التمرد و«داعش».. الشرق الكونغولي يتمزق وأوغندا تتأهب

أوغندا القلقة من عبور داعش الحدود الكونغولية تتحرك أملا بقطع الطريق في منطقة توشك أن تدخل نطاق سيطرة المتمردين والإرهابيين.
وبعد نشر كمبالا قوات في بونيا عاصمة إيتوري، زار رئيس أركان القوات البرية للقوات المسلحة الكونغولية، الجنرال ندايويل، المدينة للقاء كبار ضباط الجيش الأوغندي.
وكان الهدف من الاجتماع تنسيق العمليات المشتركة بين البلدين، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل أكثر من ثلاث سنوات لتعقب «القوات الديمقراطية المتحالفة»، المتمردون الذي أعلنوا ارتباطهم بتنظيم داعش.
الكونغو الديمقراطية تنزف شرقا.. نزوح قياسي نحو بوروندي
الإرهاب يتمدد.. «داعش» يصب الزيت على نار الشرق الكونغولي
ومنذ الإثنين الماضي، وصل ما لا يقل عن 750 جنديا أوغنديا مع مركبات مدرعة، وتتمركز هذه القوات في معسكر القوات المسلحة الكونغولية في روامبارا على مشارف بونيا.
لكن يظل التساؤل أين سيتم نشر هؤلاء الجنود وما هي مهمتهم تحديدا؟، وهو ما موضوع الاجتماعات العسكرية الحالية بين الجانبين.
ويقول منسق المجتمع المدني في مقاطعة إيتوري، ديودونيه لوسا، مطمئنا، في تصريحات نقلها إعلام محلي: «هذا دليل على أن وصول الجنود الأوغنديين ليس مبادرة أحادية الجانب من جانبهم، بل هي مبادرة متفق عليها مع الكونغوليين».
لكن بالتوازي مع ذلك، أثارت التحركات الأوغندية بعض القلق بالأوساط الكونغولية.
وينص الاتفاق المبرم عام 2021 بين كينشاسا وكمبالا على تنفيذ عمليات مشتركة ضد «القوات الديمقراطية المتحالفة»، لكن مصادر عسكرية أوغندية أثارت احتمال أن تقوم هذه التعزيزات أيضا بعمليات ضد جماعات مسلحة محلية.
ويأتي ذلك في وقت اكتسب فيه الصراع بين ميليشيات «كوديكو» و«زائير» الناشطتين في إيتوري حدة بالآونة الأخيرة، حيث بات التناحر ظاهرا سعيا لكسب النفوذ والأرض على حساب متمردي «إم 23» وداعش.
والأسبوع الماضي، هدد رئيس الأركان الأوغندي أيضا، في رسالة نشرت على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي، بشن هجوم ضد الجماعات المسلحة المحلية الناشطة في بونيا.
وكان ذلك كاف لإثارة مخاوف البعض من تكرار سيناريو حرب الكونغو الثانية، عندما قاتلت رواندا وأوغندا بعضهما البعض في الكونغو الديمقراطية من خلال جماعات مسلحة بالوكالة.
المتمردون يتقدمون
بعد سيطرتها على مدينة غوما الكبيرة في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، دخل متمردو «إم23» بوكافو عاصمة إقليم جنوب كيفو الأحد من دون مواجهة أي مقاومة تذكر.
وعاودت الحركة حمل السلاح عام 2021 في شرق الكونغو الديمقراطية الذي عانى حروبا طيلة ثلاثة عقود، فيما تواصل حاليا الحركة المسلحة تقدمها في اتجاهات عدة بلا عوائق.
وأشار أحد المراقبين الجمعة إلى أن "عددا قليلا جدا من الجنود الكونغوليين يقاتلون" ضد المتمردين، مضيفا أن "الوحيدين الذين ما زالوا يقاتلون هم أفراد مليشيا وازاليندو المحلية الموالية للحكومة".
وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد ذكرت الخميس أن اشتباكات شبه يومية اندلعت بين المتمردين وحركة وازاليندو في الأيام الأخيرة في بلدة ماسيسي التي تبعد نحو 80 كيلومترا شمال غرب غوما.
"فوضى"
لوحظ السيناريو نفسه في أماكن أخرى منذ سقوط بوكافو: تتراجع القوات المسلحة الكونغولية والفصائل المسلحة المتحالفة معها دون مقاومة حقيقية.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الجمعة إن النزاع أجبر نحو 42 ألف شخص، معظمهم نساء وأطفال، على اللجوء إلى بوروندي المجاورة خلال أسبوعين، وهو تدفق "غير مسبوق منذ 25 عاما".
كما فر نحو 15 ألف شخص منذ يناير/ كانون الثاني الماضي إلى دول مجاورة أخرى، توجه أكثر من 13 ألفا منهم إلى أوغندا، وفق المفوضية.
وتتوقع المفوضية تزايد تدفق اللاجئين إلى بوروندي مع اقتراب المتمردين من أوفيرا، وهي بلدة تقع على الطرف الشمالي الغربي من بحيرة تنجانيقا وقبالة بوجومبورا العاصمة الاقتصادية لبوروندي.
وتحدث سكان تواصلت معهم فرانس برس عن وضع تعمه "الفوضى" في الأيام الأخيرة. وقال أحدهم: "أنا محبوس في منزلي منذ أسبوع تقريبا... ما زالت حركة المرور متوقفة".
وأشار إلى "انسحاب عناصر القوات المسلحة الكونغولية منذ بعض الوقت... إلى أوفيرا" التي يعد ميناؤها المخرج المحتمل الرئيسي للجنود الكونغوليين المنسحبين.
وأفادت مصادر محلية فرانس برس بأن مئات الجنود وعائلاتهم عبروا المدينة سيرا الأربعاء للوصول إلى الميناء، مرورا بالمتاجر المغلقة في حين سمع إطلاق نار نسب إلى مجموعات تنفذ عمليات نهب.
وذكر مصدر من البلدية أن "هدوءا حذرا" ساد الجمعة في أوفيرا، حيث اتخذ القائد العسكري للمنطقة "تدابير لتأمين السكان وممتلكاتهم" و"تم اعتقال عناصر غير منضبطين".