نحو تعاون إقليمي تتجه منطقتنا، بدلا من التنازع في ملفات كثيرة امدت لسنوات ماضية.
لكننا ننظر اليوم إلى بعض أطراف المنطقة وما تقوم به من محاولة مد جذور لها لأداء دور ونيل طموح عبر تدخلات في شؤون الآخرين، وذلك لاقتناص فرصة تثبيت المواقع المتقدمة لكل منها.
وهذا الأمر ينطبق خاصة على الحالة الإيرانية دون غيرها، مع ما تحاول القيام به من تثبيت حضورها إقليميا، وهي تدرك أكثر من غيرها، أن هذا التمدد إلى زوال لا محالة، خاصة مع نمو ملامح كثيرة تشير إلى ذلك.
هنا، يأتي ذكر المبادرة العربية المتقدمة في فهم المتغيرات العالمية المستجدة مع النزاع الروسي-الغربي، والصيني-الغربي، والصراع في أوكرانيا، والتوتر في تايوان والكوريتين، عبر إعادة تثبيت الأحجام والأوزان في منطقتنا، فيما تبدو شجاعة القيادتين السعودية والإماراتية على تحديد أوليات المصلحة العربية دون سواها، والعمل بها، عبر خطوط متوازية تصل بها إلى غاية واحدة، وهي تحقيق الأمن والأمان ورفاهية الإنسان أولاً.
فهي من جهة تواظب على امتلاك عناصر القوة الاستراتيجية من غذاء واقتصاد، نفطي وغير نفطي، ومن جهة أخرى، تعمل على إعادة وصْل العلاقات الأخوية العربية-العربية، خاصة مع سوريا والعراق، وتطرح حلا شاملاً لأزمة اليمن، التي أنهكت الشعب اليمني ودمرت بنيته واستنزفت موارده.
يمكن في هذا الإطار تثمين الدور التركي العقلاني والحكيم في التقارب مع العرب عبر بوابتي الإمارات ومصر، لما فيه أولا مصلحة تركيا إثر ما تعانيه من أزمات اقتصادية وهبوط في سعر عملتها المحلية، لتكتمل بذلك خارطة التكامل الإقليمي العربي-التركي، والتوافق المشترك على حل كثير من القضايا الخلافية على قاعدة "الخير للجميع"، مع ما يؤدي إليه ذلك من تثبيت مواقع الشراكة بين الطرفين، واستثمارات كان أبرزها حتى الآن استثمار الإمارات على مدار العقدين الماضيين في تركيا، والذي وصل إلى 17.6 مليار درهم، لتحافظ الإمارات على موقعها كالشريك التجاري الأبرز لتركيا بمنطقة الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي.
ويمكن أيضا تلمّس ملامح الخارطة الإقليمية -المقبلة على مزيد من التعاون بدل التنازع- عبر ملاحظة المحاولات السعودية والإماراتية العديدة لإبقاء خط الحوار والتواصل مفتوحا مع كل الجهات داخل الإقليم وحتى مستوى المجتمع الدولي، الذي يضج بالصراعات، التي تحتاج إلى حكمة وعقل ودبلوماسية أكثر من البندقية والقنبلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة