الدين ثابت بتعاليمه ونصوصه وقيمه ولا جدال، والتديّن سلوك مرتبط بالدين في ظاهره ولكنه تابع لجملة تأثيرات نفسية واجتماعية
الدين ثابت بتعاليمه ونصوصه وقيمه ولا جدال، والتدين سلوك مرتبط بالدين في ظاهره ولكنه تابع لجملة تأثيرات نفسية واجتماعية وأيضاً سياسية قد تشكل ظاهرة "ما خفي كان أعظم"، والمتدين إنسان متعبد في ممارسة سلوكه دون تشدد أو خروج عن النص والفطرة الإنسانية، وما بينهم الدين والتدين والمتدين من تداخل تبقى تفاصيل كثيرة ليس من السهل حسمها دون حوكمة العقل، ومرجعية الفكر، ومستند الحكم والدليل وهو الأصل.
المجتمع السعودي مرّ بتحولات فكرية متعددة التوجهات والأجندات؛ بدءاً من "أخوان من طاع الله" مروراً بـ"جهيمان" و"الصحوة" وانتهاء بـ"الخوارج"، وجميعها ليس لها علاقة بالدين في أحكامه وتعاليمه أو وسطيته واعتداله، وإنما بالتدين الذي شكله سلوك التقليد والتطرف والتحزّب، وخرج معه الفكر من توصيف الواقع والتعامل مع متغيراته إلى تصنيفه في مهمة أحادية إقصائية للآخر.
معركتنا في تدمير الأفكار المتطرفة ليست مع الدين كما يتوهم البعض بكل أسف، أو ينساقون خلف دعايات مضللة وأخرى مضادة، وإنما مع أفكار التدين المتشدد كسلوك وليس أشخاصاً، ويبقى التدين الفطري الذي عرفناه عن ديننا أساساً في علاقة الإنسان بربه، ومن ثم لا نخلط الأوراق في مرحلة حساسة لا تحتمل اجتهادات
مسيرة التدين في مجتمعنا ما تزال تمثل المتغير التابع للدين المستقل بثوابته، ومن ثم الحكم على التدين ليس سلبياً دائماً، وإنما هو في جوهره إيجابياً إذا اقترن بفطرة الدين ووسطيته وسماحته، ويمثل اليوم غالبية مجتمعنا المتدين بتلك المفاهيم، والمنطلق معها نحو التجديد، وتقدير مصالح الزمان والمكان، والاحتفاظ بهوية الدين المعتقد، ولا يصح من إنسان عاقل أن ينال من هذا التدين أو الإساءة إليه أو التقليل منه، أو همزه ولمزه، فهو دين الله الذي ارتضاه لعباده (ألست بربكم قالوا بلى)، ولكن مشكلتنا مع التدين الذي أخذ من الدين -حسب فهمه القاصر- ما يراه سبيلاً لتشدده وانغلاقه، والحكم على الآخرين، والتشكيك فيهم، أو تخوينهم.
معركتنا في تدمير الأفكار المتطرفة ليست مع الدين كما يتوهم البعض بكل أسف، أو ينساقون خلف دعايات مضللة وأخرى مضادة، وإنما مع أفكار التدين المتشدد كسلوك وليس أشخاصاً، ويبقى التدين الفطري الذي عرفناه عن ديننا أساساً في علاقة الإنسان بربه، ومن ثم لا نخلط الأوراق في مرحلة حساسة لا تحتمل اجتهادات أو أجندات أو مزايدات أو ارتهان لحالات اختراق عابرة للحدود تريد النيل من وحدة المجتمع وتماسكه.
الدولة كما عبر عنها الملك سلمان بدقة "ستبقى حارسة للقيم الشرعية، والمحافظة عليها ورعايتها في قائمة أولوياتها"، فلا يزايد أحد على قيادة هذه البلاد في تطبيق شرع الله، والتمسك بالإسلام وتعاليمه وأحكامه، فكل حكم كان الأصل فيه الإباحة لم تتردد الدولة في إصدار قرار بشأنه، ومن ذلك قيادة المرأة للسيارة، وحضور العائلات الملاعب الرياضية، وغيرها من القرارات التي راعت فيها المصلحة التي تجلب نفعاً وليس مفسدة.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة