رحيل بعثة شرق أفريقيا.. ثغرة أمنية بجدار الكونغو الديمقراطية
بعثة شرق أفريقيا بالكونغو الديمقراطية تحزم أمتعتها استعدادا لرحيل مبكر يؤجج المخاوف بشأن مخاطر فراغ أمني بمناطق يطوقها المتمردون.
ففي شرقي الكونغو الديمقراطية، انتهت رسميا، أمس الجمعة، ولاية قوة مشتركة أرسلتها مجموعة شرق أفريقيا، لتطوى بذلك صفحة مهمة سريعة استمرت لنحو عام فقط، بهدف التصدي لمتمردي حركة "23 مارس/ آذار" المعروفة اختصارا بـ"إم 23".
وفي وقت سابق، رفضت كينشاسا استمرار البعثة، معتبرة أنها غير فعالة، لتعطي بذلك شارة رحيل تحاصره ارتدادات فراغ أمني قد يعيد الأوضاع شرق البلد الأفريقي إلى مربعها الأول.
وجرى التصديق على خطوة فك الارتباط خلال لقاء جمع الأربعاء الماضي رؤساء أركان أعضاء رابطة شرق أفريقيا في أروشا بتنزانيا.
وبناء على ذلك، بدأت المرحلة الأولى لرحيل القوة المشتركة نهاية الأسبوع الماضي بمغادرة 300 جندي كيني، ويفترض أن يلحق بهم جنود دولة جنوب السودان، ثم الوحدات الأوغندية والبوروندية.
وستنسحب بعض القوات والمعدات والأسلحة أولاً إلى قواعدها قبل 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وبحلول 7 يناير/كانون الثاني المقبل، تكون البعثة غادرت الأراضي الكونغولية نهائيا، ويعقب كل ذلك تفكيك مقر القوة الموجود في منطقة غوما (شرق) تحت القيادة الكينية.
ولم يمر بدء الانسحاب دون شارة ترحيب من المتمردين، حيث اندلعت بالتزامن مع ذلك معارك شرسة في شمال كيفو بين الجيش وحركة "إم 23" وجماعات مسلحة أخرى، في توتر ينذر بأن الخطوة ستكون لها تداعيات وخيمة.
هدوء لم يطل
حين انتشرت القوة المشتركة لدول شرق أفريقيا، كانت حركة "إم 23" في أوج قوتها حيث نجحت في السيطرة على مساحات شاسعة في منطقة روتشورو بأكملها تقريبًا وجزء من ماسيسي.
ولاحقا، سجلت الجبهات هدوءا نسبيا، حيث تراجع المتمردون وتنازلوا عن العديد من المناطق التي باتت تدريجيا تحت سيطرة القوة المشتركة، واستمر هذا الهدوء حتى أكتوبر/ تشرين أول الماضي حين استأنف الجماعات المسلحة هجماتها بمحيط مدينة غوما عاصمة إقليم شمال كيفو.
وبمرور الوقت، توسعت مناطق الاشتباك بين المتمردين والجيش الكونغولي لتصل اليوم إلى 20 كيلومترا شمالا وحوالي 40 غربا من عاصمة الإقليم.
تقدم يثير مخاوف من خطر حدوث فراغ أمني، وهذا ما يشكل مصدر قلق حقيقي من جانب مراقبين، رغم تأكيدات الحكومة الكونغولية بأن أولويتها تكمن في تجنب ذلك.
لكن السيناريو المخيف يظل عودة الاشتباكات بهدف سيطرة المتمردين على مناطق كانت بالسابق خاضعة لحماية القوة المشتركة لدول شرق أفريقيا.
ووفقا لتوصيات رؤساء أركان المنطقة، يجب أن تنتقل هذه المساحات إلى أيدي القوات الكونغولية، لكن حركة "إم 23" أعلنت بالفعل عن نيتها الاستيلاء عليها.
وهذا ما يوضحه أونسفور سيماتومبا، محلل منطقة البحيرات العظمى في مجموعة الأزمات الدولية، بالقول إنه إذا تمت عمليات المغادرة هذه إلى جانب القوات الأقرب إلى خط المواجهة لفض الاشتباك، فستكون هناك فجوة بين مواقع حركة "إم 23" ومواقع الجيش.
وحذر الخبير، في حديث لإعلام محلي، من أن ما تقدم قد يخلق فراغا أمنيا قد يؤدي إلى تفاقم الوضع.
قوات أجنبية
رحيل قوة مجموعة شرق أفريقيا لا يعني نهاية وجود جميع القوات الأجنبية في شمال كيفو.
ووفقا لمصدر حكومي كونغولي، فإن القوات البوروندية، المؤلفة من كتيبتين تضم حوالي 1500 رجل، ستبقى بموجب اتفاق ثنائي تم توقيعه بين بوجمبورا وكينشاسا الصيف الماضي.
وتستهدف هذه القوات دحر حركة "إم 23"، بالتنسيق مع الجيش الكونغولي، فيما تؤكد عدة مصادر أن تلك الوحدات أبدت التزاما فعليا خلال الاشتباكات الأخيرة.
ومن ناحية أخرى، فإن هذا ليس هو الحال بالنسبة للوحدة الأوغندية، وبطبيعة الحال، هناك أيضاً اتفاق ثنائي بين كمبالا وكينشاسا، ولكنه يشمل فقط القتال ضد جماعة مسلحة أخرى، من ذلك "تحالف القوى الديمقراطية" الناشطة شمالاً، باتجاه بيني وفي مقاطعة إيتوري.
وأشارت القوات الأوغندية إلى هذا القرار في بيان صحفي أعلنت فيه أنها تنفذ انسحابًا تدريجيا وتدريجيا ومنظما ومتسلسلا، من أجل تقليل "أي اضطرابات قد تؤدي إلى منطقة من انعدام الأمن".
وفي غضون ذلك، من المتوقع أن تصل قوات من رابطة مجموعة دول جنوب أفريقيا اعتبارا من غد الأحد، وفق مصادر، فيما أعلنت ملاوي وتنزانيا مساهمتهما في هذه القوة.
aXA6IDE4LjIyNi4xMDQuMzAg جزيرة ام اند امز