2025 عام الطاقة المتجددة.. أرقام قياسية وتحديات مؤجلة (حوار)
تجلى الاهتمام العالمي المتزايد بالطاقة المتجددة خلال عام 2025، ليس فقط على صعيد الاستثمارات، بل أيضا في سياق العمل المناخي، بعد أن أثبتت مصادر الطاقة المتجددة جدارتها وفعاليتها واستدامتها في دعم الانتقال العالمي.
وتشير التقديرات إلى زيادة ملموسة وواضحة في معدلات نمو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على وجه التحديد.
وفي هذا الصدد، أجرت «العين الإخبارية» حوارا حصريا مع الدكتور جواد الخراز، المدير التنفيذي السابق للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE)، ومنسق مبادرة «تيراميد»، تحدث خلاله عن تقييمه للتقدم المحرز في قطاع الطاقة المتجددة، ورؤيته لمستقبل هذا التحول عالميًا.
كيف تقيم وضع الطاقة المتجددة عالميا في عام 2025 مقارنة بما كان متوقعا قبل خمس سنوات؟
شهدت الطاقة المتجددة نموا غير مسبوق في عام 2025، إذ تزايدت الاستثمارات بشكل لافت. ففي تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) لعام 2020، كانت التوقعات تشير إلى إضافات سعة بنحو 198 غيغاواط في 2020، مع نمو سنوي متوسط يبلغ 218 غيغاواط خلال الفترة من 2021 إلى 2025 في السيناريو الرئيسي.
إلا أن الواقع تجاوز هذه التقديرات بفارق كبير، خاصة في قطاع الطاقة الشمسية، حيث بلغت التوقعات السنوية 130 غيغاواط، مقابل 602 غيغاواط فعليًا في عام 2024، مدفوعة بانخفاض التكاليف؛ إذ إن 91% من المشاريع الجديدة أصبحت أرخص من الوقود الأحفوري، وفق الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، إلى جانب الدعم السياسي، رغم التحديات المرتبطة بالجائحة والتوترات الجيوسياسية.
ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة لتحقيق هدف مضاعفة السعة ثلاث مرات بحلول عام 2030، إذ يحتاج العالم إلى إضافات سنوية تصل إلى 1040 غيغاواط.
هل يمكن القول إن العالم دخل فعليا مرحلة التحول الطاقي، أم أننا لا نزال في مرحلة انتقال بطيئة؟
يمكن القول إن العالم دخل بالفعل مرحلة التحول الطاقي، لكنها لا تزال غير متكافئة وتحتاج إلى تسريع. ففي عام 2025، أصبحت الطاقة المتجددة أكبر مصدر لتوليد الكهرباء عالميًا، متجاوزة الفحم لأول مرة، مع مساهمتها بنسبة 31.9% من إجمالي الكهرباء المولدة، أي نحو 30.9 ألف تيراواط ساعة، وفقًا لمجلتي Science Magazine وREN21.
وبلغ النمو في الطاقة الشمسية نحو 31%، بما يعادل 306 تيراواط ساعة إضافية، بينما سجلت طاقة الرياح نموًا بنسبة 7.7%، أي نحو 97 تيراواط ساعة. وأسهم هذا التوسع في خفض الانبعاثات بنحو 12 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. ومع ذلك، ارتفعت الانبعاثات الكلية بنسبة 0.8%، نتيجة استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري لسد الفجوات، ولا يزال التحول بطيئًا في قطاعات مثل النقل، حيث تقل حصة الطاقة المتجددة عن 4%، والصناعة التي لا تتجاوز فيها النسبة 18.1%.
التحول حقيقي في قطاع الكهرباء، لكنه يحتاج إلى سياسات أقوى تتعلق بالشبكات والتخزين لتحقيق هدف اتفاق باريس البالغ 1.5 درجة مئوية، وهو ما يتطلب استثمارات إضافية تقدر بنحو 772 مليار دولار سنويًا حتى 2030.
ما القطاعات التي شهدت أكبر استفادة من التوسع في الطاقة المتجددة خلال هذا العام؟
شهدت عدة قطاعات استفادة كبيرة من توسعات الطاقة المتجددة، في مقدمتها قطاع الكهرباء، حيث ارتفعت نسبة التوليد العالمي من المصادر المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية، ما عزز الأمن الطاقي وخفض التكاليف.
كما استفاد قطاع النقل مع انتشار السيارات الكهربائية. وفي المقابل، سجل الوقود الحيوي نموًا ملحوظًا، خاصة في القطاع الصناعي الذي ركز على استخدام الحرارة الحيوية.
وتوسعت الاستثمارات في قطاع المباني عبر المضخات الحرارية والطاقة الشمسية، إضافة إلى انتشار المضخات الشمسية في الزراعة، ما أسهم في خلق فرص عمل في قطاع الطاقة الشمسية، إلى جانب خفض الانبعاثات، خصوصًا في منطقة البحر المتوسط.
