روبين وحكايات قبل النوم.. طريقة سورية تشجع الأطفال على تقبل الواقع
ماذا يقول الآباء لأطفالهم إذا انتزعت الأغطية الدافئة عنهم ذات يوم، ووجدوا أنفسهم ينامون في مخيمات للاجئين على الأرض وبين أشخاص غرباء؟
تقودنا حكايات ما قبل النوم إلى عالم من المغامرات والأسرار، وعادة ما نصطحبها معنا في أحلامنا بعدما نغط في النوم العميق.
تعد هذه القصص بمثابة شعائر ليلية مهمة جدا للصغار، لا سيما إذا كان الغطاء ناعما ودافئا وصوت الراوي رقيقا، فيزداد تعلقهم بها. لكن ماذا يقول الآباء لأطفالهم إذا انتزعت الأغطية الدافئة عنهم ذات يوم، ووجدوا أنفسهم ينامون في مخيمات للاجئين على الأرض وبين أشخاص غرباء؟
وبحثا عن إجابة لهذا السؤال، سافرت الصحفيتان أنابيلا ستيرين وبريندوسا ناستاسا إلى تركيا واليونان في رحلة بحث حول القصص التي يرويها اللاجئون إلى أبنائهم في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها. وعادت الصحفيتان بـ4 قصص بارزة يحكيها الآباء اللاجئون هناك لأطفالهم قبل النوم، وحولتهم فنانة سورية تدعى يارا سيد إلى رسومات، حسب تقرير نشره موقع شبيجل أونلاين الألماني.
"الجنة على الأرض"
من هذه القصص قصة بعنوان "الجنة على الأرض"، تقول: "منذ وقت بعيد جدا، كانت سوريا جميلة جدا يا بني، ربما لم تسنح لك فرصة لرؤيتها آنذاك. لقد كانت أشبه بجنة على الأرض، لكن عندما نعود إليها، سنجد كيف تغير كل ذلك. قبل الحرب كان الناس هناك طيبين ومحبوبين، ثم اندلعت الثورة وانتشر الدمار بعدها وفقدت العديد من العائلات أبناءها وأمهاتها وبناتها ومات عدد كبير جدا من الناس، فيما أصيب آخرون".
"نحن الآن فقراء في اليونان، لكننا اضطررنا إلى مغادرة سوريا، لم يكن هناك خيار آخر. بشار الأسد كان يقصف القنابل والصواريخ على المدنيين، لهذا السبب هربنا إلى تركيا أملا في أن تكون أفضل، لكنها لم تكن كذلك. لذلك جئنا إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل، الطريق كان صعبا للغاية والحمد لله أننا تمكنا من الوصول إلى هنا أحياء، في الوقت الذي غرق فيه كثيرون في البحر. نحن الآن نعيش في خيام تحت المطر، لا يمكننا الاستحمام كما نريد، كما كان الحال في سوريا. لكن عليك الصبر يا بني إذا كنت تريد مستقبلا جيدا. نأمل في أن نصل إلى ألمانيا قريبا حيث يمكننا البدء في حياة أفضل حيث يمكنك الذهاب إلى المدرسة ولعب كرة القدم أو أي شيء تريده. ربما نعود إلى سوريا من جديد، وربما نجد سوريا أخرى في ألمانيا".
"فتاة من السوق"
وقصة "فتاة من السوق"، تحكي عن طفلة صغيرة ذهبت مع والدتها إلى السوق، حيث كانت هناك العديد من الحلوى التي لم تتمكن والدتها من شراء أي منها لها، فسرقت الطفلة بعضها، لكنها شعرت بالذنب لما اقترفته من خطأ عندما عادت إلى المنزل، وخافت من عقاب والديها والأكبر من ذلك عقاب الله، فقررت الاعتراف إلى والدتها ووالدها، وتعهدت بإعادة ما سرقته الأسبوع المقبل في السوق.
بالفعل ذهبت الطفلة وأعادت ما أخذته إلى التاجر الذي أعجب بتصرفها، وقرر أن يعطيها بعض المكسرات كهدية، لكنها رفضت أن تقبلها دون إذن والدها. وعلى ما يبدو أن الآباء يريدون أن يتصرف أبناؤهم بنفس الطريقة في هذا الوقت العصيب الذي يمرون به كلاجئين، وأن يتأقلموا مع قدرات عائلاتهم المادية مع الالتزام بعدم أخذ ما يخص الغير حتى ولو كانوا في أمس الحاجة إليه.
وفي السياق نفسه، قابلت الصحفيتان "روبين" وهو شخصية سورية مميزة جدا تعرفا عليها في أحد مخيمات اللاجئين في العاصمة اليونانية، أثينا. ولاحظت ستيرين وناستاسا أن روبين يكون دائما في مزاج جيد، ولديه طريقة خاصة في التعامل مع المشكلات النفسية التي يعاني منها أطفال اللاجئين بالمخيم.
وصل روبين إلى اليونان مارس الماضي، ويحلم بالوصول إلى ألمانيا وأن يصبح نجما في فريق كرة القدم الألماني بايرن ميونيخ، حيث كان لاعب خط وسط في نادي الكرامة الرياضي للمحترفين في حمص السورية.
ومن شدة تعلقه بالسفر إلى ألمانيا، كتب روبين أغنية بعنوان "ألمانيا" على وزن إحدى الأغنيات السورية، وأصبحت مشهورة جدا داخل مخيم مدينة بيرايوس اليونانية، ودائما يتمتم الجميع بكلماتها، حتى الأطفال تمكنوا من حفظها بطريقة صحيحة.
ويقضي روبين معظم وقته في محاولة ترفيه وإسعاد الأشخاص في الجانب السوري من مخيم اللاجئين، وعادة ما تجده يغني الأناشيد الوطنية الخاصة بكل الدول العربية بأعلى صوت لديه، حتى يبدأ الجيران في الشكوى من الضوضاء.
فضلا عن محاولته المستمرة لإسعاد اللاجئين الصغار على وجه الخصوص، حيث يواظب على أن يقصّ لهم حكايات ما قبل النوم، وأبرزها "ليلى والذئب"، و"سندريلا". لكن في معظم الأوقات، يحاول روبين رواية قصص تساعد الأطفال على فهم الحالة الصعبة التي وصلوا إليها، لكن بطريقة بسيطة وسهلة.
aXA6IDMuMTQ0LjI1LjI0OCA= جزيرة ام اند امز