الرقة.. مدينة لاتزال تشع بالأمل رغم دمار داعش
هكذا كانت الرقة أثناء وجود داعش، أما الآن فهي مدينة تشهد تقدم بطيء وطاحن لكن حقيقي ومرئي.
ما أن تخطو داخل فناء المدرسة، ستجد الرسومات الملونة لأطفال يضحكون ترحب بك، الصيحات المبهجة لأطفال يرددون الأبجدية تتعالى عبر الحجرات الدراسية، وطلاب مبتسمون يمكن رؤيتهم بينما يشقون طريقهم إلى هناك.
ربما تبدو هذه المدرسة مثل أي مدرسة في العالم، غير أنها ليست كذلك، لكن ربما ستجد هنا ما لا يتوقعه أحد: الأمل.
- بالصور.. الإعلان عن تحرير الرقة بالكامل من قبضة داعش
- إنفوجراف.. ملعب الرقة..صافرة نهاية داعش في آخر معاقله بسوريا
إنها مدينة الرقة السورية التي اتخذها تنظيم داعش عاصمة له قبل طرده منها، وهي المكان الذي شهد حالات شنق وقطع رؤوس بصورة منتظمة، حيث جابت عناصر التنظيم الشوارع للإمساك بالسكان ثم الزج بهم في السجون، وحيث اشترت وبيعت النساء كسبايا، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
هكذا كانت الرقة أثناء وجود داعش، أما الآن فهي مدينة تشهد تقدماً بطيئاً وطاحناً، لكنه حقيقي ومرئي.
تقول محللة "سي إن إن" جايل ليمون، في تقريرها المنشور عبر الشبكة، عندما يتحدث الناس معها عن سوريا فإنهم فورًا يستخدمون كلمات مثل "لا أمل منها" أو "حالة ميؤوس منها".
إحداهم تدعى شمس الباسق، معلمة لغة عربية تعمل في مركز المدينة، وتقول: "عندما تحررت الرقة، كان هناك أمل في المستقبل. هناك أمل رغم الدمار. هناك أمل الآن لأن هناك رغبة كبيرة من الطلاب في لاستمرار. هؤلاء الطلاب عانوا، لكنهم يريدون التعلم".
كانت الأشياء تبدو مختلفة للغاية منذ ستة أشهر، ففي نوفمبر/تشرين الثاني، كان المكان مليئا بالحطام، حينها لم يكن قد مر كثيرًا على سقوط داعش، وخاف البعض من العودة إلى منازلهم؛ خشية من الخلايا النائمة للتنظيم.
لكن ببطء بدأت الأوضاع تتغير، وأصبحت الرقة جبهة للقتال من أجل الاستقرار ثانية، وبدأ هذا القتال مع عودة المعلمين لبناء المكان الذي يعتقدون أنه أساس الحفاظ على السلام.
وتضيف شمس: "40 معلمًا عادوا؛ أمضينا شهرًا في تنظيف المدرسة معًا".
كل يوم تحت سيطرة داعش كان يحمل خوفًا، فتقول شمس: "كنت أخاف مغادرة المنزل، وكنت أخشى أن تلقي عناصرهم القبض عليّ. كنا نعيش في خوف كل يوم. بقينا فقط في المنزل وانتظرنا التحرير. دائمًا ما كانوا يوصلون إلينا شعور أنه يمكن أن تقطع رؤوسنا".
خلال الشهور الأخيرة للمعركة بين داعش وقوات سوريا الديمقراطية، دفعت عائلة شمس للمهربين من أجل إخراجهم من الرقة، لكن التنظيم أطلق عليهم النار خلال انطلاقهم عبر نقاط التفتيش.
الآن عادوا وعادت شمس لحجرتها الدراسية لتقوم بمهمتها في تدريس الأولاد والبنات.
فتحت المدرسة أبوابها في يناير/كانون الثاني الماضي، وفورًا بدأ يتردد عليها كثير من الطلاب، ليقفز العدد اليوم إلى 1500 بنت وولد، لدوام دراسي من الثامنة صباحا إلى الواحدة ظهرًا. ويتلقى الطلاب دروسًا في العربي والرياضيات واللغة الإنجليزية من بين مواد دراسية أخرى.
وتأمل شمس أن يواصل المجتمع الدولي والتحالف الدولي ضد داعش عمله في دعم مدرسين مثلها ومدارس مثل تلك المدرسة.