تواجه الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى أزمة إغلاق حكومي جديدة مع استمرار التعثر بين الديمقراطيين والجمهوريين حول مشاريع قوانين الإنفاق، مما يعطل الخدمات غير الأساسية.
تتجدد هذه الأزمة المالية والسياسية دوريًا، لتضع على الطاولة سجل الإغلاقات الحكومية القاسية التي شهدتها البلاد على مدار الخمسين عامًا الماضية، فمع توقف الخدمات غير الأساسية تتجه الأنظار إلى الخلفية التاريخية لهذه الظاهرة، التي عادة ما تكون نتيجة مباشرة لعجز الكونغرس عن تمرير مشروع قانون لتمويل الحكومة الفيدرالية.
في أغلب الأحيان تدوم هذه الإغلاقات أيامًا معدودة حتى يتم التوصل إلى حل مؤقت يسمح باستمرار العمل الحكومي ريثما تنتهي المفاوضات على موازنة شاملة.
ولقد شهدت الولايات المتحدة 21 إغلاقًا حكوميًا خلال تلك الفترة وكان متوسط مدتها حوالي أربعة أيام، رغم أن ثلث هذه الإغلاقات استمر لأكثر من عشرة أيام، ما يبرز تباين مدتها وعدم وجود زمن ثابت لها.
الأرقام القياسية في سجل الإغلاقات الحكومية الأمريكية
يمتلك الرؤساء الأمريكيون سجلات متباينة في الإغلاقات الحكومية، حيث سُجلت ثلاثة أرقام قياسية بارزة الرئيس دونالد ترامب يحمل لقب صاحب أطول إغلاق متواصل، والذي استمر لـ35 يومًا، مبتدئًا من 22 ديسمبر/كانون الأول 2018 وحتى 19 يناير/كانون الثاني 2019، وكان السبب الرئيسي هو رفضه التوقيع على اتفاق لا يضمن تمويل بناء الجدار الحدودي مع المكسيك.
أما الرئيس جيمي كارتر فيحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من أيام الإغلاق المجمعة خلال ولاية واحدة، حيث بلغ المجموع 56 يومًا بين عامي 1977 و 1981.
في المقابل، يتصدر الرئيس رونالد ريغان قائمة أكبر عدد من حالات الإغلاق، إذ شهدت فترة حكمه بين عامي 1981 و 1987 ما مجموعه ثمانية إغلاقات حكومية.
مقارنات رئاسية في مدة وتكرار الإغلاقات
على الرغم من أن ترامب يحمل لقب صاحب أطول إغلاق حكومي متواصل، إلا أن الرئيس الأسبق جيمي كارتر جمع في فترة ولايته الواحدة بين عامي 1977 و 1981 ما مجموعه 56 يومًا من الإغلاقات، ومع ذلك يرتبط هذا الرقم بكون مفهوم الإغلاق الحكومي بشكله الحالي لم يظهر رسميًا إلا بعد إقرار قانون الموازنة الفيدرالية لعام 1974، حيث لم يكن الإغلاق حينها يعني التوقف الكامل للخدمات كما هو معروف الآن.
أما بالنسبة للرئيس الذي شهد عهده أكبر عدد من الإغلاقات الحكومية، فيتصدر القائمة الرئيس رونالد ريغان، فقد شهدت فترة حكمه بين عامي 1981 و 1987 ثمانية إغلاقات حكومية، متجاوزًا بذلك عدد الإغلاقات في فترة كارتر.
والجدير بالذكر أن معظم إغلاقات ريغان لم تدم سوى يوم واحد فقط، وكما هو الحال مع معظم الرؤساء، كانت هذه الإغلاقات نتيجة مباشرة للصراعات السياسية الحادة حول قضايا خلافية في حينه.
تفاصيل الإغلاق القياسي الأخير
شهدت الفترة من 22 ديسمبر/كانون الأول 2018 حتى 19 يناير/كانون الثاني 2019 أطول إغلاق حكومي في التاريخ الأمريكي، حيث استمر لمدة 35 يوما متواصلاً، وأرجعت الأزمة إلى رفض الرئيس ترامب التوقيع على اتفاقية لا تضمن تمويلاً لبناء جداره الحدودي مع المكسيك، مما أدى إلى توقف الحكومة الفيدرالية عن العمل بشكل تاما، وتشير التقديرات إلى أن هذا الإغلاق تسبب في خسائر اقتصادية تقدر بنحو 3 مليارات دولار، أي ما يعادل 0.02% من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لمكتب الموازنة في الكونغرس.
تطور مفهوم الإغلاق الحكومي الأمريكي
مما يجدر ذكره إلى أن مفهوم "الإغلاق الحكومي" بالشكل المعروف حاليا لم يظهر رسمياً إلا بعد إقرار قانون الموازنة الفيدرالية لعام 1974، ففي الفترات السابقة، وتحديدا خلال عهد الرئيس كارتر، لم يكن الإغلاق يعني توقف الخدمات بالشكل الذي نعرفه اليوم، مما يضع قيدا مهما على تفسير الأرقام التاريخية خاصة تلك المتعلقة بعدد أيام الإغلاق.
تراجع وتيرة الإغلاقات منذ التسعينيات
قد يخيل للبعض أن الولايات المتحدة تقترب من الإغلاق الحكومي بشكل سنوي، إلا أن وتيرة حدوثها الفعلية قد انخفضت منذ فترة السبعينات والثمانينات، فمنذ عام 1990، لم تشهد البلاد سوى سبعة إغلاقات فقط، وهو عدد أقل بواحد من عدد الإغلاقات التي حدثت في عهد الرئيس ريغان وحده، مما يوضح أن الظاهرة أصبحت أقل تكرارًا بمرور الزمن.