حماس والسلطة وغزة.. هل يتعثر الإعمار بخلاف الآليات؟
هدأت أصوات الغارات في غزة، لتشتعل الخلافات بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس حول آليات إعمار القطاع، وسط مخاوف من تعثر العملية.
وبعد نحو شهر من وقف عملية "حارس الأسوار" الإسرائيلية في غزة، لا تزال تفاصيل عملية الإعمار غامضة في ظل خلافات علنية بين السلطة وحماس حول ترتيبات ذلك، في ظل تحرك مصري يضع بأولويته إعادة الإعمار.
اتفاق على الإعمار واختلاف حول الآليات يعقد الأوضاع في قطاع يتطلع سكانه إلى الخلاص من الركام والحصول على مأوى يرفعهم من قائمة المشردين.
عبد الرحيم محمد، أحد أصحاب المنازل المدمرة بغزة يقول لـ"العين الإخبارية": "نريد الإسراع في الإعمار، ونتخوف من أن تتسبب الخلافات في تعطيل أو تأخير الإنجاز، نحن مشردون حاليا ونستأجر بيتا بعيدا عن مكاننا بالكاد نتكيف معه".
وبحسب وزارة الأشغال العامة في غزة؛ تم إحصاء تدمير 1200 وحدة سكنية بشكل كامل، و1000 وحدة سكنية تدمرت بشكل جزئي بليغ وباتت غير صالحة للسكن، و20 ألف وحدة سكنية ما بين متوسط وطفيف.
فيما قدرت تكلفة إعادة إعمار تلك الوحدات السكنية بنحو 150 مليون دولار.
أجندات مختلفة
معين رجب، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، يرى أن الأجندة لا زالت مختلفة بين غزة ورام الله، والسلطة تريد الحفاظ على ما تتمتع به من مزايا ومكاسب موقعها التمثيلي ولا تريد إشراك أحد في ملف إعادة الإعمار.
وقال رجب لـ"العين الإخبارية": "المفترض أن يكون ملف إعادة الإعمار حياديا للتخفيف من وطأة آثار الحرب، والمطلوب الآن أن يتكاتف الجميع لسرعة إعادة الإعمار وليس الخلاف".
وأشار إلى أن "مصر تقف على مسافة واحدة من قطبي الساحة الفلسطينية، والمطلوب من مختلف الأطراف الفلسطينية مساعدة القاهرة في القيام بالدور الذي أخذته على عاتقها بإعادة الإعمار".
رؤية السلطة
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أجرى جولة خليجية شملت الكويت وقطر وسلطنة عُمان لإقناعها بإرسال مساعداتها للسلطة الوطنية، بالتوازي مع زيارة وزير الخارجية رياض المالكي للعراق للتأكيد على ذات الطلب.
فيما زار وفد حكومي فلسطيني مصر لمعرفة موقف القاهرة من إدارة السلطة لملف إعمار غزة.
ووفق مصدر فلسطيني؛ فإن السلطة تتمسك بهذا الملف كشكل من أشكال الالتزام بشرعيتها الرسمية، وأن إيجاد أي أجسام أخرى من شأنه التشكيك في مسؤوليتها عن كل مكونات الجغرافيا الفلسطينية.
ويرى رجب أن عدم اتفاق الفلسطينيين على آليات إعادة الإعمار سيترك آثاراً اقتصادية خطيرة على البنى الاقتصادية الفلسطينية في المستقبل، معتبرا أنه بناء على ذلك، من "المهم جدا أن تتفق الأطراف الفلسطينية على إدارة ملف الإعمار بعيدا عن التجاذبات التي لن تقف تأثيراتها عند الاقتصاد بل ستطال كل القطاعات الحياتية الفلسطينية."
ونبه بأن إدارة الدول إعادة الإعمار مؤشر على مستوى ثقة المجتمع الخارجي بالمؤسسات الفلسطينية، وهذا الأمر يستلزم من الفلسطينيين العمل على إعادة الثقة الخارجية بهم عن طريق ملف الإعمار في غزة وليس توسيع مستوى انعدام الثقة بهم.
وكانت مصادر فلسطينية كشفت عن تشكيل لجنة مصرية عليا لإعمار غزة برئاسة نائب رئيس جهاز المخابرات، وهي لجنة عقدت اجتماعات مع وفد حكومي وآخر من القطاع الخاص بغزة.
كما التقت مع وفد حكومي من السلطة الفلسطينية لوضع ترتيبات تنفيذ الخطة المصرية لإعمار غزة بتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي خصص 500 مليون دولار لإعمار غزة.
تجربة 2014
من جانبه، يعتبر الخبير الاقتصادي أسامة نوفل أن تجربة إعادة الإعمار عام 2014 كانت سلبية، ودرسا تعلم منه الجميع، لذلك فإن التوجه الآن في غزة نحو المطالبة بآلية جديدة لإعادة الإعمار لمنع استفراد طرف واحد به.
وقال نوفل لـ"العين الإخبارية" إن "السلطة الفلسطينية ترفض أية آلية تستثنيها أو تشرك أطرافا فلسطينية أخرى معها".
واقترحت الفصائل الفلسطينية تشكيل مجلس وطني أعلى لإعادة الإعمار، ممثلة فيه الحكومة الفلسطينية إلى جانب الجهات الحكومية بغزة والقطاع الخاص وغيرهم.
وأشار نوفل إلى أن السلطة ترفض بشدة المشاركة في تشكيل هذا المجلس الذي يهدف لإدارة منح إعادة الإعمار داخليا، عبر التنسيق مع المانحين، وهي مصممة على تفردها بملف إعادة الإعمار انطلاقا من مرجعيتها القانونية.
وموضحا: "هذا الموقف يبدد منحا مالية ويثير ريبة دول مانحة"، مقدرا بأن مصر ستسعى مع السلطة وحماس لتقريب وجهات النظر بين غزة ورام الله حول آليات إعادة الإعمار، بما ينعكس إيجابا على الفلسطينيين عموما وعلى ملف إعادة الإعمار خصوصا، باعتبار أن عدم الاتفاق بين الفلسطينيين سينعكس سلبا على الإعمار.
وبحسب الخبير، فإن السبب الرئيسي لموقف السلطة يكمن في أنها تحاول حل جزء من مشاكلها المالية من خلال الفوائد التي ستجبيها من منح الإعمار، على حد قوله.
وحذر من أن عدم اتفاق الفلسطينيين على إدارة ملف الإعمار قد يدفع بالعديد من الدول للبحث بطرق مختلفة لإعادة الإعمار، لافتا إلى أن بعض الدول تسعى لمباشرة الإعمار في غزة دون وسطاء لتجاوز الخلافات بين الفلسطينيين.
aXA6IDE4LjIyNS45Mi42MCA= جزيرة ام اند امز