حين تتحدث وسائل الإعلام الأوروبية عن مسألتي الأمن والدفاع في مشكلة الهجرة، فإنها تُعطي أهمية خاصة لاحتمال تخفّي الإرهابيين بين المهاجرين.
فمحاولة التنظيمات الإرهابية الدفع ببعض عناصرها للتخفي ضمن حشود المهاجرين ليس بالأمر الجديد، فيما قد تمكنت فعلا من تحقيق ذلك في مناسبات عدة.
هناك مشكلة أخرى مرتبطة بالهجرة لم يتم الحديث عنها، وهي غير معروفة عملياً، وتتعلق بمافيا داخل القارة الأفريقية تستغل تدفقات المهاجرين لتسهيل إدماج الإرهابيين بين صفوفهم إلى أوروبا.
إن خطر هذه العصابة -المسماة "الفأس السوداء"- يوازي أو يفوق خطر الإرهاب، فهي تضم بين عناصرها 30 ألفا حول العالم.
في إيطاليا، وبالإضافة إلى عصابة "الفأس السوداء"، أشارت المخابرات الإيطالية إلى وجود مجموعات أفريقية أخرى مثل "إباكا" في بادوفا، وإيباكا مونديال في تريفيزو، وإيي في سردينيا، والفايكنج في صقلية.
وطريقة نشاط هذه المجموعات مشابهة لما تقوم به عصابة "الفأس السوداء"، فهي تشتغل في مجال تهريب المخدرات والابتزاز والاتجار بالبشر والدعارة.
ومنذ وصول مهاجرين أوائل من أفريقيا إلى جنوب إيطاليا، أقامت عصابة "الفأس السوداء" رابطاً مع المافيا، ما أتاح لها النشاط في مجال بيع المخدرات والدعارة، والحصول على عمولات، كما نجحت في خلق توازن بين العصابتين.
لكن كثيرا من المهاجرين الأفارقة ليسوا كعناصر هذه العصابة، إذ إن كثيرا منهم وصلوا إلى باليرمو في إيطاليا ليجدوا أنفسهم في الشوارع دون أي مساعدة، فتلتقط العصبة منهم من تراه مناسبا لأنشطتها، فتقوم بتجنيده، ولا مجال للرفض طبعا وإلا لاقى العنصر مصيرا مؤلما، لأنها تعتبره حينئذ "من الأعداء".
وقد دقّت المنظمة الدولية للهجرة ناقوس الخطر، محذرة من زيادة أعداد النساء الواصلات إلى جنوب إيطاليا بنسبة 80٪، وأن معظمهن ينتهي به المطاف للعمل في الدعارة، كما ساعد المخطط الذي استخدمته عصابة "الفأس السوداء" في جنوب إيطاليا مع المافيا في ترسيخ وجودها بكل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا، وأصبح من الطبيعي بشكل متزايد رؤية عناصرها في المناطق الرمادية في المدن الكبرى.
كما انتشرت العصابة في أمريكا الشمالية، حيث تمتلك هيكلاً تنظيمياً قوياً، وفي تورنتو، تورطت العصابة في قضية سرقة سيارات فاخرة بيعت في أفريقيا بمبلغ إجمالي يزيد على ثلاثين مليون دولار.
وفي نيجيريا، يشاركون في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت وتجارة المخدرات والدعارة.
لقد سيطروا لبضع سنوات على طرق تهريب البشر، التي تعبر النيجر وليبيا للوصول إلى إيطاليا، كما سيطروا أيضاً على طرق أخرى للوصول إلى إسبانيا.
وهناك عائلات أفريقية تبيع بناتها لعصابة "الفأس السوداء"، حيث تهربهن العصابة عبر الصحراء للوصول إلى أوروبا لاستغلالهن جنسيا.
وقد أشارت المخابرات الإيطالية إلى أن نشاط هذه العصابات يمكن أن يكون بمثابة مصدر تمويل من أوروبا للتنظيمات الإرهابية، حتى إن الشرطة الإيطالية اكتشفت أنه في بريشيا وروما ونابولي وكاستلفولتورنو وتورينو وفلورنسا وباليرمو وباري، هناك عصابات تابعة لـ"الفأس السوداء" احتلت المباني التي يتم فيها إلقاء الخطب المتطرفة.
ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، فإن عصابة "الفأس السوداء" هي واحدة من أخطر العصابات الأفريقية، وهي تنشط في أكثر من 80 دولة حول العالم.
وفي أوروبا، تمددت هذه العصابة في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من كونها منظمة مجهولة تنشط في صمت، فإنها تُعدّ من أخطر العصابات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة