هوية اللاجئين العرب في رومانيا تواجه شبح "الضياع"
بيانات المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقول إن اللاجئين نتيجة الحروب والأزمات الاقتصادية توزعوا بأكثر من 46 دولة.
تُغنّي سميرة لابنها ذي الـ5 أشهر أغاني شعبية، بينما تكتب مع ابنتها ذات السنوات الخمس دروسها باللغة الرومانية، وتضحك بالنهاية وهي تقول: لا أعرف كيف نجعل هؤلاء الأطفال يتكلمون العربية ويطلبون العودة إلى بلادهم بعد أن تفتحت عيونهم على أرض أجنبية عنهم ولغات وعادات غريبة عن آبائهم.
سميرة الغبن طبيبة في الـ30 من عمرها، استقرت في رومانيا منذ 6 سنوات، وبدأت العمل بعد عام من تعلم اللغة الرومانية وتوفيق أوراقها الرسمية، فيما بدأ زوجها العمل في المجال التعليمي في الجامعة الرومانية.
سميرة ترى أن الكثير من الأطفال أصبحوا بعيدين عن الأوطان التي ولد آباؤهم فيها، لتصبح الأوطان الجديدة هي ما يعرفون، وهي ما ينتمون إليه، مهما تكلم معهم آباؤهم وحاولوا أن يجملوا تلك الأوطان بعيونهم.
تسمية الأبناء الجدد تمثل مشكلة لـفاطمة البرقاوي التي تقول إن الكثير من الأسماء العربية تلقى استنكاراً حتى وإن كان مُبطّناً أو كان غير متداول، فالمؤسسات الحكومية الرومانية تطالب اللاجئين والوافدين الجدد بكتابة أسمائهم كما تتوافق مع القوانين الخاصة في الدولة.
وقال موفق زيدان: بدأت العمل في رومانيا منذ 5 سنوات وبت معروفاً باسم "مكسيم" وهو اختصار لاسمي، وأسهل للفظ بالنسبة للرومان، وخلال الفترة التي عملت فيها هنا أصبح لدي 3 أولاد، أسماؤهم قريبة إلى البيئة الرومانية "ما جعل الخوف يسكن قلبي، كيف سأعود إلى بلدي بعد نهاية سنوات الحرب؟! في حال أردتُ العودة".
بيانات المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقول إن اللاجئين -نتيجة الحروب والأزمات الاقتصادية- توزعوا بأكثر من 46 دولة، أي هناك عشرات اللغات التي سيتعلمها اللاجئون، فهو أحد شروط الاندماج في البلاد الأجنبية.
وذكر زيدان أن اللاجئ وجد نفسه بلا وطن ويخاف على أولاده من الغد في حال استمرار حالة الحرب التي عاشها، إذ سيعيش في بلد أجنبي وقد يحمل جنسيتها، لكن الأُسر ستبقى تُذكّر أبناءها بأصولها العربية والمسلمة.
ظاهرة اللجوء التي تعيشها بعض الدول العربية أدت إلى تشويش فكرة الأوطان بعيون الآباء قبل الأطفال، خصوصاً بعد تغير تركيبة المجتمعات المهاجرة والمضيفة، وفقاً للدكتور خليل الأحمد، اختصاصي علم الاجتماع، الذي أضاف أن التكوين الأسري الحالي للمجتمعات العربية أُصيب بالصدمة نتيجة الهجرات الجماعية التي حصلت في السنوات الأخيرة، ابتداءً بالصدمة الحضارية التي تفاجأ بها اللاجئون، وانتهاء بالالتزام بالقوانين غير المعتادين عليها في بلادهم.
وأضاف الدكتور الأحمد أن الاندماج الذي تتحدث عنه الحكومات الأجنبية حول اللغة وغيرها من النقاط القانونية المطلوبة من اللاجئ، يجعلها تتجاهل عن قصد أو غير قصد المرجعية الدينية والثقافية التي أتى منها اللاجئون، ما أصاب الكثير منهم برد فعل واضح، إما الاندماج بطريقة كاملة وسلخ الهوية العربية والإسلامية التي أتوا منها، وإما التشدد والانطواء بالهوية القديمة بثقافته العربية، وتقوقعه بمجتمع مصغر يشابهه بذات العادات والتقاليد التي عاشها سابقاً في بلده، والتي يحاول أن يستمر بها في البلاد الأجنبية.
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4xMzYg جزيرة ام اند امز