ما الذي يحتاجه المستثمرون اليوم: حوافز مالية أم وضوح تشريعي للاستثمار في الطاقة المتجددة؟
يحتاج المستثمرون إلى الأمرين معًا، غير أن الوضوح التشريعي أصبح أولوية قصوى في عام 2025 للحد من المخاطر. فرغم الاستثمارات التي بلغت مليارات الدولارات، فإن الغموض السياسي وغياب الشفافية، مثل إنهاء بعض الإعانات في الصين أو الولايات المتحدة، يعيقان النمو، كما يشير تقرير وكالة الطاقة الدولية، الذي يوضح أن السيناريو المسرّع يتطلب إزالة الشكوك لزيادة الإضافات بنسبة 25%.
ولا تزال الحوافز المالية، مثل الإعانات والائتمانات الضريبية، ضرورية للتقنيات الناشئة، كالهيدروجين الأخضر، لكن وضوح اللوائح، بما يشمل الأهداف الوطنية والمزادات وطلبات العروض، يظل العامل الأكثر جذبًا للاستثمارات الخاصة، كما يظهر في أوروبا حيث ارتفع الاستثمار بنسبة 63%. وفي المتوسط، تحتاج مبادرات مثل «تيراميد» إلى أطر تنظيمية واضحة لجذب نحو 700 مليار دولار إضافية.
ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الابتكارات التقنية، مثل الذكاء الاصطناعي والتخزين المتقدم؟
تلعب الابتكارات التقنية دورًا حاسمًا في تسريع التحول الطاقي، خاصة في عام 2025، إذ أسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة الشبكات وتوقع الإنتاج، سواء في محطات الرياح العائمة أو الخلايا الشمسية التكميلية.
ووفقًا لـ«إيرينا»، يمكن للذكاء الاصطناعي خفض التكاليف بنسبة تتراوح بين 20% و30% عبر تحسين التنبؤ بالطلب، كما هو الحال في محطات الطاقة الافتراضية.
أما التخزين المتقدم، مثل بطاريات الليثيوم والتخزين الحراري، فقد شهد نموًا تجاوز 50%، ما عزز استقرار الشبكات وأتاح دمجًا أكبر للطاقة المتجددة المتقلبة، وأسهم في الاقتراب من هدف 1 تيراواط بحلول 2030 من خلال مشاريع الشبكات الذكية.
كيف أثّر تسارع الاستثمار في الطاقة المتجددة على أجندة COP30؟
انعكس تسارع الاستثمار في الطاقة المتجددة إيجابًا على أجندة مؤتمر COP30 في مدينة بيليم البرازيلية، حيث أصبحت الطاقة المتجددة محورًا رئيسيًا ضمن ما عُرف بـ«قمة التنفيذ».
وأسفر ذلك عن إطلاق مبادرات مثل «المسرّع العالمي للتنفيذ» لتعزيز الأهداف الوطنية، إلى جانب تعهد بيليم بمضاعفة الوقود المستدام أربع مرات بحلول 2035.
كما أسهم هذا التسارع في ربط التمويل المناخي بالطاقة المتجددة، إذ جرى تسجيل مبادرة «تيراميد» على منصة NAZCA ودمجها في أجندة العمل المناخي، ما عزز التعاون الإقليمي في حوض البحر الأبيض المتوسط.
ومع ذلك، برزت فجوة واضحة، تمثلت في عدم التوصل إلى اتفاق حول خارطة طريق للتخلص من الوقود الأحفوري، بسبب معارضة بعض الدول.
هل تعكس المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs) طموحًا حقيقيًا في مجال الطاقة المتجددة؟
تعكس المساهمات المحددة وطنيًا المحدثة في عام 2025 تقدمًا ملموسًا نحو تعزيز الطاقة المتجددة، إذ شملت أهدافًا اقتصادية واسعة، واستندت إلى نتائج التقييم العالمي الأول (GST)، وأظهرت اتجاهًا جماعيًا لخفض الانبعاثات، مع خطط انتقالية نحو تحقيق صافي الصفر.
ومع ذلك، يبقى مستوى الطموح غير كافٍ، ما يستدعي تعزيز التعاون الدولي في مجالي التمويل ونقل التكنولوجيا.
ما توقعاتك لتقدم الانتقال الطاقي خلال عام 2026؟
من المتوقع استمرار النمو خلال عام 2026، وإن بوتيرة أبطأ نسبيًا في إضافات السعة، نتيجة قيود التوريد والشبكات. وقد تصل الاستثمارات في الطاقة النظيفة إلى 1.5 تريليون دولار سنويًا، مع تركيز متزايد على حلول التخزين.
كما ستسهم مبادرات مثل TERAMED و«تي-ميد» و«مي-فيد» في تعزيز التعاون، إلى جانب نمو ملحوظ في الهيدروجين الأخضر وتطوير الشبكات.
وفي المقابل، تظل مخاطر ارتفاع الانبعاثات قائمة إذا لم تُحل مشكلات الشبكات، إلا أن الابتكارات، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، يُتوقع أن تعزز الكفاءة. وبصورة عامة، يُنتظر أن يكون عام 2026 عامًا تنفيذيًا لأهداف COP30، مع إمكانية وصول حصة الطاقة المتجددة إلى 35% من توليد الكهرباء، شرط تبني سياسات أقوى لتفادي التباطؤ.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز