"تصدير أزمة اللاجئين" ملف أوروبي تحمله ميركل لمصر
اقتراحات أوروبية توالت بتقديم استثمارات ودعم مالي لمصر وتونس وليبيا لإقامة مخيمات ومراكز إيواء للاجئين
تبدأ المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الخميس، زيارة إلى مصر ثم تونس، يطغى عليها ملفا اللاجئين والأوضاع في ليبيا، وسط تقارير عن خطط أوروبية لتصدير أزمة اللاجئين إلى دول شمال إفريقيا.
وتواجه ميركل حملة نقد واسعة في بلدها بسبب سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها في إدخال مئات آلاف اللاجئين إلى ألمانيا في 2015-2016، ووعدت في الأشهر الأخيرة بتغيير هذه السياسة، والحد من تدفق اللاجئين إلى ألمانيا، إضافة إلى ترحيل أعداد كبيرة من الأعداد الموجودة بالفعل إلى بلادهم أو دول أخرى.
وتعد مصر وتونس وليبيا والجزائر من "الدول الأخرى" التي تسعى أوروبا عموما إلى إقناعها بالعمل على الحد من تدفق المهاجرين من الشواطئ الإفريقية صوب أوروبا، وإقناعها كذلك بإقامة مخيمات أو مدن للاجئين المتواجدين بها، واللاجئين الذين ترسلهم إليها أوروبا للتخفف من عبء اللاجئين، وذلك مقابل حزمة استثمارات ومساعدات، شبيهة بالاتفاق الذي تم إبرامه مع تركيا.
وتظهر الاستثمارات بوضوح في الملف الاقتصادي الذي تحمله ميركل لمصر وتونس، وسط مساعي البلدين لإعادة بناء اقتصاديهما الذي أنهكته عدة سنوات من الاضطراب السياسي والأمني، بداية من 2011.
وتقود ميركل الجهود الأوروبية منذ مطلع العام 2016 للحد من تدفق اللاجئين، خصوصا من خلال توقيع اتفاقات لإعادة المهاجرين إلى بلد العبور الأول كما هو الحال مع تركيا.
وتكتسب المسألة أهمية متزايدة لدى ميركل؛ إذ إن ملف اللاجئين سيكون من العوامل الحاسمة في فرص فوزها في الانتخابات المقررة سبتمبر/أيلول المقبل، خاصة بعد تصاعد قلق بداخل ألمانيا من أن يتسبب اللاجئون في زيادة الإرهاب في البلاد.
إلا أن جدول أعمال زيارتها هذه المرة إلى القاهرة وتونس لن يتحدث، أقله علنا، عن إقامة مخيمات للمهاجرين واللاجئين، خاصة أنها مسألة تثير جدلا، ولكن ربما تمهّد لذلك تدريجيا عبر تقديم حزمة استثمارات ومساعدات لتشجيع البلدين على قبول اللاجئين المتواجدين فيهما بالفعل، ومنع إرسال لاجئين إلى أوروبا، والتفكير مستقبلا في استقبال لاجئين مرحّلين من القارة البيضاء.
ورفض رئيس الوزراء التونسي، يوسف الشاهد، بشدة فكرة المخيمات التي اقترحتها ميركل خلال زيارته إلى برلين في فبراير/شباط الماضي.
وسبق زيارة ميركل لمصر تصريحات من مسؤولين في حكومتها حول خطط لتصدير أزمة اللاجئين إلى مصر.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اقترح وزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرج، توماس شتروبل، عضو الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم، ونائب ميركل، إنشاء مركز لإعادة توطين اللاجئين في مصر، وإرسال 500 ألف لاجئ من ألمانيا إلى هناك.
ويبدو أن الاقتراح أوروبي وليس فقط ألمانيا، ففي سبتمبر/أيلول دعا رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان إلى إنشاء مدينة خاصة باللاجئين على الساحل الليبي.
كما اقترح أن تبرم أوروبا اتفاقا مع مصر لإنشاء مخيمات للاجئين خارج الاتحاد الأوروبي على غرار الاتفاق مع تركيا، يتوزع فيها اللاجئون والمهاجرون المرفوضون في أوروبا.
وقال أوربان إنه بمصر حوالي 5.5 ملايين شخص في مصر وهو يخشى من انتقالهم إلى أوروبا.
وفي ذات الشهر، دعا رئيس وزراء النمسا، كريستيان كيرن، الاتحاد الأوروبي إلى إبرام اتفاقية مع مصر بشأن اللاجئين، وقال إن "أوروبا يجب أن تهتم بتحقيق الاستقرار في المنطقة"، مؤكداً أن إبرام الاتفاقية التي يطالب بها مع مصر تعد "أمرا ضروريا".
وبدوره أعرب عن خشيته من تدفق اللاجئين المتواجدين بمصر إلى بلاده، وأيد اقتراحات أوروبية بتخصيص 8 مليارات يورو لمساعدة مصر ودول أخرى في شمال إفريقيا لمساعدتهم على منع تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
كما أن ملف حقوق الإنسان قد يكون عامل "ضغط" آخر على الحكومتين المصرية والتونسية خلال زيارة ميركل، وخاصة العراقيل التي تواجهها مؤسسات ألمانية حقوقية وتعمل في مجال المجتمع المدني، كانت مصر اتهمت بعضها، مثل فريدريش ناومان، بأنها ترفض تقنين أوضاعها وفق القوانين المصرية.
في تونس، ستتناول ميركل في كلمة أمام البرلمان التقدم الذي تم تحقيقه على صعيد حقوق الإنسان في تونس، مع التشديد على وجوب "أن يتحول إلى ممارسة في إطار الديموقراطية".
وسيتصدر ملف ليبيا كذلك محادثات ميركل مع الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي الباجي قائد السبسي، خاصة وأن ليبيا الواقعة بين البلدين باتت تشكل البوابة الرئيسية للمهاجرين الساعين إلى بلوغ أوروبا.
وقالت ميركل السبت الماضي: "من دون استقرار سياسي في ليبيا، لن نتمكن من وقف نشاطات المهربين والمتاجرين (بالبشر) الذين يعملون انطلاقا من ليبيا".
وأضافت أن "مصر بوصفها (...) قوة إقليمية، تلعب دورا رئيسيا هنا، وكذلك الجزائر وتونس".
وتقول الحكومة الايطالية إنه تم إحصاء 13400 وافد في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين إلى أوروبا، أي بزيادة 50 إلى 70% بالمقارنة بالشهرين الأولين من عامي 2015 و2016.
aXA6IDE4LjIyNS45NS4yMjkg جزيرة ام اند امز