خبير دولي لـ«العين الإخبارية»: النزاعات تعرقل مسيرة التحول للطاقة المتجددة
يتحدث العالم منذ عقود عن ضرورة التحول إلى الطاقة المتجددة، والابتعاد عن الوقود الأحفوري، وهذا ما نادت به الدول المتضررة من المناخ.
وأخيرًا، خرج النص النهائي للتقييم العالمي لاتفاقية باريس خلال مؤتمر الأطراف COP28، فضلاً عن "اتفاق الإمارات" التاريخي والذي تضمن لأول مرة الدعوة للتخلي تدريجياً عن الوقود الأحفوري، ومن أبرز المعاهدات التي لاقت قبولًا واسعًا من الأطراف أيضًا، كانت «مضاعفة الطاقة المتجددة 3 مرات»، والتي تدعو الأطراف إلى مضاعفة استخدام الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول 2030، والغرض منها، تحقيق الانتقال السريع من الوقود الأحفوري نحو الطاقة المتجددة؛ من أجل حياة أكثر استدامة، وبالفعل وقع ما يزيد على 130 دولة على هذا الإعلان ضمن مؤتمر COP28. في سطور الحوار التالي التقينا الدكتور «جواد الخراز»، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE)؛ في حوار خاص لـ"العين الإخبارية".
وإليكم نص الحوار..
في البداية، ما أبرز نشاطات المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة؟
المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE)، هو منظمة دولية، مقرها القاهرة، مصر، ويبلغ عدد أعضاء هذه المنظمة 17 دولة. والهدف من المركز هو دعم مسار تحول الطاقة في الدول العربية، من خلال تقديم الدعم الفني، وخلق مناخ مناسب لاستثمارات القطاع الخاص في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. إضافةً إلى عملنا في بناء القدرات؛ إذ نوفر تدريبات للكوادر الحكومية في الدول العربية، أيضًا، ندعم الدول العربية في التحضير لمشاريع قابلة للتمويل، ونحرص كذلك على أن تكون المشاريع غير ضارة للبيئة أو التنوع البيولوجي. على سبيل المثال، يجب على توربينات الرياح في مصر ألا تمس الطيور المهاجرة سنويًا، والتي تمر على مصر. ونقوم أيضًا بدراسة الأثر البيئي والاقتصادي والاجتماعي للطاقة المتجددة.
- صندوق خسائر وأضرار المناخ.. حسم المعركة على الأراضي العربية!
- أسعار السلع الغذائية في 2023.. تراجع حاد في الذرة والقمح وفول الصويا
منذ متى تشاركون في مؤتمرات الأطراف بشأن تغير المناخ؟ وما دوركم فيه؟
نشارك في مؤتمرات الأطراف منذ سنوات، كمتحدثين أو مشاركين. لكن هذه هي المرة الثانية التي استطعنا فيها حجز جناح خاص بنا في المنطقة الزرقاء بـCOP28، من جهة لإبراز قصص النجاح التي لدينا في المركز. ومن جهة أخرى، ليصبح مجالًا مفتوحًا للدول الأعضاء لتنظيم الجلسات والحوار، ولدينا قاعات اجتماعات، نجتمع فيها مع المؤسسات الدولية التمويلية، والمؤسسات المانحة الخيرية والحكومات. كذلك، لتفعيل نقاش حول موضوع مهم، مثل: الهيدروجين الأخضر، وآلياته من حيث التكنولوجيا، والحوكمة.
كيف يمكن لتمويل الطاقة المتجددة أن يحقق أهداف اتفاق باريس؟
بالطبع، هناك ارتباط وثيق بين انتقال الطاقة والتزام الدول باتفاق باريس، والانتقال نحو الطاقة المتجددة، بما يساعد على التكيف، ويتمثل ذلك في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وقد وعدت الدول الغربية قبل سنوات طويلة، بضخ 100 مليار دولار للتكيف، لكن لم تلتزم بها، جاء هذا العام بإعلان إيجابي، وهو إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، وبدأت دولة الإمارات بتمويله، وتلتها ألمانيا وغيرها. يمكن أن يكون هذا تذكير لدول الشمال بالتزاماتها.
نعم، هناك بعض الصناديق المخصصة لتمويل الطاقة المتجددة، لكن معظم التمويلات عادةً ما تركز على المناخ. لذلك، نعمل على رصد المشاريع التي تربط بين الطاقة المتجددة والمناخ. نفس الأمر بالنسبة للعاملين في قطاع المياه، يرصدون المشاريع التي تربط بين المناخ والمياه، وهكذا. كل هذه المشاريع تسهم في الانتقال العادل.
