رئيسة شبكة بنوك الطعام العالمية: «COP30» أبرز تحدي الهدر.. والتمويل المناخي ركيزة لمواجهته
تجلى اهتمام COP30 بقضية هدر وفقد الطعام في الفعاليات والمبادرات التي أُطلقت لدعم لتقليل هدر الطعام حول العالم خلال فعاليات المؤتمر.
يفقد العالم سنويًا ما يقرب من ثُلث الطعام في صورة طعام مهدور، في حين يعاني ملايين البشر من المجاعات. غير ذلك، يتسبب الطعام المهدور في انبعاثات للغازات الدفيئة، ما يساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. وقد أولى مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين (COP30)، اهتمامًا بقضية هدر الطعام، وبالفعل أُقيمت العديد من الفعاليات للتحدث عن مشكلة هدر الطعام، والحلول الممكنة لتجنب تلك المشكلة، وفي نفس الوقت، الاستفادة من الطعام المهدر وتوصيله للمحتاجين.
وفي هذا الصدد، أجرت "العين الإخبارية" حوارًا حصريًا مع "ليزا مون" (Lisa Moon)، الرئيسة والمديرة التنفيذية لشبكة بنوك الطعام العالمية.
- إسبانيا.. الرياح والشمس تقودان التحول الأخضر وسط تحديات الطاقة
- «فاو» تحذر من موجة تضخمية في تجارة الغذاء.. المناخ فاعل رئيسي
إليكم نص الحوار..
1- كيف تناول COP30 التحدي العالمي المتمثل في هدر الطعام، وما هي آثاره على العمل المناخي؟
كان موضوع فقدان الطعام وهدره أكثر بروزًا في COP30؛ مقارنةً بالمؤتمرات السابقة، وأعتقد أن ذلك يعود إلى تركيز هذا المؤتمر على العمل والحلول، حيث بات المزيد من الناس يتعرفون على حلول هذه المشكلة. تتميز هذه الحلول بأنها عملية، وميسورة التكلفة، وفعّالة. خلال COP30، استضفنا وشاركنا في أكثر من 12 فعالية تناولت موضوع هدر الطعام في البرازيل، وعموم أمريكا اللاتينية، والعالم أجمع. أتاحت هذه الفعاليات للحكومات الوطنية ودون الوطنية، بالإضافة إلى الشركات متعددة الجنسيات، فرصة الاطلاع على حلول عملية لمشكلة هدر الطعام. كما شهدنا انضمام دول جديدة، مثل كولومبيا وتشيلي وإندونيسيا، إلى مساهماتها المحددة وطنيًا (NDCs) فيما يتعلق بفقدان الطعام وهدره، لذا نتوقع أن تدفع هذه الالتزامات إلى مزيد من العمل المناخي.
2- ما هي السياسات التي ينبغي للحكومات إعطاؤها الأولوية للحد من هدر الطعام مع دعم أنظمة غذائية مستدامة؟
تواجه جميع حكومات العالم -على المستويين الوطني ودون الوطني- مشكلة هدر الطعام، واستنادًا إلى توصيات كل من وكالة حماية البيئة الأمريكية والمفوضية الأوروبية، فإن الطريقة الأمثل بيئيًا وإنسانيًا للحد من هدر الطعام هي التبرع بالطعام الفائض والآمن لدعم المحتاجين، وذلك عن طريق بنوك الطعام وغيرها من منظمات استعادة الطعام. مع الأسف، لا يزال التخلص من الطعام المغذي في كثير من الأماكن أرخص وأسهل من التبرع به. يجب تغيير هذا الوضع. استعرض أطلسنا العالمي لسياسات التبرع بالطعام التشريعات الغذائية في أكثر من 30 دولة لتقديم توصيات لتسهيل التبرع بالطعام كوسيلة لتحسين الأمن الغذائي والحد من الأضرار البيئية الناجمة عن فقدان الطعام وهدره. يُعد هذا الأطلس نقطة انطلاق ممتازة للحكومات التي ترغب في سن تشريعات لأنظمة غذائية مستدامة.
