"الهلال السياسي" يثير انقساما حول عيد الفطر
من انقسامات سياسية إلى أسباب مذهبية مرورا باختلاف المطالع.. الجدل حول موعد عيد الفطر يطلق دعوات لتوحيد رؤية الهلال.
انقسام داخلي حول العيد شهدته 5 دول هي: سوريا واليمن والسودان وفلسطين والعراق، وسط تعالي أصوات ترفض إخضاع رؤية هلال شوال للتجاذبات السياسية.
واحتفلت 12 دولة عربية بينها السعودية والإمارات والكويت، الثلاثاء 4 يونيو/حزيران، بأول أيام عيد الفطر المبارك، بعد ثبوت رؤية هلال شهر شوال لديها مساء الإثنين، فيما أعلنت دول مثل الأردن ومصر أن أول أيام العيد بها هو الأربعاء 5 يونيو/حزيران، لعدم ثبوت رؤية الهلال.
الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، برر الاختلاف في تحديد العيد بين الدول وبعضها البعض، مشيراً إلى أن رؤية الأهلة قد تختلف في بعض الدول عن بعضها، نتيجة اختلاف المطالع بينها.
ولكن الأمر الذي أثار حالة واسعة من الجدل والاستغراب هو وجود انقسام داخل الدولة نفسها حول العيد، لأسباب سياسية، إذ بدأ بعضهم الاحتفال به يوم الثلاثاء فيما قرر البعض الآخر الاحتفال به الأربعاء.
وفيما انتقد مغردون الاختلاف حول العيد داخل الدولة نفسها، جدد الاختلاف حول رؤية هلال شهر شوال في بعض الدول العربية والإسلامية الدعوات حول توحيد رؤية الهلال.
عيدان في نفس البلد
التباينات السياسية ألقت بظلالها بشكل كبير حول تحديد العيد في سوريا والسودان واليمن وفلسطين، فيما ألقت أسباب مذهبية حول الاختلاف بشأن العيد في العراق.
وفي سوريا أعلن القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي، أن أول أيام عيد الفطر هو الأربعاء 5 يونيو/حزيران الجاري، لعدم ثبوت رؤية الهلال.
وفي المقابل، قال المجلس الإسلامي السوري التابع للمعارضة، في بيان "إنه نظراً لاعتماد دخول شهر شوال في الأقطار المجاورة لسوريا، فإن المجلس الإسلامي قرر أن الثلاثاء هو أول أيام عيد الفطر".
الأمر نفسه حدث في اليمن؛ حيث أعلنت وزارة الأوقاف والإرشاد التابعة للحكومة الشرعية، في بيان، أنه تأكدت رؤية هلال شوال، وأن الثلاثاء هو أول أيام العيد.
بينما قالت لجنة الأهلة التابعة لجماعة الحوثي الإرهابية في اليمن، إنه تعذر رؤية هلال شوال، ومن ثم فإن الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر.
الأمر نفسه تكرر في السودان، إذ ألقت الخلافات السياسية بظلالها حتى على الاحتفالات الدينية.
وأعلن مجمع الفقه الإسلامي في السودان أن الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر، فيما أعلن تجمع المهنيين السودانيين أن الثلاثاء هو أول أيام العيد، وفقاً للجمعية السودانية لعلوم الفلك والفضاء.
وفي فلسطين، أعلن مفتي فلسطين والديار المقدسة محمد حسين، أن الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان المبارك، بعد تعذر رؤية هلال شوال، بينما أعلن حزب التحرير الثلاثاء أول أيام العيد.
ومنعت الأجهزة الأمنية الفلسطينية إقامة صلاة عيد الفطر في أحد مساجد مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، نظمها حزب التحرير الإسلامي (المحظور في معظم الدول العربية).
وفي العراق، أعلن رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم، خلال مؤتمر صحفي، أن الثلاثاء هو غرة شوال وأول أيام عيد الفطر، بينما قال مكتب المرجع الشيعي علي السيستاني، إن الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان وإن العيد الأربعاء.
الهلال السياسي
الاختلاف حول تحديد يوم العيد، لأسباب سياسية، دفع مغردين إلى إطلاق هاشتاق بعنوان "الهلال السياسي"، حذروا خلاله من إدخال هلال العيد في التجاذبات السياسية.
واعتبروا أن "الاختلاف في يوم العيد في الدولة نفسها بين الفرق والطوائف أمر معيب ومشين".
وبينوا أن وصول الاختلاف داخل الدولة نفسها ليوم العيد إثر أسباب سياسية ينذر بعواقب لا تبشر بالخير.
اختلاف المطالع
وفيما انتقد مغردون الاختلاف حول العيد داخل الدولة نفسها، جدد الاختلاف حول رؤية هلال شهر شوال في بعض الدول العربية والإسلامية الدعوات حول توحيد رؤية الهلال.
وفيما أعلنت كل من السعودية، والبحرين، والإمارات، والكويت، وعدد من الدول، أن الثلاثاء هو أول أيام العيد، بعد ثبوت رؤية هلال شهر شوال، أعلنت كل من مصر، والأردن، وعدد من الدول أن الأربعاء هو بداية العيد، لعدم ثبوت رؤية الهلال.
وحول هذا الاختلاف، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، أن رؤية الأهلة قد تختلف في بعض الدول عن بعضها، نتيجة اختلاف المطالع بينها، فإذا استحالت رؤية الهلال في بلد، كانت دعوى رؤيته في بلد آخر غير ملزمة لهم، إلا أن الحج هو حيث يحج الناس، وهذا واحد لا اختلاف فيه، جمعاً لكلمة المسلمين، كما قال النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: «يَومُ عَرَفةَ اليَومُ الذي يُعَرِّفُ النّاسُ فيه».
وأضاف في إجابة له عن اختلاف الرؤية بين البلدان، نشرتها جريدة "الوطن" المصرية الثلاثاء: "هذا أمر تتعلق به قضيتان: إحداهما عِلْمِيّة، والأخرى عَمَلِيّة، فأما العِلْمِيّة: فهي ما تقرر شرعًا من أن القطعي مقدَّم على الظني، أي أن الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة، ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1964م، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة وغيره على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعني أن الحساب ينفي ولا يثبت.
وأوضح أنه إذا نفى الحساب القطعي طلوع الهلال، فلا عبرة بقول من يَدَّعِيه، وإذا لم ينفِ ذلك، فالاعتماد حينئذٍ على الرؤية البصرية في إثبات طلوعه من عدمه، ومن القطعيِّ أيضًا أنَّ شهر رمضان لا يكون أبداً 28 يوماً، ولا يكون كذلك 31 يوماً، بل هو كبقية الشهور القمرية: إما 30 أو 29 يوماً.
واستطرد: "أما العملية، فعلى المكلَّف في مثل هذه الحالات أن يضع في اعتباره أمرين، الأول، ألا يزيد شهر صومه على 30 يوماً ولا يقل عن 29 يوماً، والثاني، ألا يتعارض ذلك مع الحساب الفلكي القطعي".
وقال: "أما إذا رُؤِي مثلاً هلالُ شوال في مصر ولم يُرَ في البلد الأخرى، أو بالعكس، مع كون الرؤيتين داخلتين في نطاق الإمكان الفلكيّ ومع صحة عدد أيام الشهر، فإن الصائم يتبع حينئذٍ هلال البلد الذي هو فيها، صيامًا أو إفطارًا، إذ لا محظور حينئذ من زيادةٍ على الشهر أو نقصٍ فيه أو مخالفةٍ للحساب القطعي.
وبين إنه وبناءً على ذلك، فيجب على كُلِّ أهل بلدٍ متابعةُ إمامهم في رؤية الهلال من عدمها، وذلك بشرط إمكان الرؤية بالحساب الفلكي.