ما مستوى طموحات الدول العربية في الانتقال العادل؟ وما ضرورة الاستثمار في كفاءة الطاقة في بلادنا العربية؟
بالفعل تعمل الدول العربية على تسريع الانتقال العادل؛ فعلى سبيل المثال، المغرب، تهدف إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 52% بحلول 2030، ومصر لديها خطة بالوصول إلى 42% بحلول 2035. وتخطط جيبوتي للاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول 2050. كل هذه خطط طموحة للدول العربية.
ومن حيث كفاءة الطاقة؛ فهي تعني ترشيد استهلاك الطاقة، وذلك عبر استخدام أجهزة أقل استهلاكًا للطاقة. ولدينا بعض الدول البارزة في كفاءة الطاقة، مثل: مصر وتونس والمغرب والأردن. لذلك، نشجع على رفع وعي المواطن؛ فمن الممكن أن يكون استخدامه لثلاجة ما أغلى سعرًا خيارًا أفضل من شراء أخرى تستهلك طاقة كهربائية كبيرة، وبالتالي تزداد فاتورة الكهرباء.
لكن، ماذا عن الدول التي تواجه صراعات ونزاعات؟
نحاول تدعيم جميع الدول، لكن هناك بعض الظروف الاقتصادية والسياسية التي تجعل الدول منقسمة إلى 3 تصنيفات فيما يتعلق بالطاقة المتجددة، منها: دول في المقدمة، وأخرى في الوسط وثالثة في الخلف.
على سبيل المثال، هناك بعض الدول، لديها نزاعات مثل: اليمن ولبنان، وتواجه حكومات تلك الدول صعوبة كبيرة في توفير خدمات الطاقة، ما دفع المواطنين والشركات الصغرى لاستقدام الألواح الشمسية، لذلك نجد أنّ تلك الدول لديها انتشار كبير في الألواح الشمسية، وتُستخدم بشكل كبير، سواء في المزارع أو المصانع الصغرى أو يستخدمها المواطنون في منازلهم وهكذا. وهناك سوريا والعراق، ندعمهم في وضع الخطة الوطنية لانتقال الطاقة.
كيف تساعد معاهدة مضاعفة الطاقة المتجددة 3 مرات في تحقيق هدف الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري؟
إنّ تعهد الدول بهذا الالتزام في COP 28، يعني مضاعفة الاستثمار؛ لتحقيق هذا الهدف، وبالتالي مضاعفة الطاقة المتجددة على حساب الوقود الأحفوري؛ فترتفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، وأغلب دول العالم لديها أهداف طموحة لمضاعفة استخدامها للطاقة المتجددة 3 مرات، وهذا قد يسرع انتقالها بنسبة 100%. ما يجعلنا أقرب إلى المحافظة على هدف اتفاق باريس 1.5 أو 2 درجة مئوية على أقصى تقدير بحلول 2100.
لكن، كيف يمكن تحقيق أهداف هذا الالتزام؟
حسنًا، هناك عدة أمور يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف؛ يجب مضاعفة الجهد على مستوى حوكمة قطاع الطاقة. وأن يكون هناك إطار تشريعي يشجع ويحفز على الاستثمار في الطاقة المتجددة. والحصول على استثمارات كبيرة سواء من البنوك المحلية والدولية، أو من المؤسسات الدولية أو صناديق المناخ المختلفة، كل هذا، سيُساهم في مضاعفة الطاقة المتجددة؛ لأن هذا هدف طموح جدًا ولن يتحقق إلا إذا تم تحقيق حوكمة قطاع الطاقة بشكل جيد.
إضافة إلى تحسين الآليات التمويلية، التي من شأنها الاستثمار وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، من خلال شراكات القطاع الخاص والعام؛ فالتمويل مهم خاصة في دول العالم الثالث أو النامية. أما بالنسبة للدول المنتجة للبترول أو الغاز؛ فيمكنها تخصيص عائدات البترول والغاز في الاستثمار في الطاقة المتجددة، بشكل أكبر.
كذلك الاسثمار في كفاءة الطاقة من 2% إلى 4% سنويًا بحلول 2030؛ يوفر مبالغ مالية كبيرة جدًا، يمكن استخدامها فيما بعد للاستثمار في الطاقة المتجددة.
aXA6IDMuMTM1LjIwNC40MyA=
جزيرة ام اند امز