عالمة اجتماع ماليزية لـ«العين الإخبارية»: تغير المناخ ضار بالصحة العقلية
فئات محددة تعاني بصورة أكبر من تغير المناخ، حيث تأتي المجتمعات الضعيفة على قائمة أكثر المتضررين، وإن كانت تعيش في بلدان غنية.
في هذا الصدد، التقت "العين الإخبارية" الدكتورة «أديلين جون بوشر»، أستاذة الأدب ورئيسة كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة موناش بماليزيا، حيث تحدثنا معها عن تأثيرات المناخ على المجتمعات الهشة والضعيفة وكيف يمكن حماية هذه المجتمعات.
- وزير النقل التونسي لـ«العين الإخبارية»: لا صحة لإفلاس الخطوط التونسية
- بعد توقف 4 سنوات.. عودة جميع طائرات بوينغ ماكس 737 للخدمة بالصين
وإليكم نص الحوار..
في البداية، كيف تصفين العلاقة بين التغيرات المناخية والحياة الاجتماعية؟
حسنًا، بالطبع التغيرات المناخية لها تأثير اجتماعي هائل، يمكن تقسيمها إلى سياقات عديدة؛ فالتغير المناخي هو مسألة حياة أو موت في أجزاء كثيرة من العالم؛ بسبب الكوارث المناخية الكبرى وارتفاع منسوب مياه البحر. كما أنه أيضًا مرتبط بلقمة العيش وقدرة الناس على العمل، سواء كانوا يعملون في الأرض أو الزراعة أو الصيد البحري أو أولئك الذين يعملون بشكل غير مستقر. إنهم غير قادرين على مواصلة عملهم؛ بسبب أحداث تغير المناخ؛ فتتأثر حياتهم وسُبل عيشهم.
ثم إنّ هناك مشكلة متعلقة بصحة الكوكب؛ لأنّ صحة الكوكب والمحيط الحيوي تؤثر على صحة الإنسان. وتعود هذه التأثيرات علينا بالسلب، بعضها يتمثل في الإجهاد الحراري المنتشر في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك ماليزيا. من جانب آخر، نلاحظ أنّ معدلات انتشار الأمراض المعدية آخذة في الارتفاع، كما أنّ أنماط الأمراض المعدية تتغير؛ لأنّ بيئة الأرض الحاملة لتلك الأمراض تتغير أيضاً. إضافةً إلى ذلك؛ هناك ترابط بين تغير المناخ وتلوث الهواء. لذلك؛ هناك مشكلات صحية متزايدة في الجهاز التنفسي، والأطفال يتأثرون بهذه المشاكل بشدة. بل ويمتد الأمر إلى الصحة العقلية.
من وجهة نظرك، ما هي أكثر المجتمعات عُرضةً لآثار التغيرات المناخية؟
هناك الكثير من المجتمعات الضعيفة، مثل: المجتمعات الساحلية والجزرية. هناك دول بأكملها معرضة للخطر؛ بسبب تغير المناخ. ربما أبرز الأمثلة على ذلك، دول المحيط الهادئ، والتي سيكون بعضها تحت الماء في يوم ما. ثم هناك المجتمعات الساحلية الضعيفة، والتي تتعرض للفيضانات باستمرار.
هناك أولئك الذين هم بالفعل أكثر عرضة، ويعيشون في ظروف معيشية سيئة للغاية. عند النظر إلى حال شخص يعيش بلا مأوى في دولة غنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التي تشهد بالفعل عواصف ثلجية وأحداثاً مناخية رهيبة، كيف له أن يتعامل مع الطقس البارد؟ أين ينام؟ إلى أين يذهب؟
نفس الأمر بالنسبة للضعفاء في البلدان الغنية أو في البلدان الاستوائية؛ إذا كانت هناك أحداث حرارية متطرفة، أين يذهب أولئك الذين يعيشون في أماكن غير مستقرة؟ ليس لديهم تكييف الهواء مثلاً. ليس لديهم ترف التحكم في مناخهم. لذا، نعم، المجتمعات الفقيرة، سواء كنتِ تتحدثين عن البلدان الفقيرة أو المجتمعات الفقيرة داخل ما يسمى شالبلدان الغنية أو المتقدمة، والنساء يتحملن وطأة الكثير من أحداث التغير المناخي.
المرأة أم الطفل؟ أقصد؛ أليس الأطفال هم أكثر الفئات ضعفًا؟
من وجهة نظري؛ النساء هن الأكثر عرضة من جميع النواحي؛ ففي الدول النامية مثلًا، نجد المرأة هي التي تتحمل مسؤولية رعاية أسرتها، وفي كثير من هذه البلدان، يصعب الحصول على المياه النظيفة، والنساء هن المسؤولات عن العثور على المياه والتأكد من نظافتها، كما أنهن يقمن بأغلب الأعمال اليدوية. وعلى الرغم من أنّ النساء هنّ المسؤولات عن إدارة الأسرة في الكثير من الدول النامية، النساء يتحملن مسؤولية صحتهن وصحة أطفالهن، إلا أنهن الأقل تمكينًا من حيث إحداث التغيير في مجتمعاتهن.
لكن، كيف يمكن التخفيف من الأثر الاجتماعي لتغير المناخ؟
أعتقد أنّ الأمر في الأساس يتعلق بالقرارات الحكومية والبنية التحتية، وتحقيق انتقال الطاقة السليم العادل، وتقليل اعتماد الناس على الوقود الأحفوري، ونشر الوعي بتجنب العادات القديمة والعيش بصورة غير مستدامة. يجب التأكد من أنّ الدولة تتحرك نحو الانتقال العادل للطاقة المتجددة، مع الأخذ في الاعتبار أنّ هناك بعض الناس الذين تعتمد وظائفهم على الوقود الأحفوري، كما يجب تأمين وظائف جديدة ومناسبة لهم. حان الوقت لكي لا نترك أحدا خلفنا، وأن تكون هناك فرص لخلق فرص عمل خضراء للجميع.
كما أن علينا جميعًا أن ننتقل إلى استخدام كميات أقل من الوقود الأحفوري، وإنتاج أقل من الكربون، لكن لم يحدث هذا. في نفس الوقت، نجد أنّ إمكانية الانتقال إلى الطاقة المتجددة، المتمثلة في استخدام الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والوصول إلى مستوى المعيشة المستدامة؛ أمر مكلف.
إذا أردنا التكيف مع عالم متغير المناخ؛ فعلينا التأكد من تلبية الاحتياجات الصحية للناس؛ لأن تغير المناخ هو قضية صحية. لذا فأنت بحاجة إلى سياسة توفر رعاية صحية عادلة ومنصفة للجميع. أيضًا، نحن بحاجة إلى تثقيف الناس، والتأكد من أن الأطفال في مدرستنا، منذ الصغر، يعرفون عن تغير المناخ ويعرفون عن تأثيرنا على الكوكب وينتقلون إلى الميدان، إلى التخصصات، إلى القطاعات التي من شأنها أن تكون أفضل للكوكب. والنقطة الأخيرة هي أنه عندما نتحدث عن التعليم، فإنه يجب أن يشمل المجتمع بأكمله.
شاركينا تجربة مجتمعات بلادك مع الحرارة المرتفعة.. كيف تكون؟
لدي العديد من القصص المختلفة التي يمكنني سردها، لكن ربما أكثرها بروزًا في ذهني الآن الحرارة المرتفعة في ماليزيا العام الماضي؛ هناك طفلان توفيا؛ بسبب ضربة الشمس؛ فقد صارت ماليزيا بلدًا حارًا للغاية. إنها دولة استوائية، لذا بالطبع اعتدنا على الحرارة. لكن، مع زيادة الحرارة، تزداد الرطوبة؛ فلا تستطيع أجسامنا تنظيم الحرارة والتعامل مع التغيرات الحاصلة في حرارة البيئة المحيطة.
ما هي رسالتك إلى العالم؟
العلم واضح، التكنولوجيا موجودة، ونحن نعرف الحلول. فقط علينا أن نجد الإرادة السياسية لتحقيق هذا. إنّ المسؤولية التي نتحملها كبشر في هذا الجيل ضخمة، هذا هو الجيل الذي يمكنه أن يُحدث فرقًا، إنه جيل يتمتع برفاهية السفر جوًا، وتكييفات الهواء وما إلى ذلك على مدار 50 إلى 100 عام في الماضي. لقد استمتعنا بكل هذه الرفاهيات. وما نُقدمه الآن للجيل القادم هو كوكب يحترق ويموت. إنّ الحلول هنا، وواضحة تمامًا. ما نحتاجه هو اتخاذ القرار. القيام بشيء ما.