما اشتد عودهما امتهن كل منهما حرفة مختلفة.
مدحت احترف القصابة كأبيه، أو كما يطلقون عليها أهل مصر "الجزارة"، بينما احترف عادل دهان الحوائط، أو"النقاشة" رغم أن والده كان يعمل خبازا.
الشابان يجتمعان في شهر رمضان الكريم ليمارسان مهنة مختلفة تماما عن أنشطتهما الأصلية، ذات مذاقٍ خاص ممزوج بروحانيات رمضان، إنهما الخط الأول لإنتاج حلوى الكنافة.
مدحت وعادل نموذجان لرجل الكنافة أو "الكنفاني"، استفاد الأخير من خبرة والده الخباز وأخواله الذين كانوا يعملون في تصنيع الكنافة البلدي، فضلًا عن خبرة إضافية كوّناها من خلال عملهما في هذه المهنة على مدار 12 عاما مضت، يعشقان هذا الموسم ويصنعان كل ما له علاقة بالكنافة بأيديهما، حتى ذلك الفرن المتحرك!
مدحت وعادل لا يمتلكان آلة بها خيارات أن يدخل العجين من جانب ويخرج من الجانب الآخر في هيئة خيوط كنافة، بل إن ذلك المنتج الذي يخرج عبر تروس الماكينة ليس هدفا لهما في الأصل، فقد احترفا إنتاج الكنافة "البلدي" أو التقليدية التي لا تتدخل الآلة في صناعتها، وهو النوع الذي يفضله أغلب المصريون!
هذا الفرن المؤقت في حد ذاته يقف كعلامة تعجب لمن لا يعلم عنه شيئًا، فبمجرد أن تقع عينك عليه ترى أسطوانةً مُغطاة باللون الأبيض، تعلوها صينية معدنية وظيفتها تسوية خيوط الكنافة بفعل النار المشتعلة في باطن هذه الأسطوانة، عندما تشاهدها للوهلة الأولى تظنها علبة متحركة يتم التعامل معها كـ"فرن مؤقت"، ينصبه الخباز في كل عام حتى ينتهي شهر رمضان وينقله إلى موقع التخزين حتى يحين رمضان اللاحق.
الحقيقة تختلف تماما عن ذلك الذي يعتقده البعض، فهذا الفرن الذي يعمل 30 يومًا فقط كل عام، هو"مبنى" مؤقت أيضًا، يتم صناعته بقوالب الطوب وحبات الرمل والأسمنت والجبس بطول 150 سنتيمترا وعرض الصينية تقريبا 100 سنتيمتر المصنوعة من معدن النحاس، يستغرق البناء ساعتين في اليوم الأول، ويتم استكماله في اليوم التالي، نظرا لأن مراحل البناء يتخللها فترات انتظار حتى يجف الخليط المستخدم في البناء.
لكن، لماذا لا يستعين مدحت وعادل ببنّاء بدلا من أن يبنيان الفرن بيديهما، كان الرد أنهما اعتادا هذا العمل سنويًا ويشعران بفرحة الأجواء الرمضانية مع كل طوبة يضعانها في هذا الفرن، فضلا عن أن البنّى المحترف يستخدم الأسمنت الأسود، وهو ما لا يصلح في هذا المبنى الذي تشتعل النار في باطنه، فالأسمنت الأسود يؤدي إلى تصدعه سريعا.
الشابان ينتجان يوميا ما يقارب الـ 60 كيلوجراما من خيوط الكنافة يوميًا، نظرا للإقبال المستمر على هذا النوع من الكنافة طوال الشهر الكريم لأنه الموسم الوحيد الذي تظهر فيه، بعكس الكنافة التي يمكن الحصول عليها طوال العام.
عادل ومدحت يتعاونان في نهاية شهر رمضان على هدم الفرن، والاحتفاظ بالطوب المتبقي علّهما يستفيدان به في بناء الفرن في الموسم القادم.