ليس غريباً أن يكون في الإمارات وعلى أرضها أكثر من 76 كنيسة للعبادة لمختلف الطوائف المسيحية دون أي تفرقة
لماذا تختار دولة الإمارات العربية المتحدة أن تتخذ -دائماً- سياسات متقدمة سابقة لعصرها قد تبدو غير تقليدية في زمانها ثم تصبح -بعد نجاحها عملياً- نموذجاً يحتذى به يسعى جيرانها في المنطقة إلى تقليدها واتباعها؟
من يحضر مجلس الشيخ نهيان بن مبارك في أبوظبي كل يوم جمعة سوف يجده مساحة مصغرة للتآخي والتعايش والحوار المعتدل، ففي هذا المجلس تجد المسيحي الماروني والمسلم الشيعي، والهندوسي والسيخ، والأزهري والقبطي بكل رموزهم وقياداتهم الدينية
حدث ذلك في تطبيق سياسات للحرية الاقتصادية في دولة الإمارات.
وحدث ذلك في نظام تطبيق الحكومة الإلكترونية.
وحدث ذلك في نظام الرعاية الاجتماعية في الإسكان والصحة.
وحدث ذلك في قرارات تمكين المرأة الخليجية.
وحدث ذلك في إنشاء أول وزارة للسعادة في حكومة البلاد.
وحدث ذلك في إنشاء وزارة للتسامح التي شرعت قانوناً لقيم التسامح والاعتدال وتقبل الآخرين، ولتعزيز هذا المفهوم أطلقت البرنامج الوطني للتسامح ومكافحة التمييز.
أنشئت هذه الوزارة لتصبح منارة لتمكين أكثر من 160 ديانة وطائفة ومذهباً يعيشون على أرض الإمارات، يمثلون 200 جنسية من التعايش في أخوة وتسامح وحرية في ممارسة العقيدة والشعائر دون تأثير أو ضغط أو عوائق.
لذلك ليس غريباً أن يكون في الإمارات وعلى أرضها أكثر من 76 كنيسة للعبادة لمختلف الطوائف المسيحية دون أي تفرقة.
وليس غريباً أن تكون الأراضي الممنوحة لجميع دور العبادة مهداة من الدولة دون أي تفرقة أو تمييز ديني.
وليس غريباً أن تكون أهم ديانات وطوائف العالم في حال تعايش وانسجام بلا تفرقة بين مسلم ومسيحي، ولا بين سني أو شيعي، ولا درزي أو سرياني، ولا «سيخ» أو «هندوس» ولا جنسية أو أخرى أو منطقة جغرافية، أو أخرى أو أصل عرقي أو قبلي وغيره.
ومنذ ساعات محدودة انتهت زيارة قداسة البابا فرنسيس بابا روما، الذي يمثل نموذجاً نادراً من نماذج التسامح الديني والتعايش الإنساني لدولة الإمارات.
استمرت الزيارة 3 أيام، وكانت أكثر من رائعة من ناحية الاستقبال والتنظيم والإنجاز وردود الفعل المعنوية والعملية.
وفي يقيني.. أن هذه الزيارة هي أبلغ رد واقعي وحقيقي على المحاولات الرخيصة التي تقودها الدوحة وأنقرة لتشويه سياسات دولة الإمارات والسعي للاغتيال المعنوي لقيادتها.
أن يقف أكبر رأس لأضخم كنيسة مسيحية في العالم داخل استاد زايد بدولة الإمارات بحضور 180 ألف إنسان وإنسانة، ليقود قداساً دينياً عالمياً تحت شعار الأخوة الإنسانية، هو في حقيقة الأمر «عمل إنساني جبار وإنجاز حضاري متميز، يؤكد إيمان قيادة الإمارات بأن البشر إخوة متساوون بصرف النظر عن جنسياتهم أو دياناتهم أو مذاهبهم».
ما حدث على أرض الإمارات لم يكن وليد اللحظة أو نتاج الصدفة أو تعبيراً عن حدث عارض، لكنه في حقيقته ترجمة لسياسة عميقة وأصيلة لدى حكومات «الدولة» والقيادة في الإمارات.
هذه الدولة تنتهج منذ عهد مؤسسها الشيخ زايد آل نهيان (رحمه الله) سياسة تعتمد على عدة أركان هي: التعاون، الاعتدال، إطلاق الحريات الاقتصادية، تدعيم المبادرات، الانفتاح الإقليمي، الأخوة الإنسانية من منظور عروبي وإنساني.
وكل ما سبق كان من الممكن أن يكون مجرد شعارات أو دعاية سياسية خادعة، لولا أن السياسات التي طبقت بالفعل على أرض الواقع منذ سنوات تثبته وتؤكده.
ويمكن فهم الجهود اليومية التي يقودها الشيخ محمد بن زايد، والشيخ محمد بن راشد، وفريق العمل الشاب الذي يعاونهما على أنه ترجمة حرفية وعملية لهذه السياسات، لأسباب موضوعية قائمة على فهم عميق لأخطار قيم الإرهاب التكفيري.
ويمكن أيضاً فهم سياسة التسامح الديني والأخوة الإنسانية من خلال جهود رجل متميز وشديد الإخلاص والتفاني لهذه المبادئ وهو الشيخ نهيان بن مبارك، وزير التسامح في الحكومة الاتحادية منذ أكتوبر 2017.
وتاريخ الرجل حافل بالإنجازات القائمة على رعاية العلم والعلماء وحرية التفكير والإبداع، منذ أن كان الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات ورئيس كلية التقنية ويشرف على العديد من المشروعات الإنسانية والخيرية.
ولا يمكن إطلاق الإمارات لسياسة التسامح عالمياً وإعلان عام 2019 هو عام التسامح، دون أن تكون الدولة صاحبة الدعوة من طبقته على نفسها أولاً قبل أن تدعو إليه غيرها.
من هنا كان دور وزارة التسامح التي تعمل على ترسيخ قيم ومبادئ وسياسات التسامح وضمان عملي لـ160 ديانة وطائفة ومذهباً يعيشون على أرض الإمارات حرية ممارسة الاعتقاد والشعائر بكل حرية وأمان ويسر، دون ضغوط أو احتكاك أو صراع.
من هنا أيضاً يمكن فهم دور وزارة التسامح التي أعدت منذ أسابيع على أرض الإمارات القمة العالمية للتسامح بين الأديان والمعتقدات، وذلك بفضل جهود جبارة قام بها الشيخ نهيان بن مبارك وبدعم كامل من القيادة.
إن من يحضر مجلس الشيخ نهيان بن مبارك في أبوظبي كل يوم جمعة سوف يجده مساحة مصغرة للتآخي والتعايش والحوار المعتدل، ففي هذا المجلس تجد المسيحي الماروني والمسلم الشيعي، والهندوسي والسيخ، والأزهري والقبطي، بكل رموزهم وقياداتهم الدينية، ويشاركهم في هذا المجلس كبار الإعلاميين والمفكرين وقادة الرأي والفنانين في العالم العربي.
الاعتدال هو أسلوب حياة، والتطرف هو طريق للموت، وحروب الأديان هي طريق جهنم الذي تسبب فيه فقدان قيم التسامح الديني.
والتسامح الديني هو الخيط الرفيع بين الأخوة الإنسانية والتعايش، وإذا انقطع ذهبنا جميعاً إلى مجزرة الإرهاب التكفيري، لا قدر الله.
لهذا كله كانت وزارة التسامح وقمة التسامح وزيارة قداسة البابا ودعم الإمارات لجهود الأزهر الشريف.
نقلا عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة