انطلاق معركة الرقة.. أزمة دور تركيا بالموصل تتكرر
الأكراد يلعبون كما في معركة الموصل دورا كبيرا في معركة الرقة، وكما رفض الأكراد والحكومة العراقية مشاركة تركيا في الموصل، تكرر الأمر نفسه في المعركة الجديدة.
بينما يواصل التحالف الدولي والقوات العراقية والبشمركة الكردية تقدمهم في معركة الموصل، لتحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، تعلن اليوم الأحد قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية مدعومة من واشنطن، بدء معركة تحرير الرقة، المعقل الأبرز للتنظيم الإرهابي في سوريا.
عسكريا، فإن هذا التزامن بين المعركتين، يهدف إلى زيادة الضغوط على التنظيم الإرهابي بعد دخول القوات العراقية إلى معقلهم في الموصل، ولكن المفارقة أن كثيرا من أوجه الشبه تجمعهما.
ويلعب الأكراد كما في معركة الموصل دورا كبيرا في معركة الرقة، وكما رفض الأكراد والحكومة العراقية مشاركة تركيا في الموصل، تكرر الأمر نفسه في المعركة الجديدة.
وأثارت مشاركة تركيا في الموصل خلافاً بين أنقرة وبغداد، وتبادلت قيادات الدولتين التصريحات العدائية، وهو ما يحدث أيضاً في المعركة الجديدة.
وأعربت قوات سوريا الديمقراطية، الأحد، عن رفضها وجود أي دور تركي في الهجوم على الرقة.
وقال المتحدث العسكري باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو لوكالة فرانس برس، الأحد، "اتفقنا بشكل نهائي مع التحالف الدولي على عدم وجود أي دور لتركيا أو للفصائل المسلحة المتعاونة معها في عملية تحرير الرقة".
ويتعارض هذا التصريح مع تأكيد المبعوث الخاص لقوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكغورك، أن واشنطن على اتصال "وثيق جدا" بحليفها التركي بشأن معركة تحرير الرقة.
وقال ماكغورك، في مؤتمر صحفي، اليوم الأحد في عمان، "ندعم قوات سوريا الديمقراطية التي بدأت التحرك في الرقة، ونحن على اتصال وثيق جدا بحلفائنا في تركيا، ولهذا فإن رئيس هيئة الأركان المشتركة في أنقرة اليوم (الأحد)".
ووصل رئيس أركان الجيش الأمريكي جوزف دانفورد، الأحد، في زيارة غير معلنة لإجراء محادثات مع نظيره التركي، حسب ما أعلن الجيش، دون أن يكشف مزيدا من التفاصيل.
وتصنف تركيا وحدات حماية الشعب الكردية -التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية- على أنها إرهابية، وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني التركي، الذي يخوض عملية تمرد منذ عقود ضد السلطات التركية. وتعتبرها واشنطن أفضل قوة قتالية في سوريا.
إقرأ أيضا:
- إنفوجراف.. الحرب الكلامية بين تركيا والعراق حول معركة الموصل
- ضوء أخضر أمريكي لمشاركة تركيا بمعركة الموصل
ليست سهلة
ويشكل التضارب حول الدور التركي في المعركة، أحد الأسباب التي تجعل معركة الرقة أكثر تعقيدا من الموصل، فتركيا تدعم فصائل معارضة تشن هجوما في شمال سوريا ضد تنظيم داعش والمقاتلين الأكراد في الوقت نفسه، في حين يحظى المقاتلين الأكراد بدعم أمريكا التي تعتبر تركيا حليفتها الإستراتيجية.
ولا تريد تركيا رؤية المقاتلين الأكراد -الذين يشكلون غالبية قوات سوريا الديمقراطية- يشاركون في الهجوم على الرقة؛ لأن تعزيز نفوذ الأكراد في المنطقة يثير قلق تركيا.
كما أن القوات الكردية السورية لا تريد أن تشارك قوات تركية في الهجوم على المدينة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن ضلوع أطراف سوريين ودوليين في النزاع السوري، خصوصا روسيا وإيران، حليفي النظام في دمشق، يزيد من صعوبة المعركة.
وتدرك الولايات المتحدة صعوبة المعركة، وقال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر الأحد، في بيان، "كما حدث في الموصل، فإن القتال لن يكون سهلا، وأمامنا عمل صعب".
وأضاف "ولكنه ضروري لإنهاء أسطورة خلافة داعش والقضاء على قدرة التنظيم لشن هجمات إرهابية على الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا".
التطويق أولا
وحسب مسؤولين أمريكيين فإن العملية التي شنت، الأحد، ستركز على تطويق الرقة أو "إحاطتها". وقالت قيادة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، إن "المرحلة الأولى تتمثل في عزل الرقة" من خلال قطع أبرز محاور اتصال المدينة مع الخارج.
وأوضحت القيادة الأمريكية، في بيان، أنه "أثناء القيام بعملية العزل هذه، سنواصل التخطيط للمراحل التالية مع شركائنا".
وقال المتحدث العسكري باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو، الأحد، إن المعركة ستجري "على مرحلتين، تهدف الأولى إلى عزل مدينة الرقة عن باقي المحافظة تمهيدا لاقتحامها في المرحلة الثانية".
ويتوقع أن تهاجم قوات سوريا الديمقراطية الرقة من ثلاثة محاور، الأول من عين عيسى، والثاني من تل أبيض (على بعد 100 كلم شمال الرقة)، إضافة إلى قرية مكمن الواقعة على مثلث الحدود بين محافظات الرقة ودير الزور (شرق) والحسكة (شمال شرق).
خبرة معارك سابقة
ورغم صعوبة المعركة، كما أشار وزير الدفاع الأمريكي، إلا أن جيهان شيخ أحمد المتحدثة باسم الحملة العسكرية على الرقة التي أطلقت عليها تسمية "غضب الفرات"، أظهرت ثقة في الانتصار.
وقالت شيخ أحمد، في مؤتمر صحفي، عقد في مدينة عين عيسى على بعد 50 كيلومتراً شمال مدينة الرقة، "سننتصر في هذه المعركة المصيرية كما انتصرنا في كوباني وتل أبيض والحسكة والهول والشدادي ومنبج"، في إشارة إلى المناطق التي تم طرد تنظيم داعش الإرهابي منها في السنتين الأخيرتين.
ومنذ تشكيلها في أكتوبر/تشرين الثاني عام 2015، نجحت قوات سوريا الديمقراطية التي تضم نحو 30 ألف مقاتل، ثلثاهما من الأكراد، بدعم من التحالف الدولي، في طرد تنظيم داعش من مناطق عدة.
إقرأ أيضا:
- سياسة قوات سوريا الديمقراطية تستعد لاقتحام منبج
- "قوات سوريا الديمقراطية" تعتزم تحرير مدينة ثانية من "داعش
وتعتبر أمريكا قوات سوريا الديمقراطية الشريك المؤهل أكثر من سواه للقيام بعملية عزل الرقة بسرعة، وقال مسؤول أمريكي رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس، إننا نبذل جهداً بالتعاون مع تلك القوات من أجل تعزيز الضغط على تنظيم داعش في الرقة، بموازاة عملية مماثلة في العراق"، في إشارة إلى الهجوم على الموصل.
وتعد الرقة والموصل آخر أكبر معقلين للتنظيم الذي مني بخسائر ميدانية بارزة، منذ إعلانه ما يسمى بـ"الخلافة الإسلامية" على مناطق سيطرته في سوريا والعراق في يونيو/حزيران 2014.