3- كيف يمكن للتمويل المناخي الدولي دعم مبادرات الحد من هدر الطعام، لا سيما في البلدان النامية؟
إنّ أهم ما تحتاجه مؤسسات التمويل المناخي لتمويل حلول فعّالة في البلدان النامية، كبنوك الطعام التي نتعاون معها في أكثر من 50 دولة، هو بيانات دقيقة تُظهر مدى فعالية هذه الجهود في الحد من الانبعاثات. ولذلك، ابتكرنا منهجية FRAME، وهي أول إطار عمل مصمم خصيصًا لقياس الأثر البيئي لبنوك الطعام وغيرها من منظمات استعادة الطعام. وقد طُبّق هذا الإطار في بنوك طعام في 11 دولة نامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية حتى الآن. نحن نساعد بنوك الطعام على جمع هذه البيانات، ولكن في نهاية المطاف، سيقرر كل بنك طعام ما هي فرص التمويل المناخي التي تتوافق مع أهدافه، إن وُجدت. ونعتقد أنه بفضل بيانات الحد من الانبعاثات التي تجمعها هذه البنوك، سيدرك التمويل المناخي الدولي أن بنوك الطعام استثمار قيّم لما لها من أثر ملموس في خفض انبعاثات غاز الميثان والحد من الجوع في آن واحد. ومن شأن هذا النوع من التمويل أن يُتيح لبنوك الطعام في البلدان النامية التوسع، والحد من هدر الطعام، وتوفير الغذاء لعدد أكبر من الناس.
4- كيف يُساهم الحد من هدر الطعام في التخفيف من آثار تغير المناخ وتحقيق الأمن الغذائي؟
يُهدر ثلث الطعام في العالم، لكن تشير التقديرات إلى إمكانية منع حوالي ثلثي هذا الهدر وإبقائه ضمن سلسلة الإمداد الغذائي. عندما نعيد توجيه فائض الطعام بعيدًا عن مجاري الهدر، ونوجهه بدلًا من ذلك إلى منظمات مثل بنوك الطعام التي تُوصله إلى من هم في أمسّ الحاجة إليه؛ فإننا بذلك نمنع انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن هدر الطعام، ونُطعم عددًا أكبر من الناس، دون إنتاج المزيد من الطعام، ودون زيادة الضغط على كوكبنا ومواردنا الطبيعية الثمينة.
5- ما هي الاستراتيجيات التي تضمن استفادة الفئات السكانية الأكثر ضعفًا من الحد من هدر الطعام؟
أعود هنا إلى السؤال الثاني. تشير الأبحاث إلى أن التبرع هو البديل الأكثر فعالية للحد من هدر الطعام. عند دراسة صانعي السياسات لاستراتيجيات الحد من هدر الطعام، ينبغي عليهم دائمًا إعطاء الأولوية لإبقاء فائض الطعام ضمن سلسلة الإمداد البشري، والنظر في خيارات أخرى كعلف الحيوانات، والتسميد، والوقود الحيوي كخيارات إيجابية ولكنها ثانوية.
تتميز بنوك الطعام بقدرتها الفائقة على تحديد وتوصيل الطعام إلى الأشخاص الأكثر احتياجًا؛ لأنها تعمل في المجتمعات نفسها التي تعاني من الجوع. من خلال العمل داخل المجتمعات وبالتعاون مع منظمات الخدمات الاجتماعية الأخرى، تضمن بنوك الطعام وصول الطعام إلى حيث تشتد الحاجة إليه. كما تحرص بنوك الطعام على تتبع أماكن توصيل الطعام بدقة لإظهار أثرها على المجتمعات الأكثر ضعفًا.
6- هل ترين أن COP30 أولى اهتمامًا واضحًا لمسألة هدر الطعام؟
لقد شجعنا كثيرًا الاهتمام الذي حظي به فقدان وهدر الطعام في COP30. من الواضح أن هذه المسألة تكتسب زخمًا متزايدًا؛ نظرًا لوجود فرصة هائلة لإحداث تغيير إيجابي للبشرية وكوكب الأرض. بالاستفادة من النتائج الملموسة لبنوك الطعام وغيرها من منظمات استعادة الطعام، تدرك الحكومات والشركات أنه ليس من الممكن فقط تقليل هدر الطعام، بل يمكنها أيضًا اتخاذ إجراءات فورية تعود بفوائد جمة على البيئة والأفراد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
مع ذلك، لم يلتزم سوى عدد قليل جدًا من الدول المشاركة في COP30 بتقليل هدر الطعام. نأمل في المستقبل أن تُدرج المزيد من الدول فقدان وهدر الطعام ضمن مساهماتها المحددة وطنيًا، وأن تضع استراتيجيات شاملة للحد منه. كما نأمل أن يصبح فقدان وهدر الطعام قضية أكثر بروزًا في مؤتمر الأطراف، مما يُرسي التزامات ومعايير أقوى للتقدم المحرز في هذا الشأن، حتى نتمكن من تحقيق الهدف 12.3 من أهداف التنمية المستدامة، والمتمثل في خفض فقدان وهدر الطعام عالميًا إلى النصف.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز