رغم اندلاع الحرب الحدودية بين الصين والاتحاد السوفييتي السابق في مارس عام 1969 فإن روسيا والصين استطاعتا خلال العقدين الأخيرين بناء سلسلة من الشراكات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية..
ما دفع البعض لوصف العلاقة بين بكين وموسكو بأنها قد تصل إلى إعلان "التحالف العسكري" في أي وقت.
وأسهمت ثلاثة أسباب رئيسة في هذا التقارب، الأول هو فرض العقوبات الأمريكية والغربية على روسيا منذ عام 2014 بعد سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم في مارس من هذا العام.
والثاني أن الولايات المتحدة ومنذ ديسمبر 2017 اعتبرت روسيا والصين معاً "منافسين استراتيجيين" لها في الساحة العالمية، وهو ما أكده من جديد الرئيس جو بايدن في "الدليل المؤقت" لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي تم الإعلان عنها في 9 مارس الماضي.
والسبب الثالث هو تسارع تشكيل التحالفات العسكرية من جانب الولايات المتحدة مثل تحالفات "أوكوس" في 15 سبتمبر الماضي، و"كواد" الذي تسارعت وتيرته وعقد آخر اجتماع قمة في 25 سبتمبر، و"كواد بلس" الذي يتوقع أن يضم دولاً جديدة مناوئة للصين في شرق وجنوب شرق آسيا قريباً، بالإضافة للتحالفات القديمة وهي "الناتو" و"العيون الخمس"، فما مظاهر هذا التحالف الروسي الصيني الذي لم يعلن بعد؟
كيمياء مشتركة
مَن يُراجع صور اللقاءات التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، ونظيره الصيني شي جين بينغ، يتأكد من وجود "كيمياء مشتركة" بين الزعيمين، وتوافق كبير في الرؤية لمستقبل المنافسة العالمية، لكن يُحسب للرئيس "بوتين" أنه عمل مبكراً على هذه الاستراتيجية منذ وصوله للحكم في 31 ديسمبر 1999.
وهو ما كشفه الرئيس شي جين بينغ خلال القمة الأخيرة عبر الفيديو كونفراس في 15 ديسمبر الجاري عندما وصف الرئيس "بوتين" بأنه "صديق قديم للصين"، لأنه دافع بقوة وحزم عن وحدة وسلامة الأراضي الصينية وعدم تقسيمها، فالرئيس "بوتين" كان يدرك وبشكل مبكر للغاية أن رؤيته لاستعادة مكانة وأمجاد روسيا سوف تصطدم بالرفض الغربي، ولهذا شرع في "صناعة الأصدقاء" منذ اليوم الأول لدخوله الكرملين.
ومن الخطوات المبكرة التي اتخذتها روسيا للتقارب مع الصين هي توقيع البلدين لمعاهدة "الصداقة والتعاون" عام 2001، وجرى تجديدها هذا العام في 16 يوليو الماضي، وهي تشمل كل القطاعات العسكرية والتقنية والسياسية والاقتصادية.
مناورات عملاقة
عندما طلبت وسائل الإعلام من يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس "بوتين" للشؤون الخارجية، وصف العلاقات الروسية-الصينية، قال إن "تأثيراتها أكبر من التحالف"، وهي بالفعل تأثيرات يمكن ملاحظتها في مجموعة من المسارات.
ففي المجال العسكري أجرى البلدان مناورات عملاقة ضمت 10 آلاف جندي في أغسطس الماضي في منطقة "ين جشيا" ذاتية الحكم شمالي الصين، وتنفذ القاذفات الاستراتيجية الصينية والروسية معاً "طيراناً مشتركاً" فوق بحر اليابان لمسافة تجاوزت 6 آلاف كلم. منذ عام 2019، كما أجرت موسكو وبكين مناورات بحرية "التعامل البحري"، والتي اختتمت في 17 أكتوبر الماضي، كما أن المبادلات التجارية بين البلدين وصلت إلى 110 مليارات دولار في عام 2019، ويخطط البلدان للوصول بها إلى 200 مليار دولار عام 2025.
وتظهر بيانات منظمة الطاقة الدولية أن الصين تعتمد بشكل متزايد على النفط والغاز الروسيين، بينما تعتمد روسيا في مشترياتها من التكنولوجيا المتقدمة على الصين منذ عام 2014.
نقلا عن البيان الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة