إن الطريقة التي يتم تسطيح العقول بها من خلال العرض الإعلامي لبعض القنوات الإخبارية.
حول قضية الحوار الخليجي مع جمهورية الملالي في إيران طريقة خاطئة، لا تعطي متسعاً للتفكير ملياً بجدوى نتائج أي حوار مفترض دون ذكر الأسباب الحقيقية لانعدامه أصلاً.
فدعوة وزير خارجية إيران جواد ظريف مؤخراً لدول مجلس التعاون الخليجي من أجل الجلوس على طاولة الحوار، علق عليها الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي بشكل واضح، إذ بيّن حقائق رئيسية تشير إلى ماهية التسويف والهروب من الأزمات الداخلية الإيرانية، ليدعو المسؤول السعودي الرفيع بدوره طهران إلى خلق أرضية لذلك الحوار المفترض، من خلال تغيير أفكار النظام الحاكم بإيران، والتركيز جدياً على رخاء الشعب ومصالحه الوطنية.
دول الخليج العربي تمثّل منذ سنوات نموذجاً غير مرغوب به لدى نظام ملالي إيران، فهي دول غنية وشعوبها ترفل في تنمية مستدامة، لديها حكومات واعية، تبتعث مواطنيها للتعليم في أرقى جامعات العالم، بينما دأب الولي الفقيه في إيران على إرسال مواطنيه للقتال في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وعودة أغلبهم إلى ذويهم جثثاً هامدة دون غاية تذكر أو هدف يُحترم.
ومن الناحية الاقتصادية يعتبر معدل دخل الفرد سنوياً في أغلب دول الخليج العربي أعلى بملايين المرات من دخل الفرد سنوياً بإيران، بل إن مناطق في السعودية على سبيل المثال تخصص ميزانيات سنوية لخدمة سكانها، تزيد بعشرات المرات على موازنة الدولة الإيرانية السنوية مجتمعةً.
وهنا يتم التمييز من قبل المجتمع الدولي بأسره، والنظر إلى واقع عيش تلك الشعوب العربية الخليجية التي تتمتع بتجربة تنموية رائدة وتحافظ على مقدراتها، في وقت تصرف فيه حكومات إيران المتعاقبة أموالها على مليشيات إرهابية، تمارس القتل والعنف في الساحة السورية والعراقية واللبنانية وحتى اليمنية بشهادة المتظاهرين الإيرانيين أنفسهم.
إذاً المقارنة بين دول الخليج العربي وإيران من حيث التعليم والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية إلى آخره لا تصح، فطهران مصنفة بحسب الكثير من منظمات الأمم المتحدة بأنها عاصمة الفقر والجوع، بينما عواصم دول الخليج العربي تشهد معدلات مرتفعة في العمران والتميز ومسابقة الزمن في تقديم الأفضل لزوارها فضلاً عن المقيمين بها.
ولا يوجد في قاموس دول مجلس التعاون الخليجي العربي مفهوم دعم المليشيات أو تمجيد العنف ومباركة الإرهاب، كما هو الحال في إيران التي تؤوي -بحسب تقارير أمريكية- عناصر تنظيمي القاعدة وداعش، وتوفر الدعم المالي واللوجستي لأغلب المتطرفين والإرهابيين، بل تتحالف معهم على الأرض وتبرم معهم صفقات الانقلاب على الحكومات الشرعية واستهداف المدنيين الآمنين بسوريا والعراق واليمن ولبنان.
الشعب الإيراني لم يستفد من موارد نفطه أو عائدات الطاقة في بلده، ليبقى النظام في عهد خامنئي كما الخميني دولة ترزح تحت نير الجهل والعداء للآخرين، فالوزارات في إيران معطلة ولجان المرشد هي التي تشرف عليها، ومنصب الرئيس للجمهورية عبارة عن واجهة، كون مكتب المرشد هو المصدر الوحيد لصنع القرار.
وأما الجيش الإيراني فينظر إليه رسمياً نظرة دونية، لأن الحرس الثوري الإيراني هو القوة الضاربة في البلاد، ولا قيمة تُذكر لمؤسسة الشرطة باعتبار قوات الباسيج التابعة للثورة هي العصا الغليظة التي ترفع فوق رقاب المواطنين الإيرانيين.
وإزاء هذا العرض السريع والموجز لطبيعة الحكم والحكام في إيران، يدرك القاصي والداني بأن أي حوار حقيقي مع طهران يجب أن يسلك طريق القناعة لدى المسؤولين الإيرانيين بالشروع في إصلاح ما أفسدته الثورة عام 1979 في مجمل مفاصل دولتهم، فالفرق شاسع بين إدارة الدول وتأسيس العصابات والمليشيات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة