تصريحات الأمير محمد بن سلمان في 26 شهرا.. حزم وعقلانية
واجهت شائعات توتر العلاقة مع مصر.. وبنت جدارا عازلا أمام إيران
خلال 26 شهرا.. قضاها الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، مزجت تصريحاته بين الحزم والعقلانية، ونجحت في التعامل مع عدة قضايا
قد يتسبب تصريح سياسي في تداعيات لا يحمد عقباها، وقد يكون في المقابل العلاج للمشكلة أو المُسكّن الذي يسكنها ويمنع تفاقمها وتماديها.
وخلال 26 شهرا.. هي المدة التي قضاها الأمير الشاب محمد بن سلمان وليا لولي العهد، منذ اختاره والده الملك سلمان لهذا المنصب في 29 إبريل/نيسان 2015، كانت تصريحاته من النوع الثاني، حيث مزجت بين الحزم والعقلانية، ونجحت في مواجهة شائعات توتر العلاقة مع مصر، وبنت جدارا عازلا أمام محاولات إيران التسلل مجددا إلى العالم الإسلامي، كما نجحت في إعادة أمريكا لحلفائها التقليديين، ووجهت رسائل قوية للإرهاب.
الإعلام "الإخونجي"
ومن بين أبرز تصريحات الأمير محمد بن سلمان، هو ذلك التصريح الذي بدد به الشائعات التي أشارت إلى حدوث توتر في العلاقات بين مصر والسعودية.
وفي وقت كانت هذه النغمة تصدح وبقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، سئل الأمير محمد بن سلمان عنها فقال مبتسما في مقابلة مع قناة "الإخبارية" السعودية الرسمية، مطلع مايو/أيار الماضي: "لم يصدر موقف سلبي من الحكومة المصرية تجاه السعودية، ولم يصدر موقف واحد سلبي من الحكومة السعودية تجاه مصر.. ولم تتأخر مصر عن السعودية ولا لحظة، ولن تتأخر السعودية عن مصر أي لحظة. هذه قناعة مرسخة ليس لدى حكومة البلدين فحسب، بل لدى شعبي الدولتين أيضاً".
وحاول حينها المحاور داود الشريان، الحصول على تفسير من الأمير لوجود هذه النغمة، بالقول إن وسائل إعلام مصرية تتحدث عن وجود خلافات، فقاطعة الأمير قائلا بكل حزم: "تقصد (الإعلام الإخوانجي)، فهو الذي يحاول خلق صدع في العلاقات بين الرياض والقاهرة، ولكن القيادة في الدولتين لا تلتفت إلى تلك المهاترات والتفاهات".
ولم يكن هذا التصريح شاذا عن سياق تصريحات الأمير محمد بن سلمان عن مصر، حيث يؤكد دوماً على قوة ومتانة العلاقات التي تربط بين البلدين، وصرح خلال زيارته لمصر أكثر من مرة، على أنها "إحدى القوى الرئيسية والفاعلة في تحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط".
وخلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه الرئيس عبدالفتاح السيسي لتهنئته بالمنصب الجديد، أعاد التأكيد على هذه المعاني، مؤكداً حرصه على تعزيز العلاقات مع مصر في مختلف المجالات.
لن نلدغ مرة أخرى
وعلى خلاف الأسلوب الذي يتحدث به الأمير محمد بن سلمان عند يسأل عن مصر، يبدو في المقابل حازما وصارما عندما يسأل عن إيران، حيث يمكن وصف تصريحاته بأنها بنت جدارا عازلا أمام المحاولات الإيرانية لتصدير أيديولوجيتها لمنطقة الخليج.
فخلال حوار مع مجلة "الفورين أفيرز" في يناير/كانون الثاني الماضي، وصف الأمير الشاب إيران، بأنها إحدى العلل الثلاث الرئيسية في المنطقة، المتمثلة في "الأيديولوجيات العابرة للحدود" و"حالة عدم الاستقرار" و"الإرهاب".
وقال إنه "لا توجد أي فرصة للتفاوض مع السلطة في إيران في ظل إصرارها على تصدير أيديولوجيتها الإقصائية، والانخراط في الإرهاب، وانتهاك سيادة الدول الأخرى".
كما اعتبر أن المملكة ستكون خاسرة إذا أقدمت على التعاون دون أن تقوم طهران بتغيير نهجها.
وأعاد التأكيد على الموقف نفسه خلال حواره في مايو/أيار الماضي مع قناة الإخبارية السعودية، حيث أكد أن السعودية "لن تُلدغ" من إيران مجدداً، حسب وصفه.
وقال إن عهد وثوق السعودية في إيران ولّى، لأنه "لا يُلدغ المرء من جحر مرتين"، مضيفا: " لُدغنا من إيران مرة.. المرة الثانية لن نُلدغ".
