مضاد حيوي عمره 80 عاما يعود للحياة بشكل جديد
الجراميسيدين مصدره في الأصل بكتيريا التربة وأصبح أول مضاد حيوي يتم تصنيعه تجاريًا في أوائل الأربعينيات ولا يزال يوصف لبعض الالتهابات
نجح باحثون من قسم العلوم الصيدلانية بجامعة طوكيو في تصميم أكثر من 4 آلاف بديل صناعي للمضاد الحيوي المعروف باسم "الجراميسيدين"، وأعلنوا عن هذا الإنجاز في العدد الأخير من دورية "نيتشر كومينيكيشن".
واكتشف "الجراميسيدين" في بكتيريا التربة وأصبح أول مضاد حيوي يتم تصنيعه تجاريًا في أوائل الأربعينيات، ولا يزال الأطباء يصفونه اليوم ككريم أو قطرات موضعية لبعض التهابات الجلد والعين والحنجرة، لكن لا يمكن استخدامه كحبوب أو حقن.
ويقتل الجراميسيدين البكتيريا عن طريق ثقب غشاء الخلية، مما يسمح بشكل أساسي للخلية بالتسرب عبر أنفاق بحجم النانو تسمى القنوات الأيونية، وتسبب هذه القنوات الأيونية غير المنظمة نفس الخراب على الخلايا البشرية عند استخدام الجراميسيدين داخل الجسم، ولذلك يستخدم بشكل موضعي.
ولطالما كان العلماء مفتونين بوظيفة القناة الأيونية للجراميسيدين لأن القنوات الأيونية شبه عالمية بين الكائنات الحية، وتشارك القنوات الأيونية البشرية في كل شيء من وظائف المخ إلى ضغط الدم.
وتم تطوير حوالي 350 نظيرًا اصطناعيًا للجراميسيدين على مدار الـ80 عامًا الماضية، وجميعها لها خصائص مشابهة للأصل، وبالتالي لا يمكن استخدامها داخل الجسم عند البشر.
ولكن الباحثون من قسم العلوم الصيدلانية بجامعة طوكيو نجحوا في تصميم وتحليل أكثر من 4 آلاف من نظائر الجراميسيدين الاصطناعية، وذلك بعد إحداث تغييرات هيكلية محددة للأحماض الأمينية، منحته أستخداما أوسع.
والجراميسيدين عبارة عن مركب حلزوني مكون من 15 حمضًا أمينيًا، وهي اللبنات الأساسية للببتيدات، وهي بروتينات قصيرة، واختار الباحثون بشكل استراتيجي 6 من تلك الأحماض الأمينية التي يمكن تغييرها دون فقدان الجوانب الأساسية للبنية الطبيعية للجراميسيدين.
ويمكن تبادل كل من هذه الأحماض الأمينية الـ6 بـ4 أحماض أمينية مختلفة لتغيير كيفية ترابط الببتيد معًا، مما يؤدي إلى إجمالي 4096 اختلافًا، كل واحد منها يعد بديل صناعي قائم بذاته.
وبدأ الباحثون في اختبار إصداراتهم الجديدة من الجراميسيدين لمعرفة النشاط ضد البكتيريا العقدية للعدوى البكتيرية الشائعة، ثم تم تقييم أقوى المؤدين من حيث قدرتهم المحتملة على عدم قتل الخلايا البشرية بشكل عشوائي عن طريق اختبار ردود أفعالهم مع خلايا دم الأرانب وخلايا سرطان الدم لدى الفئران.
وحددت هذه الاختبارات حوالي 10 أنواع من الجراميسيدين كأدوية مستقبلية واعدة مضادة للبكتيريا.