المشهد الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً منطقة الخليج العربي، يتفاعل مع الأحداث، بأسلوب التهدئة والتبريد، في تناول قضاياها الجيوسياسية.
في ذلك تتقدم دولة الإمارات في إزالة الحواجز النفسية والسياسية التي تعيق ردم الفجوات وتقريب وجهات النظر بينها وبين الدول المجاورة، بمنهاج «تصفير المشكلات» بمستوى دبلوماسية القمة، وضمن جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باتصالاته مع أصدقائه الأشقاء رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي، وأصدقائه رؤساء الدول الصديقة، من أجل تمهيد الطريق وتسهيل التفاهم، بروح الحوار والتفاهم المعهود الذي ينتهجه رئيس الدولة.
الانفتاحات التي تمت بين الدول المجاورة في المنطقة لم تكن في معزلٍ عن سياسات الدول الكبرى إزاء المنطقة في السنوات الأخيرة، حيث تراجع اهتمام أمريكا بالمنطقة خلافاً للسابق، من اهتمام اقتصادي وسياسي وأمني، الذي أثار انتقادات من حلفائها وأصدقائها في المنطقة، مثل تركيا التي تُعد الشريك الأهم للولايات المتحدة في المنطقة.
وفي غضون ذلك، أظهرت روسيا المزيد من الانفتاح على بلدان المنطقة، وأيضاً الصين التي ركزت علاقاتها بأسلوبها الهادئ، مع دول منطقة الخليج بفتح آفاق التعاون الاقتصادي، مع أغلب دول المنطقة. وشكلت زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية واجتماعه بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نقطة تحول في العلاقات الصينية الخليجية.
وتوجت الصين جهودها في المنطقة برعاية تقارب سعودي إيراني، ما شكّل منعطفاً مهماً، في انفتاح دول المنطقة على بعضها، وينعكس إيجاباً على تحسين المناخ السياسي في منطقة الخليج العربي. الاتجاه المتواصل نحو تهدئة أجواء المنطقة بات مطلباً ملّحاً يظهر بوضوح من خلال التقارب التركي السوري الذي سوف يساعد على حل الصراع في سوريا الذي يحتاج إلى مزيد من الجهود، نتيجة للإرث التاريخي بكل سلبيات الماضي.
حالة التقارب الراهنة في المنطقة تبشر بإمكانية تطوير العلاقات البينية بين دول الإقليم، ونقلها من طابع التصادم إلى الحلول والتسويات والتقارب، ما يعد توطئة لتوافقات، قد تقود إلى نظام إقليمي مستقر، يسود في أغلب علاقات دول المنطقة، إن لم يكن كلها. المنطقة تمر بمرحلة جديدة في مسار الانفتاح، تتبدل فيها السياسات والعلاقات والقوى الفاعلة، التي يمكن وصفها بمرحلة اختبار، ممكن أن ينجح بعضها أو يفشل، من ذلك يتأمل أن يتبدّى نورٌ يزيح ظلمة الأفق وترى جميع الأطراف حقيقة ما هم عليه من الأحوال، والتطلع إلى تغييرها!
ونظرة إلى دول الإقليم التي انفتحت على بعضها، ومع إسرائيل ضمن الاتفاق الإبراهيمي، تأتي الدعوة للطرف الإسرائيلي، بأن يبادر إلى إزالة الحواجز النفسية والسياسية للتغلب على عقبات تعيق التقارب العربي الاسرائيلي، بالمبادرة بحل مشكلات إسرائيل مع الدولة الفلسطينية، والخروج من الواقع القديم إلى واقع جديد، وإيجاد حل عملي مرضٍ للطرفين، من خلاله يمكن الانطلاق إلى رحاب أوسع، حل يؤمّن بالتسوية السلمية، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم، ليشكل مدخلاً للمشاركة في تجمع إقليمي، ضمن منظومة أو منتدى اقليمي، يضم جميع الأطراف ويكفل للجميع، حقوقهم وأمنهم وسيادتهم.
*سفير سابق
نقلا عن صحيفة الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة