المستكشف راشد ينقل مهام القمر من "التنافس" إلى"التكامل"
شهدت الرحلات الفضائية إلى القمر سباق روسي أمريكي، ثم انضمت الصين مؤخرا إلى هذا السباق، وأضحت الإمارات، على مقربة من أن تصبح الدول الرابعة، ولكن بمفهوم جديد، أقرب إلى التعاون والتكامل، منه إلى التنافس.
وكانت أول مركبة من صنع الإنسان تصل إلى سطح القمر هي المركبة الفضائية "لونا 2"، التابعة للاتحاد السوفيتي "روسيا حالياً"، في 13 سبتمبر/أيلول 1959، وتبعتها في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته، رحلة أخرى قام بها المسبار "لونا 3"، والذي نجح في التقاط صور فوتوغرافية للجانب الآخر من القمر.
وجاء هذا الإنجاز بعد محاولة فاشلة في 2 يناير/كانون الثاني 1959، عندما تم إطلاق المسبار "لونا 1"، لكنه فشل في الوصول لسطح القمر وحلق بالقرب منه.
وعاد الاتحاد السوفيتي لتنفيذ مهام أكثر تعقيداً بواسطة المركبات الفضائية، والتي أخذت المزيد من الصور الفوتوغرافية، وجلبت عينات من تربة القمر، وتم ذلك عبر الرحلات الناجحة التي قام بها المسبار "لونا 9" في 31 يناير/كانون الثاني 1966، و"لونا 13" 21 ديسمبر/كانون الأول 1966، و"لونا 16" 12 سبتمبر/أيلول 1970، و"لونا 17" 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1970، و"لونا 20" 14 فبراير/شباط 1972، و"لونا 21" 8 يناير/كانون الثاني 1973، و"لونا 24" 9 أغسطس/آب 1976.
آثارت هذه الخطوات السوفيتية "غيرة فضائية"، وبعد أول مهمة روسية ناجحة بعامين، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية برنامج رانجر "1961 – 1965"، وكان عبارة عن بعثات فضائية غير مأهولة قامت بها الولايات المتحدة للحصول على صور لسطح القمر، حيث تم تصميم المركبات الفضائية لتطير مباشرة نحو القمر في مهمات انتحارية لتصوير سطح القمر، وترسل الصور إلى الأرض حتى لحظة الاصطدام بسطح القمر.
وبدأ البرنامج فعلياً في 23 أغسطس/آب عام 1961، واستمر إلى آخر رحلة، وكانت في 21 مارس/آذار 1965، وكانت كل مركبة تحمل على متنها 6 كاميرات، وبعد 6 محاولات فاشلة، حققت "رانجر 7"، التي أطلقت في 28 يوليو/تموز 1964 الهدف، حيث وصلت إلى القرب من القمر في 31 يوليو/تموز، وأرسلت لمدة 20 دقيقة صوراً عالية الجودة، وفي 17 فبراير/شباط 1965، أطلقت رحلة ناجحة أخرى حملت اسم "رانجر 8"، وأرسلت تلك الرحلة صوراً جيدة للقمر.
وشجع نجاح برنامج "رانجر" أن تفكر الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق الهبوط بمركبة فضائية على سطح القمر، فأطلقت البرنامج "سيرفيور"، وكانت المركبة "سيرفيور 1"، هي أول مركبة فضائية أمريكية تهبط على سطح القمر، ونجحت في إرسال 11000 صورة إلى الأرض، وتكرر النجاح مع مهمات "سيرفيور 3" في 20 أبريل/نيسان عام 1967، و"سيرفيور 5" في 8 سبتمبر/أيلول 1967، و"سيرفيور 6" في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، و"سيرفيور 7" في 7 يناير/كانون الثاني 1968.
وانطلقت الولايات المتحدة بعد ذلك إلى الهدف الأكبر، وهو إطلاق رحلات مأهولة بالبشر إلى القمر، وكانت مركبة الفضاء أبولو 11 قد حملت رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونج، لتكون أول مهمة مأهولة تهبط على سطح القمر في 20 يوليو/تموز 1969.
وبعد عدة سنوات من المنافسة الأمريكية الروسية في مجال الوصول للقمر، دخلت الصين حلبة المنافسة، حيث انطلق مسبارها القمري "تشانج آه-4" في ديسمبر/كانون الأول من عام 2018، قاصداً الجانب البعيد من القمر الذي لم تصل إليه أي مركبة فضائية، لينجح في الوصول إليه في 3 يناير/كانون الثاني عام 2019.
والجانب البعيد من القمر، هو الجانب الآخر من القمر، أو نصف الكرة الآخر من القمر، والذي لا تمكن رؤيته من الأرض، ورغم التقاط صور له بواسطة المسبار السوفيتي "لونا 3" في عام 1959، فإنه لم يهبط عليه أي مركبة فضائية.
ويتميز هذا الجانب من القمر بالتضاريس الوعرة، والعديد من الفوهات الصدمية، فضلاً عن عدد قليل نسبياً من بحار القمر.
وحاولت الهند هي الأخرى الدخول في حلبة المنافسة بعد شهور من النجاح الصيني، حيث أطلقت المسبار "شاندرايان 2" من ميناء الهند الفضائي في "سريهاريكوتا" في ولاية اندرا براديش الجنوبية في 22 يوليو/تموز 2019، غير أنها فقدت الاتصال بمركبتها الفضائية، لتفشل في أن تكون رابع دولة تحطّ مركبة من صنعها على سطح القمر.
وتسعى دولة الإمارات إلى وضع البصمة الرابعة على سطح القمر من خلال مهمة المركبة راشد، التي ستنطلق في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) بمفهوم مختلف، ينقل مثل هذه المهام العلمية من مربع التنافس والغيرة الفضائية إلى التعاون والتكامل.
وتقوم العربة الجوالة "راشد" برحلتها إلى القمر بواسطة مركبة الهبوط "هاكوتو-آر" التي بنتها الشركة اليابانية "آي سبيس"، وهذه أيضا هي أول مهمة قمرية للشركة.
وسينقل صاروخ "فالكون 9"، التابع لشركة "سبيس إكس" الأمريكية، المهمة إلى الفضاء، يوم 30 نوفمبر / تشرين الثاني، وذلك من قاعدة كيب كانافيرال الفضائية، في ولاية فلوريدا الأمريكية، في الساعة 12:39 مساءً بتوقيت دولة الإمارات، الساعة 03:39 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة.