سوق عقارات غزة.. استثمار "غير آمن"
حالة ركود غير مسبوقة تضرب سوق العقارات في قطاع غزة، بعد 14 عاما من الحصار، في الوقت الذي ضاعفت فيه أزمة كورونا أزماته.
وفشلت عروض خفض الأسعار في تنشيط السوق رغم الاحتياجات المتزايدة من الشباب للسكن، وفق خبراء.
ويؤكد معين أبو الحصين، أحد تجار العقارات المعروفين بغزة لـ"العين الإخبارية"، أن جائحة كورونا زادت من التأثير السلبي على تجارة العقارات المتضررة من قبل بسبب الحصار.
وشكل انخفاض سعر صرف الدولار سببا جديدا في ركود سوق العقارات، بحسب أبو الحصين.
ويتعامل سكان قطاع غزة بالدولار الأمريكي في شراء الشقق السكنية، في حين يجري التعامل بالدينار الأردني في شراء الأراضي.
ويشير أبو الحصين إلى أن من عوامل الركود أيضا تقليص البنوك برامج تمويل شراء العقارات التي كانت تصل لـ10 سنوات أو 15 سنة، وذلك بعد تخفيض رواتب موظفي السلطة منذ2017، والآن أضيف إليها مخاوف موظفي الاونروا من تأثر رواتبهم.
وأكد أن كل ذلك أدى إلى تراجع المبيعات كثيرا بما يصل إلى 50 % على الأقل، مشيرا إلى أن التراجع الكبير بدأ منذ عام 2017، لكن هذا العام شهدنا تراجعا قياسيا.
وقال: لدينا العديد من الشقق السكنية في عدة بنايات ونواجه صعوبات في بيعها بخلاف السنوات الماضية ،كما نواجه مشاكل في بيع الأراضي التي تتركز في محافظة غزة والوسطى.
وبحسب وزارة الأشغال والإسكان بغزة؛ فإن الاحتياج من الوحدات السكنية يصل إلى نحو 227,505 وحدات سكنية سنويا.
وطرحت العديد من الشركات تسهيلات في البيع لتحريك المبيعات في مشاريع جديدة وقديمة، فضلا عن العروض الخاصة من الأشخاص لبيع شققهم بأسعار مغرية دون جدوى.
شراء الأراضي
الركود الحالي لا يقتصر على الشقق، بل شمل أيضا الأراضي.
ودلل محمد عبد الله (65 عاما) تاجر الأراضي على هذا الركود، قائلا إنه كان يبيع في الشهر الواحد منذ 2017 حوالي 4 قطع أراض للمواطنين في حين حاليا بالكاد يبيع قطعة واحدة حاليا.
ويعزو عبد الله في حديثه لـ"العين الإخبارية" ذلك لمخاوف كبيرة لدى الناس من شراء الأرض، مبينًا أن الكل يخشى تدهور اقتصادي أشد.
ويشير عبد الله إلى أن سعر الأرض انخفض في كثير من المواقع المختلفة بالقطاع رغم ذلك لا يوجد مشترين.
ووفقً أحدث تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) بلغت خسائر قطاع غزة، خلال 10 سنوات نحو 16.7 مليار دولار، جراء التكلفة الاقتصادية التراكمية للاحتلال الإسرائيلي.
الخبير الاقتصادي سمير دقران، يوضح أن سوق العقارات كجزء من تركيبة الاقتصاد بغزة تأثر بكل ما تأثر به الاقتصاد جراء الحصار وخفض الرواتب وكورونا أخيرا.
وقال دقران لـ"العين الإخبارية": إن الناس بحاجة للعقارات لكن لا توجد سيولة لديها للشراء رغم انخفاض ثمنها وتسهيلات البيع.
ووفق تقرير الأونكتاد؛ نتيجة لانهيار الناتج المحلي الإجمالي، قفز معدل الفقر في قطاع غزة من 40 %إلى 56% وارتفعت فجوة الفقر من14 % إلى 20% وتضاعفت التكلفة السنوية لانتشال الأفراد من الفقر أربع مرات من 209 مليون دولار إلى 838 مليون دولار.
وأكد الخبير الاقتصادي دقران، أن الناس تخشى من عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات لتجار العقارات لأنه لا يوجد سيولة لديهم.
وأشار إلى أن التراجع في سوق العقارات يكبد تجار العقارات خسائر كبيرة وينعكس ذلك على الاقتصاد عموما.
كما أشار إلى أن البنوك قلصت برامج التمويل لمواجهتها أزمة في سداد الموظفين، مبينا أن عمليات التمويل التي ضخت فيها البنوك أموال طائلة من سنوات تواجه مشكلة في تحصيلها في مواعيدها بسبب أزمات الرواتب والركود نتيجة كورونا.
وتكبد اقتصاد قطاع غزة المنهك أصلا، خسائر بأكثر من مليار دولار جراء جائحة كورونا، وفقا لبيان من جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين.