رياح الشرق.. "تاكسيات الموت" تجتاح كينشاسا الكونغولية
ركبت سيارة أجرة مع 6 ركاب آخرين، بينهم امرأة، لكن حين وصلت السيارة منعرجا في طريق مقفر من المارة، توقف السائق فجأة والتفت إليها.
كانت تلك لورا، الكونغولية التي واجهت -كما العشرات غيرها من النساء والرجال-، أبشع تجربة في حياتها حين تم اختطافها من قبل أشخاص ترجح أنهم تابعون للمتمردين الأوغنديين.
- تحالف الإرهاب والدم.. كيف موّل داعش منفذي مجزرة أوغندا؟
- توقيف 20 مشتبها به.. أوغندا تلاحق مرتكبي "مجزرة المدرسة"
ومع أن هؤلاء المتمردين ينشطون عادة في الشرق الكونغولي، وتحديدا على الشريط الحدودي مع أوغندا وبمحيط منطقة بيني الغنية بالموارد الطبيعية، إلا أن سكان العاصمة كينشاسا بدأوا مؤخرا يشعرون بوجود خطب ما في مدينتهم.
ففي مراكز الشرطة، بدأت تتكدس شكاوى وبلاغات باختطاف مواطنين، لكن اللافت أن جميع هذه العمليات تتم بنفس الطريقة أي على متن سيارة أجرة.
في البداية، كان السائق يتفق مع مرافقين له يزعمون أنهم أيضا ركاب عاديون يريدون الوصول إلى نفس الوجهة، يتفقون على الضحية التي يفضل أن تكون امرأة، ثم ينقضون عليها بمجرد أن تصل السيارة إلى نقطة خالية من المارة.
لكن، ومع تواتر الشكاوى وتنامي مشاعر الخوف، باتت النساء أكثر حذرا، وأصبحن لا يركبن سيارة أجرة إلا في حال كانت هناك امرأة أخرى على الأقل.
حيل تفطن إليها المختطفون سريعا فغيروا تكتيك عملهم، ليشمل اتفاق السائق هذه المرة امرأة على الأقل تكون موجودة على متن السيارة، وهدا ما شكل طعما شجع النساء على الركوب.
رياح الشرق؟
نحو 30 شخصا يمثلون، الخميس، أمام محكمة في كينشاسا بتهمة الاختطاف والارتباط الإجرامي والقتل، عبر اختطاف المدنيين على متن سيارات الأجرة، في جرائم يعتقد خبراء محليون أنها مرتبطة بشكل ما بالمتمردين الأوغنديين.
فمع تواتر العمليات المشتركة التي يقودها الجيشان الكونغولي والأوغندي ضد هؤلاء المتمردين، ضاق الخناق عليهم ما دفعهم لتوسيع نطاق أنشطتهم للإفلات من القبضة الأمنية.
ويبدو أن زحفهم وصل هذه المرة إلى قلب الكونغو الديمقراطية، هناك حيث اختلطوا بالعصابات، وباتوا يصطادون المدنيين لاختطافهم ومساومة أسرهم مقابل الحصول على أموال.
واتخذت هذه الظاهرة أبعادا مقلقة في العاصمة الكونغولية، وخلقت موجة من الهلع بين السكان، فيما استعرض العديد من الضحايا تفاصيل اختطافهم أمام المحكمة الابتدائية في كينشاسا.
تقول لورا: "دائما ما يجلبون معهم امرأة - خاصة عندما يستهدفون اختطاف سيدة - لإضفاء المزيد من الثقة على [السكان] وهم في الغالب شباب عاديون لا تبدو عليهم أي علامات إجرامية أو أنهم ينتمون لجماعات متمردة".
وتضيف: "تلقيت ضربات وتعرضت للضرب وهددوني وأخذوا كل شيء مني، لقد طلبوا مبلغا معينا من المال، ثم أجبروني على طلبه من عائلتي وأصدقائي وحين تلقيت المبلغ المطلوب لم يكن لدي من خيار سوى منحهم كلمات المرور الخاصة بي لتلقي الأموال من كل مكان".
وأشارت إلى أن الحادثة لا تزال عالقة في ذهنها وتثير في نفسها الرعب لدرجة أنها باتت تفضل السفر بالدراجة النارية بدلا من استخدام وسائل النقل العام.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، تلقت شرطة كينشاسا عشرات الحالات المماثلة، بل إن بعض الضحايا قتلوا ثم أُلقي بهم في المزاريب.
وفي غضون ذلك، وعد وزير الداخلية الإقليمي غراسيان ساكالا بأن "تقوم مختلف الأجهزة الأمنية بدوريات مختلطة، ولكن أيضا سيتم إنشاء نقاط تفتيش لتكون قادرة على تعقب هؤلاء الأشخاص غير المدينين الذين يسعون جاهدين لنشر الخراب والهلع في العاصمة"، على حد قوله.