هل تحمل استقالة المشيشي انفراجة سياسية لتونس؟
ضباب كثيف وانعدام شبه تام للرؤية يلفّ مسألة عمل الحكومة بعد التعديل الوزاري الواسع الذي أجراه رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي.
بإيعاز وتدخل مباشر من حركة النهضة الإخوانية والحزام الداعم (أحزاب كل من ائتلاف الكرامة وقلب تونس).
التعديل الذي نال ثقة أغلبية البرلمان التونسي الذي تهيمن عليه النهضة ومساندوها وقف متعثرا أمام رفض الرئيس قيس سعيد أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمامه باعتبار تورط أربعة منهم في قضية فساد وفي شبهات استغلال نفوذ وفساد.
مأزق دستوري وسياسي كبير وصلت إليه الأوضاع بعد تمسك المشيشي والحركة الإخوانية بالهيمنة على دواليب الحكم في البلاد والسعي إلى محاصرة الرئيس ،على حد رأي العديد من المتابعين.
تحالف الغنوشي المشيشي الملغوم
التنظيم الإخواني التونسي الذي ضمن للمشيشي حزاما راعيا وداعما سعى إلى تقزيم دور قيس سعيد على رأس السلطة التنفيذية عبر محاولة تفكيك مجالات صلاحياته باعتباره رجل الدولة الأول والساهر وفق الدستور على أمنها وسلامة مواطنيها.
وتقول الباحثة في العلوم السياسية، نرجس بن قمرة، في تصريحات لـ"للعين الإخبارية" إن دعم الاخوان للمشيشي ومروره بالقوة لعرض تعديله الوزاري على البرلمان أدخله في صراعات مفتوحة وذات طابع "جوهري "مع رئاسة الدولة التي قامت بكل الوسائل لتعطيل مرور حكومة المشيشي في نسختها التعديلية.
وبينت بأنه إذا تواصل الوضع الحالي المتمثل في عدم تمكن 11وزيرا من مباشرة وظيفتهم فإن المشيشي سيكون مدفوعًا باتجاه الاستقالة وفق منطق العجز عن تسيير الحكومة.
الدستور وقراءاته
وفيما يرى مختصون في القانون الدستوري أن موقف قيس سعيد الرافض تأدية الوزراء الجدد اليمين تصعيد يعطل عمل الحكومة في ظروف عامة خانقة تعيشها البلاد يرى آخرون منهم أن موقف الرئيس "مشرف يعيد صياغة مبدأ توازن السلط الدستوري."
الفقرة الثالثة من توطئة الدستور التونسي لسنة 2014 تنص على أن مبدأ توازن السلطات مبدأ دستوري يسهر رئيس البلاد على حمايته كما ينص عليه الفصل 72 من نص دستور 2014.
ويقول الباحث في القانون الدستوري منجي علية، عضو الحملة الأكاديمية لمساندة قيس سعيد، إن حركة النهضة تدفع باتجاه تأويلات دستورية تدفع باتجاه تشجيع تواجد وزراء تحوم حولهم شبهات فساد وارتباط وثيق بمنافع منافية للقانون .
رئيس الجمهورية قيس سعيد قال خلال كلمته في اجتماع مجلس الأمن القومي منذ أسبوعين إن دستور 2014 "قدّ على القياس"، منبها إلى ما لغّمت به الحركة الإخوانية النص القانوني الأعلى في البلاد إنفاذا لمنطقها وتغليبا لمصالحها الضيقة.
استقالة الحكومة لانفراج الوضع
القراءة الدستورية الموالية لمبدأ توازن السلط ترى في استقالة المشيشي من رئاسة الحكومة مخرجا من ورطة وضع فيها نفسه عبر ارتمائه في أحضان التنظيم الإخواني وتبنّيه فكره الفاسد واحتمائه بنفوذ راشد الغنوشي ومواليه.
استقالة المشيشي وحكومته وفق منجي علية ستفضي إلى حلّ قيس سعيد البرلمان وفق مقتضيات الفصل 80 من الدستور وستكون فاتحة للحد من نسق الاحتجاجات التي تحاصر منذ شهور حكومته عبر محاصرتها مكاتبها بالقصبة وشوارع تونس الرئيسية.
مطالب التشغيل والكرامة والتنمية العادلة ومحاسبة المسؤولين عن تردّي أوضاع البلاد لم تتوقف عبر ساحات تونس وشوارعها الكبرى إن في العاصمة أو عبر الجهات لتتزايد منذ أسبوعي شهر جانفي الماضي الأوّلين لتتحول الشعارات الرئيسية إلى حل البرلمان ومحاسبة التنظيم الإخواني.
ويحمل الشباب التونسي والفئات الشعبية النهضة مسؤولية إفلاس اقتصاد البلاد وانهيار أوضاعها العامة.
aXA6IDMuMTYuNzYuMTAyIA== جزيرة ام اند امز