"داعش" في الكونغو الديمقراطية.. إرهاب يتمدد وسط أفريقيا
لم تكن ضربة داعش الأخيرة بالكونغو الديمقراطية مفاجئة بقدر ما شكلت جس نبض للقدرات الأمنية على الحد من توغل التنظيم الإرهابي.
وقبل أيام، أعلن داعش مسؤوليته عن اقتحام السجن المركزي في مدينة بوتمبو، شمال شرقي الكونغو الديمقراطية، وتهريب المئات من المساجين.
وفي حينه، اعترف الجيش الكونغولي بأن التنظيم الإرهابي نجح في تهريب 800 سجين من سجن "كاكو انجورا" المركزي (باستثناء 49 فقط فشلوا بالهروب) بعد هجوم نفذه داعش عبر حليفه مليشيات "القوات الديمقراطية المتحالفة".
وآنذاك، قال المتحدث باسم الجيش، أنطوني موشايي، إن الحصيلة الأولية للهجوم تشير إلى مقتل 2 من رجال الشرطة وإرهابي واحد من المهاجمين.
ورأى محللون في الهجوم استعراضا للقوة من قبل المليشيات التي تشكلت من مجموعات أوغندية متمردة على حكم الرئيس يوري موسيفيني، وامتدت هجماتها من أوغندا إلى شرق الكونغو الديمقراطية قبل أن تعلن مبايعتها لداعش، لتتواتر ضرباتها بشكل وسع من نطاق نشاطها، وفاقم الأزمة الأمنية أمام كنشاسا.
أبعاذ ورمزية
وصول داعش وحليفه إلى مدينة بوزن بوتمبو يعني أن التنظيم الإرهابي نجح في استعراض قوته وتحديه للسلطات الأمنية المحلية، وأراد تأكيد قوته في المنطقة، من خلال اختراقه لطوق أمني مشدد حول مؤسسة حكومية، والوصول إلى السجناء، والأسوأ تحرير المئات من العناصر الإرهابية والمجرمين، ممن سيعززون صفوف التنظيم، ويمددون دائرة الإرهاب محليا وإقليميا.
فالمدينة تعد مركزا تجاريا يضم مواقع هامة سواء دينية أو اقتصادية، كما أنها تضم مطارا، واختراقها من قبل الإرهابيين يختزل القوة التنظيمية لداعش، وتطور أدواته اللوجستية، ما يجعله يصل بلا عناء إلى قلب سجن مركزي بمدينة هامة.
داعش الذي يعول كثيرا على الصدى الإعلامي لعملياته، لن يفوت استثمار هجومه على السجن، وهذا ما سيزيد من جاذبيته ومن المؤكد أنه سيمنحه فرصة ثمينة لتعزيز صفوف مسلحيه بحثا عن التموقع في هذا التمركز الجغرافي.
فالتنظيم لم يتخل عن تكتيكه المعتاد، وحتى في وسط أفريقيا يعتمد على سياسة الضغط على الحكومات عبر استعراض قوته من خلال صدى عملياته وكلما كان عدد القتلى أكبر كلما نجح في حصد صدى يرفع قدراته على الضغط والاستقطاب.
هدف يبدو أن داعش نجح في تحقيقه بالضرب في عمق مقر سيادي، دون مواجهة مقاومة تذكر.
ولاية داعش
حين ظهر زعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي، في إبريل/ نيسان 2019، وهو يتصفح كتابا ضخما أشبه بالمجلد كتب عليه عنوان "ولاية وسط أفريقيا"، بدا ذلك بمثابة إعلان عن تمدد التنظيم الإرهابي بالمنطقة.
وبما أن التنظيمات الإرهابية غالبا ما تتغذى على الصراعات والثغرات الأمنية، فقد وجدت في الكونغو الديمقراطية أرضية خصبة للتوسع، أو خلق موطئ قدم جديد عقب اندحاره في الشرق الأوسط.
فهذا البلد المثقل بأزماته السياسية وسنوات الصراع بين معسكر الرئيس السابق جوزيف كابيلا وقوى المعارضة، إضافة إلى هجمات المتمردين في إقليم شمال كيفو (شرق)، أسال لعاب الإرهابيين، ومهد لاستقطاب الجماعات المتطرفة.
ووسط تلك الفوضى الناجمة عن الأزمات، وجد داعش لنفسه فرصة للتموقع، عبر استقطاب الغاضبين والمجرمين والمتمردين، فتوسعت صفوفه وعبرت هجماته الحدود وسط مخاوف من تمدد أكبر يضرب المنطقة.
واختيار التنظيم للكونغو الديمقراطية ليس عبثيا بالمرة، فتمركزه فيها نابع من دوافع البحث عن مصادر تمويل، خصوصا عقب هزيمته في كل من العراق وسوريا.
فالبلد الأفريقي يزخر بثروات ثمينة حيث يستحوذ على نحو 60 بالمئة من إنتاج خام الكوبالت في العالم، كما أنه يضم مقاطعات غنية بالمعدن في الجنوب الشرقي، علاوة على مخزون كبير من الألماس والنحاس الجيد والذهب والوقود الأحفوري، وهو ما يلعب دورا محوريا في جذب الإرهاب.
aXA6IDMuMTQ1Ljc1LjIzOCA= جزيرة ام اند امز