علاقات العراق وتركيا وإيران مع كردستان بعد الاستفتاء.. 4 سيناريوهات
سيناريوهات أربعة لتعاطي العراق وتركيا وإيران لمرور استفتاء كردستان، وما سيترتب على ذلك من آثار سياسية وقانونية تتراوح بين الحوار والحرب
بعد مضي إقليم كردستان العراق قدما في إجراء استفتاء انفصاله عن الدولة الأم، ومع مرور الاستفتاء بالموافقة على الانفصال بنسبة تخطت 92%، يثور التساؤل حول مصير القضايا الخلافية بين أربيل وبغداد، وكيفية تعامل العراق وتركيا وإيران مع الأقليم ما بعد الاستفتاء.
وأعلنت المفوضية العليا لاستفتاء إقليم كردستان، الأربعاء، أنه تمت الموافقة على مشروع استقلال الإقليم بنسبة 92%.
بوابة "العين" الإخبارية استطلعت آراء محللين في الشأن العربي، حول سيناريوهات تعامل الأطراف الثلاثة (العراق وإيران وتركيا) مع كردستان ما بعد الاستفتاء.
المحللون طرحوا 4 سيناريوهات في هذا الشأن: الأول هو اعتبار بغداد الاستفتاء أمرا واقعا والتحاور مع أربيل حول تبعاته، والثاني هو رفض العراق وتركيا وإيران نتيجة الاستفتاء وفرض إجراءات لحصار ومقاطعة أربيل اقتصاديا.
والسيناريوهان الآخران هما تدخل أمريكي داعم للاستفتاء والانفصال وفرض ضغوط على الدول الرافضة له، وأخيرا سيناريو المواجهة العسكرية بين كردستان والعراق – الذي قد يضاف لها تركيا وإيران أو إحداهما- بدافع الحفاظ على الأمن القومي ووحدة الأراضي، بحسب المحللين.
أمر واقع
عن السيناريو الأول، توقع طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن تتعامل الحكومة العراقية مع الاستفتاء كأمر واقع، خاصة أنه من المحتمل أن تدخل أربيل في مفاوضات مع بغداد لحسم القضايا الخلافية، مثل مصير المناطق المتنازع عليها، وخاصة كركوك، وتوزيع الثروات والموانئ والمطارات.
ومتفقا معه، قال مختار غباشي، مستشار ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الحوار أفضل السبل لحسم النزاع بين أربيل وكردستان.
وهناك عدة مناطق متنازع عليها بين العراق وكردستان- يري كل منهما أنها ضمن حدوده- مثل كركوك (الغنية بالنفط) وبعض الأقضية والمناطق بمحافظات: نينوي وديالي وصلاح الدين.
وتقضي المادة 140 من الدستور العراقي بتصويت أهالي تلك المناطق على اختيار مصيرهم من خلال استفتاء.
كما تختلف أربيل وبغداد حول توزيع الثروات بينهما؛ خاصة الثروات النفطية وعوائدها، وتطالب العراق كردستان بتسليم الموانئ والمطارات الحدودية بينهما.
وأوضح فهمي أن هذا السيناريو هو الأكثر طرحا والمتوقع أن تأخذ به بغداد، وإذا ما تم التوصل إليه، فمحتمل أن يحول دون تدخل عسكري من دول الجوار مثل تركيا وإيران.
رفض تبعات الاستفتاء
توقع طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أن يكون "التعامل مع الأزمة كأن لم تكن" كسيناريو ثانٍ لتعاطي العراق مع كردستان، مفسرا أن ذلك السيناريو يتمثل في رفض إيران وتركيا والعراق نتيجة الاستفتاء.
وتابع فهمي أن ذلك الرفض يفرض إجراءات الحصار والمقاطعة من قبل هذه الدول على الإقليم، غير أنه توقع أن ذلك لن يثني كردستان عن محاولاته الانفصالية.
وطالب العراق حكومة الإقليم بتسليم المواقع الحدودية والمطارات، داعيا الدول الأجنبية لوقف تجارة النفط معها.
كما قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الأربعاء، إنه "لا بد من إلغاء الاستفتاء والدخول بحوار تحت سقف الدستور.. لن نتحاور حول نتائج الاستفتاء مطلقا"، مضيفا "سنفرض حكم العراق في كل مناطق الإقليم بقوة الدستور".
أما فيما يخص مواقف دول الجوار فقد أغلقت إيران مجالها الجوي أمام الطائرات من الإقليم وإليه، وتسعى لتنفيذ مناورات عسكرية بالقرب من حدودها معه، فضلاً عن إغلاقها الحدود البرية مع الإقليم.
وبالتزامن، دعت تركيا مواطنيها لمغادرة الإقليم، معلنة عدم الاعتراف بنتيجة الاستفتاء، ومهددة بأنها تدرس فرض عقوبات عليه.
كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن جميع الخيارات مطروحة للتصدي للاستفتاء وغير مستبعد أن تُكرر في شمال العراق ما فعلته في شمال سوريا، في إشارة لتدخل عسكري.
"وعد بلفور" أمريكي
وحول السيناريو الثالث، قال فهمي إن كردستان قد تمضي بخطي ثابتة في تعزيز انفصالها عن بغداد معتمدة على "وعد بلفور الكردي"؛ أي التعويل على القوي الكبرى وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية التي طالبت أربيل بتأجيل الاستفتاء قبل إجرائه وليس بإلغائه كلية.
وفسر فهمي ذلك بالإشارة إلى أن الموقف الأمريكي كان داعما للأكراد سواء في العراق منذ عهد الرئيس الراحل صدام حسين أو في سوريا حاليا.
وبالتعويل على الموقف الأمريكي، استبعد فهمي اتجاه أنقرة وطهران إلى التدخل العسكري في أربيل، موضحا أن الجانبين قد يتعرضان لضغوط من واشنطن للحيلولة دون ذلك.
تدخل عسكري
من جانبه، اختلف غباشي مع من يستبعد نشوب مواجهة عسكرية بين تركيا وإيران من جهة وكردستان من جهة أخرى.
وأوضح غباشي أن تلك المواجهة ستعتمد على كيفية تعاطي أربيل وبغداد، فإذا عجز الطرفان عن التوصل إلى حلول لحسم القضايا الخلافية العالقة بينهما، فسيعزز ذلك احتمالية السيناريو العسكري، خاصة إذا اختارت بغداد الخيار المسلح.
ومعظم المناطق التي تم تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، يوجد بها قوات من مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران، ومن قوات البشمركة الكردية، وبالأخص في منطقة كركوك.
وكون منطقة كركوك من المناطق التي تتنازع كل من أربيل وبغداد السيطرة عليها، والتي أعلنت انضمامها لاستفتاء كردستان، فإن الحشد الشعبي يرفض انضمام تلك المنطقة الغنية بالنفط لمناطق الأكراد، وهو الأمر الذي قد يؤدي لافتعال "الحشد" بعض المناوشات يدخل في أثرها في صدام مسلح مع البشمركة.
وإلى جانب محافظات كردستان الثلاث (أربيل والسليمانية ودهوك)، شارك الأكراد في مناطق حلبجة وكركوك وسنجار وزمار ومخمور، في الاستفتاء الذي أجراه الإقليم في الـ25 من سبتمبر/أيلول الجاري للانفصال عن العراق، وأيده الأكراد في تلك المناطق بنسبة بلغت 92% حسب النتائج الرسمية التي أعلنها الإقليم.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMTk3IA== جزيرة ام اند امز