بعد "ليلة عصيبة".. الهدوء يعود للخرطوم وتعهد بمحاسبة المتمردين
شهود عيان أكدوا أن حركة الشوارع في الخرطوم وباقي المدن تسير بصورة طبيعية لافتين إلى اختفاء كافة المظاهر العسكرية
عادت الحياة لطبيعتها في الخرطوم، وهدأت وتيرة الأوضاع بعد ليلة عصبية عاشتها العاصمة السودانية إثر اشتباكات مسلحة بين الجيش ومتمردي هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات العامة.
ومع إعلان الجيش، فجر الأربعاء، السيطرة على مقار هيئة العمليات، خرج سودانيون إلى أعمالهم المعتادة، كما تم فتح المجال الجوي أمام حركة الطائرات، بعد أن ظل مغلقا طوال ليل الثلاثاء.
وقال شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، إن حركة الشوارع في الخرطوم وباقي المدن تسير بصورة طبيعية، لافتين إلى اختفاء كافة المظاهر العسكرية.
وأكد الشهود أن المقار الثلاثة التابعة لهيئة العمليات بجهاز المخابرات، والتي سيطر عليها الجيش السوداني، تشهد هدوء كبيراً واختفت كافة المظاهر والآليات العسكرية التي كانت منتشرة أمس.
وبحسب السلطات السودانية، فإن الهدوء عاد أيضاً إلى مدينتي الأبيض وكسلا اللتين شهدتا مواجهات مماثلة مع هيئة العمليات المتمردة، كما تم طرد هذه العناصر من حقلين نفطيين غرب السودان.
وجاءت الأحداث التي حسمها الجيش بعد عملية نوعية، حسب التفسير الحكومي، نتيجة لاعتراض أفراد هيئة العمليات على مكافأة نهاية الخدمة والتي اعتبروها ضعيفة، وتمردوا ورفضوا تسليم مقارهم للقوات المسلحة.
وتفجرت أزمة هيئة العمليات، التي تضم نحو 13 ألف عنصر، بعد أن قررت السلطة الانتقالية هيكلة جهاز المخابرات وجعله قوة لجمع المعلومات وتفكيك وحداته القتالية.
وتمثل هيكلة جهاز المخابرات أحد أبرز مطالب حركة الاحتجاجات الشعبية، لارتباطه بالقمع والتعذيب الوحشي خلال حكم تنظيم الإخوان المعزول.
وتم توزيع استمارات على أفراد هيئة العمليات لتخييرهم بين الالتحاق بقوات الدعم السريع أو الجيش أو التسريح والحصول على مكافأة بعد الخدمة، فاختار نحو 80% منهم التقاعد، وفق مصادر عسكرية.
وكان مقررا أن يتم إخلاء مقار هيئة العمليات وتسليمها للقوات المسلحة بحلول 15 يناير/كانون الثاني الجاري، لكن أفرادها رفضوا التسليم بحجة أن مكافأة نهاية الخدمة ضعيفة مقارنة بما يستحقونه.
سقوط قتلى
وتمكنت القوات المسلحة من السيطرة على مقري هيئة العمليات بكافوري وسوبا ورئاستها شرقي مطار الخرطوم الدولي، بعد اشتباكات انتهت فجر الأربعاء.
ووفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤولين ومصادر طبية، فإن 5 أشخاص قتلوا بينهم جنديان خلال تصدي الجيش السوداني لحركة "التمرد".
والثلاثاء، اندلع إطلاق نار كثيف في قاعدتين بالخرطوم تابعتين لجهاز المخابرات العامة، بعد أن رفض خطة التقاعد.
وتسببت الأحداث في تعطيل حركة الملاحة في مطار الخرطوم الدولي، بعد إغلاق المجال الجوي السوداني، كما أثارت مخاوف وذعر في نفوس المواطنين.
محاسبة المسؤولين
وأعلن الجيش السوداني، الأربعاء، استرداده حقول نفط غربي البلاد من قبضة متمردي جهاز المخابرات العامة.
وقال متحدث باسم الجيش السوداني: "تعاملنا مع التمرد الذي حدث أمس بكل مرونة، وتم اتخاذ التدابير اللازمة لعدم تكراره في البلاد".
وأضاف: "سنحاسب الضباط المسؤولين عن التمرد طبقا للقانون".
وأكد وزير الطاقة والتعدين السوداني، عادل علي إبراهيم، في مؤتمر صحفي اليوم، أن القوات المسلحة نجحت في توقيف العناصر المتمردة وسيتم نقلهم من حقلي نفط سفيان وحديد بولاية شرق دارفور إلى العاصمة الخرطوم.
وكشف إبراهيم عن أن عملية الاستيلاء على حقلي النفط جرت بالتزامن مع الأحداث التي وقعت في مقار هيئة المخابرات بكل من الأبيض والخرطوم.
وأشار إلى أن "عقلانية وحكمة قيادة القوات المسلحة في المنطقة أدت إلى عدم وجود أي خسائر بشرية أو مادية في المنشآت النفطية، منذ التفاوض مع المتمردين وحتى استسلامهم فجر الأربعاء".
وتنتج منطقتا سيفان وحديدة بالمنطقة الغربية 7 آلاف برميل من النفط، لكنها تأثرت بعد وقف عمليات الضخ.
ونبه وزير الطاقة السوداني إلى أنه تم استئناف عمليات الإنتاج بعد عودة التيار الكهربائي.
اتهام قوش
ومنذ الوهلة الأولى، اعتبرت السلطات السياسية والعسكرية في السودان، ما حدث من قبل أفراد هيئة العمليات "تمردا"، لافتة إلى قدرتها على حسمه.
فيما صوب نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) أصابع الاتهام لمدير المخابرات السابق صلاح قوش بالوقوف وراء الأحداث.
وقال حميدتي، في مؤتمر صحفي بعاصمة جنوب السودان (جوبا)، إن هناك مطالبة بحل إدارة العمليات بجهاز الأمن الذي تحول إلى المخابرات العامة وتحويل بعض العناصر للتقاعد.
وأشار إلى أن ما يجري في السودان هو أمر ويقف وراءه عناصر حزب المؤتمر الوطني المنحل، لافتا إلى أن المجلس السيادي لم يتخذ أي إجراء على الفور.
aXA6IDMuMTUuMTg2LjU2IA== جزيرة ام اند امز