البيضة أم الدجاجة.. حل لغز علاقة فسيولوجيا الطحالب بالمناخ العالمي
تلعب الطحالب، وهي كائنات صغيرة تقوم بعملية التمثيل الضوئي في المحيط، دورا حاسما في دورة الكربون العالمية وتؤثر على مناخ الأرض.
وكشفت دراسة جديدة كيف يمكن للتغيرات في فسيولوجيا العوالق النباتية "الطحالب"، وخاصة فيما يتعلق بامتصاص العناصر الغذائية، أن تؤثر على التركيب الكيميائي للمحيطات وحتى الغلاف الجوي، ويشير هذا إلى أن التغيرات في فسيولوجيا العوالق النباتية البحرية يمكن أن تؤثر على المناخ العالمي.
تعتبر العوالق النباتية الموجودة في المحيط عنصرًا أساسيًا في دورة الكربون العالمية؛ حيث تقوم بعملية التمثيل الضوئي، وتلتقط الكربون وتنقله إلى أعماق المحيط، ولا يعتمد نموها على الكربون فحسب، بل يعتمد أيضًا على النيتروجين والفوسفور، وهما عنصران أساسيان في أداء وظائفها الخلوية.
ويحدد قياس العناصر الكيميائية للعوالق النباتية معدلات نسب العناصر المختلفة مثل الكربون والنيتروجين والفوسفور في هذه الكائنات، وتوجد روابط رئيسية بين قياس العناصر الكيميائية للعوالق النباتية والمناخ من خلال الترابط بين مضخة الكربون المحيطية، ودورة المغذيات، وديناميكيات الشبكة الغذائية، والاستجابات للعوامل المرتبطة بالمناخ مثل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ودرجة الحرارة.
اكتشاف ألفريد ريدفيلد
وفي ثلاثينيات القرن العشرين، توصل عالم المحيطات الأمريكي ألفريد ريدفيلد إلى اكتشاف مهم، فقد وجد أن تركيزات العناصر الثلاثة (الكربون والنيتروجين والفوسفور) في العوالق النباتية البحرية تتبع تقريبًا نسبة ثابتة تبلغ حوالي 106:16:1، وهي النسبة التي سميت باسمه نسبة ريدفيلد.
ومن المثير للدهشة أن بحث ريدفيلد كشف أيضا أنه في عينات مياه البحر التي جمعها، كان تركيز النترات، وهو مصدر أساسي لمغذيات النيتروجين، أعلى في المتوسط بـ 16 مرة من تركيز الفوسفات، وهو مصدر أساسي لمغذيات الفوسفور. وتتشابه نسب النيتروجين إلى الفوسفور في كل من العوالق النباتية ومياه البحر بشكل ملحوظ، مما يشير إلى وجود علاقة قوية بين تجمعات المغذيات (العوالق النباتية) والذائبة (مياه البحر).
وحيرت مسألة ما إذا كانت نسبة الفوسفور إلى النيتروجين في مياه البحر تتحكم في النسبة في العوالق النباتية، أو العكس، مجتمع العلوم البحرية لفترة طويلة.
وتقول الدكتورة شيا تي شين، الباحثة في وحدة أبحاث النمذجة الجيوكيميائية الحيوية في مركز جيومار هيلمهولتز لأبحاث المحيطات في كيل بألمانيا، والتي تبحث في دور القياس الكيميائي المتغير للعوالق النباتية: "إنها لغز الدجاجة والبيضة في الكيمياء الحيوية البحرية".
وأجرت شين مع زملائها دراسة نموذجية تدرس العلاقة بين نسب النيتروجين والفوسفور في مياه البحر والعوالق النباتية، وتؤكد الدراسة، المنشورة الآن في مجلة "ساينس أدفانسيد"، على أهمية نسب الكربون والنيتروجين والفوسفور المتغيرة من العوالق النباتية لتنظيم نسب المغذيات المحيطية الذائبة في مياه البحر على نطاق عالمي.
وللتحقيق في هذه العلاقات، استخدم المؤلفون نموذجًا حاسوبيًا لفسيولوجيا الطحالب مقترنا بنموذج نظام الأرض؛ حيث تعمل العوالق النباتية على تحسين نسب العناصر الثلاثة دينمايكيا استجابةً للظروف البيئية المختلفة، وفي النموذج الحاسوبي، تمكنوا من تغيير خصائص العوالق النباتية وملاحظة كيف أدى ذلك إلى تغيير نسب النيتروجين والفوسفور في الماء.
وأجروا مجموعة من 400 عملية محاكاة، والتي تختلف في الحد الأدنى من محتويات النيتروجين والفوسفور التي تحتاجها العوالق النباتية للبقاء على قيد الحياة، وأظهرت النتائج أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وكذلك درجة حرارة المحيط والهواء كان حساسا بشكل ملحوظ للتغيرات في قياس العناصر الكيميائية العنصرية الناجمة عن التغيرات في فسيولوجيا العوالق النباتية.
وخلص الباحثون إلى أن فهم هذه الروابط يمكن أن يساعد العلماء على تقديم تنبؤات أكثر دقة حول كيفية تطور النظم البيئية لكوكبنا والمناخ في المستقبل.
aXA6IDE4LjExOC4xOS4xMjMg جزيرة ام اند امز