تحويلات المصريين بالخارج تتخطى توقعات صندوق النقد.. ما الأسباب؟

حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج طفرة غير مسبوقة خلال العام المالي 2024/2025، بعدما أعلن البنك المركزي المصري أنها سجلت نحو 36.5 مليار دولار.
وبلغت نسبة نمو التحويلات نحو 66.2% مقارنة بالعام السابق، الذي لم تتجاوز فيه التحويلات 21.9 مليار دولار.
وجاءت الأرقام المحققة أكبر من التقديرات التي وضعها صندوق النقد الدولي لنفس الفترة، إذ كان الصندوق يتوقع أن تبلغ التحويلات نحو 24.4 مليار دولار فقط خلال العام المالي الماضي، ما يعكس قوة الأداء الفعلي مقارنة بالتصورات الدولية، ويؤشر على استعادة ثقة المصريين بالخارج في الجهاز المصرفي، بحسب الخبراء المصرفيين.
ووفق بيانات البنك المركزي، واصل المصريون بالخارج ضخ تحويلاتهم بمعدلات قياسية خلال الربع الرابع من العام المالي (أبريل/ نيسان – يونيو/ حزيران 2025)، حيث ارتفعت التحويلات بنسبة 34.2% على أساس سنوي لتسجل 10 مليارات دولار، فيما شهد شهر يونيو/ حزيران أعلى مستوى شهري في التاريخ عند 3.6 مليار دولار، بزيادة بلغت 40.7% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في تقريره الأخير أن تبلغ تحويلات المصريين العاملين بالخارج 21.9 مليار دولار فقط في العام المالي 2023/2024، ثم ترتفع تدريجيًا إلى 24.4 مليار دولار في 2024/2025، وصولًا إلى نحو 40.2 مليار دولار بحلول 2029/2030.
لكن البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي جاءت أعلى بكثير من التقديرات، بعدما تجاوزت التحويلات الفعلية سقف الـ36 مليار دولار في عام واحد فقط،
أسباب قفزة تحويلات المصريين في الخارج
أرجع خبراء مصرفيون واقتصاديون هذه الطفرة إلى عدة عوامل، أبرزها تحرير سعر الصرف في مارس/ آذار 2024، الذي أنهى الفجوة بين السوق الرسمية والموازية وأعاد الثقة في النظام البنكي، فضلًا عن رفع أسعار الفائدة وطرح أدوات ادخارية جذابة بالدولار والجنيه، بالإضافة إلى مبادرات حكومية أتاحت للمصريين بالخارج الاستثمار في شراء العقارات أو استيراد السيارات مقابل تحويل النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية.
وأكد الخبير المصرفي محمد عبدالعال أن هذه الطفرة تمثل مؤشرًا قويًا على نجاح السياسات النقدية، لافتًا إلى أن إنهاء السوق الموازية وتوسيع القنوات الرقمية مثل إنستاباي ساعد في تدفق الأموال بصورة أكثر أمانًا وسهولة.
مصدر رئيسي للنقد الأجنبي
ووفق عبد العال فإن التحويلات في مقدمة مصادر النقد الأجنبي تدعم ميزان المدفوعات والاحتياطي النقدي لمصر، خاصة في ظل الضغوط التي تعرضت لها بعض الإيرادات الأخرى مثل قناة السويس، نتيجة التوترات الإقليمية.
وتابع تدفقات الدولار من المصريين في الخارج ساهمت هذه التدفقات في تعزيز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، والذي ارتفع إلى 13.4 مليار دولار في أبريل/ نيسان الماضي.
يرى عبد العال أن التحويلات مرشحة لمزيد من النمو خلال السنوات المقبلة إذا استمرت استقرار سوق الصرف، وتوسع البنوك في الحلول الرقمية، مع تحسن المناخ الاستثماري في الداخل المصري.
تأثير تحرير سعر الصرف
أكد الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، أن قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه في مارس 2024 مثّل نقطة تحول جوهرية في مسار تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج، موضحًا أن هذه التحويلات واصلت ارتفاعها المتتالي دون انقطاع على مدار 11 شهرًا متواصلة.
وأوضح أبو الفتوح لـ"العين الإخبارية"، أن السياسة النقدية الحاسمة أسهمت بشكل مباشر في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، وهو ما أفقد السوق الموازية جاذبيتها بالكامل، ودفع المصريين بالخارج إلى توجيه أموالهم عبر القنوات الرسمية.
وأشار إلى أن انتظام التدفقات عبر النظام المصرفي الرسمي يعزز من استقرار موارد النقد الأجنبي، ويدعم قدرة الدولة على مواجهة الالتزامات التمويلية وتلبية احتياجات السوق المحلية من العملة الصعبة، مؤكدًا أن هذه التطورات تعد انعكاسًا مباشرًا لنجاح سياسات الإصلاح النقدي.