إن الطريقة التي أراد من خلالها سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد البخاري.
الرد على إساءة وزير خارجية اللبناني المستقيل شربل وهبة، كانت طريقة دبلوماسية رصينة جداً.
فالسفير الذي يمتاز بعلاقاته الوطيدة مع مختلف مكونات الشعب اللبناني، قرر استقبال الوفود اللبنانية التي توجهت نحو دارته في منطقة اليرزة ببيروت، داخل خيمة عربية مليئة بعبق التاريخ والإرث الحضاري لدول الخليج العربي التي تنافس بخدماتها لمواطنيها أرقى دول العالم.
والمشهد الذي خلفته عبارات الوزير اللبناني غير الموفقة، شرح للعالم كله عظمة ما يجري في دول عربية خليجية قوية مثل السعودية والإمارات، فالبلدان تعاملا مع المسألة بنفس سياسي عميق، مزج بين الحرص على لبنان الدولة والمجتمع، وتسليط الضوء على الممارسات التي تضر بعلاقات الشعوب الأخوية.
وحتى الإعلام الغربي تأثر ولو بشكل محدود، بأصداء ذلك الحراك السياسي والدبلوماسي والإعلامي على خلفية ذلك الحدث، والتعاطي جاء في إطارٍ إيجابي يركز في الشكل والمضمون على النهضة العمرانية والاقتصادية وحتى الاجتماعية والثقافية داخل دول مجلس التعاون الخليجي العربي.
فمنطق الإعمار وتقديم الجيد والأجود للإنسان هو النهج الأمثل الذي قامت عليه تلك الدول، ولعل كلمة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الشهيرة "شعوبنا تستحق كل الخير"، هي الكلمة التي تتلاقى مع طموحات الملك عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه، حين قال "إن خدمة الشعب واجبة علينا، لذلك نخدمه بعيوننا وقلوبنا".
ولا يضير العرب الخليجيين أصولهم البدوية التي يفخرون بها، فهم أهل الكرم الذين فتحوا أبواب بلدانهم لإخوتهم العرب كي يعملوا ويكسبوا رزقهم، وساروا على نهج الأخلاق العربية الأصيلة التي تمثل في شكلها ومضمونها التصرف السليم للعربي السوي.
وحتى الوزارات المعنية بالشأن التاريخي والثقافي في دول الخليج العربي، لا تزال تجتهد في إظهار ذلك الموروث الحضاري الذي تميزت به منطقة الجزيرة العربية، فالسعودية حين ترأست قمة العشرين العام الماضي، ذهبت بعيداً نحو تعريف العالم كله بطبيعة الحياة البدوية، والجمال الذي تحتوي عليه من خلال الصناعات اليدوية وغيرها، فضلاً عن شعار القمة الذي تزين بما يسميه السعوديون بـ"السدو".
ولا يمكن لصناع المستقبل أن يسيروا في طريقه، دون الرجوع إلى الماضي التليد، الذي نشأت عليه أجيال من العرب، ليحمل الراية الأبناء والأحفاد وهم يصنعون المجد حين يصعدون إلى الفضاء، ويرسلون إليه مسبار الأمل الذي صنعته الإمارات العربية المتحدة بجهود مواطنيها الأكاديميين.
ولعل الحديث مجدداً عن خيمة السفير التي روت لنا كعرب الكثير، يجعلنا أمام مفهوم التسامح والحوار الذي يعلي من شأن العقل، ويستفيد من الأزمات ليخلق منها فرصاً جدية تعزز المعرفة والتوضيح لأشياء تغيب عن أذهان الآخرين.
وأجمل ما يستوقفني في المجال ككاتب عربي يقيم في أوروبا منذ سنوات، هو عبارة صديقي السويدي الذي عاش في الإمارات والسعودية مدرساً لسنوات، حين أخبرني أن سهولة وصول المواطن لحكامه في هاتين الدولتين، أمرٌ يعكس بجلاء ووضوح قرب الحاكم من المحكوم، لأن صورة الحكم الرشيد القائم على مفهوم ديمقراطي خاص، ربما تتفوق أحياناً على رتابة المفاهيم الديمقراطية المعاصرة في الغرب نفسه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة