كيف تؤثر السمنة على التغير المناخي؟ (حوار)
هناك ما يقرب من 40% من سكان العالم، يعانون من السمنة، وتتمثل أبرز مخاطر السمنة في الإصابة بأمراض خطيرة ومزمنة.
لكن يبدو أنّ هناك بُعدًا آخر لا ينتبه إليه أغلب الناس؛ إذ تُساهم السمنة في نحو 1.6% من الانبعاثات الدفيئة المنطلقة بفعل أنشطة الإنسان. لكن في يوم 3 ديسمبر/كانون الأول 2023، والذي كان مخصصًا للصحة على أجندة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28)، في إكسبو دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى هامش المؤتمر، أجرت "العين الإخبارية" حوارًا مع الدكتورة سارة سليمان، رئيسة فريق العمل بمنظمة السمنة العالمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. إليكم نص الحوار..
ربما يتعجب الناس من العلاقة بين السمنة والتغيرات المناخية؛ كيف يمكنك شرح ذلك؟
إنّ العلاقة بين السمنة والتغيرات المناخية متشابكة جدًا؛ فالتغيرات المناخية تؤثر بشكل مباشر وسلبي على البيئة الطبيعية للعديد من النباتات والحيوانات، وتؤثر أيضًا على إمكانية الأشخاص في الحصول على الطعام الصحي في مختلف المجتمعات. وهذا الأمر يجعل العديد من الاشخاص يعتادون ويعتمدون على الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية جدًا.
بالاضافة إلى ذلك؛ فالسمنة تؤدي إلى زيادة استهلاك المصابين بها للأطعمة والتي تؤدي بدورها لزيادة السمنة ما يحول السمنة إلى متلازمة.
تعد السمنة مرضًا ويعرض الأشخاص إلى خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة كداء السكري، ارتفاع ضغط الدم وانسداد الشرايين والجلطات الدماغية. وعليه يشكل مرض السمنة عبئًا ماليًا على الأشخاص الذين يعانون منه وعلى قطاع الرعاية الصحية.
لماذا من الضروري الاستثمار في مكافحة السمنة مناخيًا؟
إنّ معالجة السمنة تحتاج للموارد المالية، وذلك يتطلب استثمارات مالية مقدرة في مجالي الوقاية من السمنة وكذلك في معالجة تبعاتها. لذلك نرى أنه من الأفضل أن تعمل الدول والأنظمة الصحية على معالجة الأسباب المؤدية السمنة؛ فالأشحاص الذين يعانون من السمنة يستهلكون منتجات غذائية أكثر، ما يشكل عبئًا أكبر على البيئة. بالإضافة إلى ذلك، نود أن نشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يعتمدون بصورة أكبر على وسائل النقل المستهلكة للطاقة حتى في المسافات القريبة، ولا تفوت علينا العلاقة المباشرة بين زيادة الوزن واستهلاك الوقود في جميع المركبات كالطائرات والقطارات والسيارات.
تنفرد الإمارات العربية المتحدة بوضع يوم للصحة على جدول أعمالها؛ فكيف تجدون هذه فرصة مثالية لطرح قضية السمنة في سياق التغيرات المناخية؟
نهنئ دولة الإمارات العربية المتحدة على النجاح الكبير الذي حققته فعاليات COP28، وهو الأكثر حضورًا على الإطلاق. وإطلاق يوم الصحة الأول خلال هذا المؤتمر، يُظهر مدى جدية دول المنطقة في معالجة التحديات المتشابكة للصحة وتغير المناخ. نحن نعلم أن السمنة هي جانب من جوانب الصحة الذي يفرض ضغطًا كبيرًا على الرعاية الصحية، وعلى الأشخاص الذين يعانون منها. لهذا السبب، يجب أن تؤخذ في الاعتبار عندما نتحدث عن التغير المناخي والصحة. السمنة كما أوضحنا في إجابة سابقة تؤثر سلبًا على البيئة والتي بدورها يؤثر سلبًا على وفرة الأغذية الصحية، ما يجبر المصابين بمرض السمنة على الاعتماد على الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية.
كما تؤثر السمنة في التغيرات المناخية؛ تتأثر هي أيضًا بالتغيرات المناخية؛ هل تشرحين كيف ذلك؟
تؤثر التغيرات المناخية على البيئة الطبيعية للعديد من النباتات والحيوانات. ويعقد ذلك من عملية الحصول على الأطعمة الصحية، وجعل الناس أكثر عرضة لشراء الأطعمة والمنتجات غير الصحية والغنية بالسعرات الحرارية.
أطلقتم حملة السمنة كجزء من العمل المناخي، هل يمكنكم إخبارنا عن هذا؟
السمنة وتغير المناخ متشابكان بشكل كبير، كما ذكرت سابقًا. يجب أن نتعامل مع السمنة كمرض يهدد حياة الأفراد، ويفرض عبئًا ثقيلًا على رفاهية المجتمعات وكوكب الأرض.
الترويج لدى الحكومات وقادة العالم لتنفيذ خطوات عملية مثل توفير صالات رياضية آمنة ومجانية ومناطق لممارسة التمارين الرياضية للمجتمعات النامية سيضمن أن تكون لديها خيارات صحية. بالإضافة إلى ذلك، رفع الوعي في المجتمعات العامة والمجتمعات الصحية حول مخاطر السمنة وكيفية إدارة أسبابها وأعراضها بشكل أفضل، سيضمن أن الأفراد المعرضين للخطر يحظون بفرص أفضل لقيادة نمط حياة صحي.
ما هي رسالتك لقادة العالم في COP28؟
في الماضي، كان يُعتقد أن السمنة هي اختيار نمط حياة. الآن، نعلم أن السمنة ليست اختيارًا لنمط حياة معين، إنما هي مرض يصيب الإنسان نتيجة لأسباب وراثية. ونلاحظ أيضًا ارتفاع معدلات السمنة في المناطق النامية حيث تتوفر الأطعمة غير الصحية وبأسعار زهيدة مقارنة بالأطعمة الصحية.
لذلك، اليوم نحث القادة العالميين على بذل جهود جادة لمعاجة أسباب السمنة قبل أن تصبح عبئًا على الأفراد وقطاع الرعاية الصحية والكوكب. نعتقد أن المجتمعات التي توفر ممرات سير آمنة وصالات رياضية مجانية ومناطق للتمارين الرياضية للأطفال والكبار، والوصول إلى أطعمة صحية وميسورة التكلفة، يمكن أن تساعد المجتمعات في تجنب السمنة والعيش بأسلوب حياة صحي. أيضًا، نعتقد أن التصدي للسمنة يتطلب جهدًا مشتركًا يجب أن يتم من خلال الحكومات وقطاع الرعاية الصحية ومؤسسات التعليم. هناك الكثير يجب القيام به لمواجهة السمنة، ولكننا نعتقد أننا يمكننا تحقيق تقدم كبير إذا عملنا جميعًا معًا.
aXA6IDMuMTQ1LjguMTM5IA== جزيرة ام اند امز