علاقات شعبي البلدين لم تنقطع يوما بل هي في أفضل حالاتها.. ويعرف ذلك جيدا من يتنقلون بين البلدين جيئة وذهابا.
للمرة الثانية يستهل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برنامج زياراته الخارجية الرسمية في بداية عهدته "الثانية" بزيارة خاصة جدا لجارة بلاده وشقيقتها "التوأم" السودان، مصطحبا حرمه السيدة انتصار عامر .
واسقبله كذلك نظيره السوداني الرئيس عمر البشير ومعه حرمه وداد بابكر، وفي ذلك الكثير من المعاني الأخوية التي تضاف لهذه الزيارة وهذه القمة الخاصة التي تناولت الكثير من الملفات التي كان يُنتظر تناولها منذ فترة طويلة من الزمن.
بعبارات لا غبار عليها أعلن الزعيمان أن العلاقات بين البلدين ليست في مستوى الطموح، وتعهدا على الملأ أن يعملا على إزالة كل المعوقات التي تمنع تقدمها بلا استثناء مهما كان الثمن.
علاقات شعبي البلدين لم تنقطع يوما بل هي في أفضل حالاتها.. ويعرف ذلك جيدا من يتنقلون بين البلدين جيئة وذهابا.
كلمة السر الضامنة لعودة العلاقات على جميع الصعد إلى سابق عهدها هي القوة الناعمة المعطلة، حيث من غير المنطقي أن يعيش شعبا مصر والسودان في عزلة إعلامية عن بعضهما، على الرغم من أن الشعب هنا وهناك يتعطش إلى معرفة كل شيء لايراه حوله على وسائل الإعلام.
القاهرة هي الوجهة الأولى للسودانيين لمختلف الأسباب.. هي العنوان الذي يجد فيه السودانيون وغيرهم كل ما يحتاجونه من حلول، لاسيما حين يتعلق الأمر بالتجارة والصناعة والثقافة والفنون والسياحة والاستشفاء وغيرها.
تفعيل مشروعات أُجلت لفترات طويلة مثل السكة الحديدية والربط الكهربائي تم البت في أمر البدء فيها وكم ستعود بالفائدة على خزينة البلدين خطوة كهذه.
لا يختلف اثنان على أن الوقت قد حان - منذ مدة طويلة - لإطلاق العنان للعلاقات بين البلدين، وعلى وجه خاص في مجالات التبادل التجاري وحركة الأفراد بحرّية تامة.. تماما كما هو معمول به بين دول شقيقة وصديقة، وهذه رغبة قديمة تم التوقيع على اتفاقية تكفل تطبيقها إلا أن ذلك تعطل بفعل تجاذبات السياسة ومنعطفاتها الوعرة والقاسية.
كلمة السر الضامنة لعودة العلاقات على جميع الصعد إلى سابق عهدها هي القوة الناعمة المعطلة، حيث من غير المنطقي أن يعيش شعبا مصر والسودان في عزلة إعلامية عن بعضهما، على الرغم من أن الشعب هنا وهناك يتعطش إلى معرفة كل شيء لايراه حوله على وسائل الإعلام، ليشعر أنه غير مقصر تجاه إخوته.
وأكثر ما يحزن في الأمر أن هناك جيلا بأكمله بل جيلين في البلدين لا يعرف أبناؤه عن بلده الآخر غير اسم البلد وربما عاصمتها، جرّب أن تسأل شابا من مواليد الألفية الجديدة عن اسم خمس مدن في البلدين ستصاب بدهشة وحزن في آن معا. والسبب عدم التواصل الفعلي عبر وسائل الإعلام.
يتابع السودانيون الأعمال الدرامية المصرية الممزوجة بمشاركات عربية رائعة على الشاشات العربية والمصرية، ويصفقون لنجاح تلك الأعمال. ويرفقون تصفيقهم وإعجابهم بأمنيات مفادها متى نشاهد من يمثلنا بين أولئك المبدعين.
سبق وأن أشرت في مقال سابق أيضا أنه غير منطقي أن لانسمع أغنية سودانية لفنان واحد في القاهرة؛ في حين نسمع أغنيات من جميع الدول العربية تقريبا بل وحتى الهندية.. ولولا مجهودات فردية لنجم كمحمد منير في تقريب الثقافات ومزج الألحان والأنغام خماسية السلم لكان الأمر أكثر إيلاما..
ومن أراد أن يعرف حجم التعطش لثقافات الآخر فلتدخلوا إلى أقرب مناسبة زواج في القاهرة لتسمعوا أنغام جنوب الوادي، ولو كانت المناسبة لنوبيين فستجد أن من يغني أو تغني في الفرح من السودان..
أتمنى أن نرى مبادرة جادة وحقيقية من قبل رجال الإعلام والمال في البلدين لترجمة ما قاله الزعيمان أمام عدسات الإعلام.. وقد حمل كلامهما الكثير من الصراحة والكثير من الوضوح و الآمال الكبيرة، وما أهون التنفيذ حال صدقت النوايا، وفي ذلك من الفوائد ما سيكفل إنعاش هذا القطاع الذي يعاني اقتصاديا في البلدين.
تحتاج المرحلة الراهنة إلى قوة دافعة وليس هناك أفضل من القوة الناعمة المتمثلة في الإعلام.. وإفراد فترات للحديث عن العلاقات وما ينقصها وتطلعات شعب البلدين أمر مطلوب على وجه السرعة.
كما يستمتع أهل السودان ومن يزورها بصوت أم كلثوم العذب وصوت عبد الحليم الفخم وصوت شيرين الشجي على أثير موجات ال FM في الخرطوم والأقاليم، سيكون رائعا جدا أن يسمع الجميع في القاهرة صوت محمد وردي الحالم وصوت ندى القلعة القوي وصوت محمد الجزار ومحمود عبد العزيز والقائمة طويلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة