معركة كانت سببا في جمع القرآن الكريم.. ما هي؟
هناك معركة شهيرة وقعت في عام 11 هجريا عجلت من خطوات المسلمين لجمع القرآن الكريم.
والسبب استشهاد سبعين رجلا من حفظة كتاب الله فيها، وهذه المعركة تعرف باسم معركة اليمامة أو عقرباء، ووقعت سنة 11 هجريا/ 632 ميلاديا في عهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
واليمامة إحدى معارك حروب الردة، ودارت رحاها بسبب ارتداد بني حنيفة وادعاء مسيلمة الحنفي (مسيلمة الكذاب) أن النبي محمد قد أشركه في الأمر، مستندا لشهادة زور من رجال بن عنفوة.
تعد "اليمامة" ضد مسيلمة الكذاب هي المعركة الفاصلة مع المرتدين، وفيها استشهد ألف ومائتا شهيد، كان منهم 70 من قراء القرآن الكريم، حيث كان شعار الصحابة الكرام: "يا أصحاب سورة البقرة يا أهل القرآن زينوا القرآن بالفعال".
ولاحظ الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، خطورة استشهاد حفظة كتاب الله، لأن القرآن الكريم الأصل فيه تُلقي مشافهة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال للخليفة أبي بكر رضي الله عنهما: "إن القتل استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن"، رواه البخاري.
ومن هنا كانت البداية لجمع القرآن الكريم في زمن الصديق في مصحف واحد بين دفتين، مرتب السور.
وكلف الخليفة أبو بكر، زيد بن ثابت أحد كتاب الوحي وأحد علماء الصحابة، بمهمة جمع القرآن وقال له: "إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه".
مهمة زيد بن ثابت تلخصت في جمع القرآن الكريم المكتوب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بين دفتين في صحف متتابعة مرتب السور، وفي مكان واحد، بعد أن كان مكتوباً مفرقا على أشياء مختلفة، مثل صحف، عظام، حجارة، جريد النخل وغيرها، وفي أمكان متعددة.
وفي هذا قال الإمام البغوي في شرح السنة: "سعي الصحابة كان في جمعه (أي القرآن) في موضع واحد، لا في ترتيبه؛ فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على الترتيب الذي هو في مصاحفنا، أنزله الله تعالى جملة واحدة في شهر رمضان ليلة القدر إلى السماء الدنيا".
زيد كان جارا للنبي صلى الله عليه وسلم، يستدعيه حين نزول الوحي ليكتبه، وفي هذا قال ابن ثابت: "كنت أكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدة وعرق عرقا شديدًا مثل الجمان، ثم سُرِّي عنه. فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسرةٍ فأكتب وهو يملي علي، فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآنِ، حتى أقول لا أمشي على رجلي أبدًا. فإذا فرغت قال اقرأْ. فأقرأه. فإن كان فيه سقطٌ أقامه ثم أخرج به إلى الناس".