وأضاف: "هدف رئيسي للنظام الإيراني الوصول لقبلة المسلمين، ولن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة عندهم في إيران وليس في السعودية".
وانعكست هذه التصريحات على حالة القلق التي بدت في وسائل الإعلام الإيرانية بعد الإعلان عن تعيين الأمير محمد سلمان وليا للعهد.
وقال موقع "بولتن نيوز"، المعروف بقربه من جهاز الاستخبارات التابع لمنظمة الحرس الثوري الإيراني الإرهابية، إن إيران يجب أن تتوخى الحذر بعد تعيين الأمير الشاب.
زيارة تاريخية
واتسمت تصريحات الأمير الشاب تجاه أمريكا بإدراك عمق العلاقات التي تربط بين البلدين، حيث تعد السعودية من الحلفاء التقليديين للمملكة.
وقال محمد بن سلمان في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" في إبريل/نيسان الماضي، إن ترامب سيُعيد أمريكا إلى "مسارها الصحيح".
وأضاف حينها: "على الرغم من أن ترامب لم يكمل 100 يوم بكرسي الرئاسة، إلا أنه استعاد جميع تحالفات أمريكا مع حلفائها التقليديين بعكس الرئيس السابق (باراك) أوباما الذي خسر كثيراً منها".
وجاءت هذه التصريحات بعد الزيارة التي قام بها الأمير الشاب إلى واشنطن في مارس/آذار، حيث استقبله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتقى عددا من المسؤولين الأمريكيين على رأسهم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس.
وقال محمد بن سلمان -خلال اجتماعاته مع المسؤولين الأمريكيين- إن "العلاقة السعودية الأمريكية علاقة تاريخية امتدت لـ80 عاما، وكان العمل فيها إيجابيا للغاية لمواجهة التحديات التي نواجهها جميعا، ومررنا بمراحل تاريخية مهمة جدا. التحديات التي نواجهها اليوم ليست أول تحديات نواجهها سوياً".
وأعرب عن تفاؤل السعودية بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلاً: "اليوم نحن متفائلون للغاية بقيادة الرئيس ترامب.. ونعتقد أن التحديات ستكون سهلة بقيادته".
وبعد هذه الزيارة حل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضيفاً على السعودية في أولى محطات جولته الخارجية، وهي الزيارة التي أعزاها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى الجهود التي بذلها الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته لواشنطن.
وقال الجبير، في مايو/أيار الماضي: "جهد جبار للأمير محمد سلمان بتوليه ملف العلاقات، أثمر عن أول زيارة بالتاريخ يقوم بها رئيس أمريكي لدولة إسلامية في مستهل جولاته الخارجية بعد توليه المنصب".
الإرهاب الداعشي والحوثي
وتخوض المملكة حرباً على الإرهاب هي "الأطول والأعنف منذ تأسيس الدولة السعودية"، كما وصفها الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع صحيفة "فورين أفيرز" الأمريكية.
وتواجه المملكة هذه الحرب في اتجاهين، أحدهما مع الحوثيين على حدودها مع اليمن، والأخرى عبارة عن محاولات يبذلها تنظيم داعش الإرهابي للولوج إلى داخل المجتمع السعودي.
ووجهت تصريحات الأمير الشاب رسائل قوية للإرهابيين في هذين الاتجاهين، فعن الإرهاب الحوثي أكد في مقابلة مع قناة "الإخبارية" السعودية الرسمية، مطلع مايو/أيار الماضي، أن القوات المسلحة السعودية بإمكانها "اجتثاث" مليشيات الحوثيين خلال "أيام قليلة"، ولكن المملكة لن تقوم بذلك حفاظاً على أرواح المدنيين في اليمن، وتجنباً لخسائر في صفوف القوات السعودية.
وعن الإرهاب الداعشي، وصف السعودية بأنها "الخط الأمامي لمجابهة" تحديات الإرهاب، وقال في مقابلة مع صحيفة "فورين أفيرز" الأمريكية: "يمكن هزيمة داعش وغيره من التنظيمات بالنظر إلى وجود دول قوية في المنطقة مثل مصر والأردن والمملكة،" منوهاً إلى "التزام السعودية بالمساعدات في محاربة العنف والتطرف في إفريقيا".
وعند إعلان السعودية تشكل تحالف إسلامي عربي لمحاربة الإرهاب، قال محمد بن سلمان إن ذلك جاء "حرصاً من العالم الإسلامي لمحاربة هذا الداء"، مؤكداً أن التحالف سيتصدى "لأي منظمة إرهابية ستظهر أمامه".
aXA6IDMuMTQ1LjE5Ni4xNTAg جزيرة ام اند امز