سعيد في شارع "بورقيبة".. جولة ترعب إخوان تونس
بخطوات هادئة، جاب شارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة التونسية، يطوقه أنصاره وشعارات مناهضة للإخوان.
جولة غير معلنة أجراها الرئيس التونسي قيس سعيد في شارع يشكل نبض العاصمة وشريانها، ويضم مقر وزارة الداخلية، ويختزل رمزية اسم الحبيب بورقيبة؛ أول رئيس للجمهورية.
ترجل سعيد من موكبه والتقى عددا من المواطنين الذين احتشدوا حوله، مطالبين إياه بحل البرلمان، وتحسين الأوضاع المعيشية، مرددين شعار "الشعب يريد حل البرلمان" الذي يترأسه زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي.
جولة يرى مراقبون أنها شكلت تحديا للإخوان ممن تخشى قياداته النزول إلى الشوارع والالتحام بالمواطنين خشية التعرض لشعارات تنادي برحيلهم وتواجههم بوزنهم في عيون الشعب، تماما كما حصل مع زعيمهم الغنوشي في أكثر من زيارة لعدد من المدن.
مؤامرات الإخوان
لم يتوقف سعيد عن توجيه الرسائل -سواء بشكل مباشر أو مبطن- للإخوان، منتقدا محصلة حكمهم الهزيلة، ومؤامراتهم ودسائسهم، كما لا يتردد في كل ظهور علني، في تحميلهم محاولات اختراق الدولة وسعيهم لضرب مقوماتها.
مجموعة من الرسائل جاءت مبطنة خلال جولة الثلاثاء في قلب العاصمة، وزيارته المفاجئة لمقر وزارة الداخلية للقاء عدد من القيادات الأمنية.
سعيد تحدث عن "أطراف" لم يسمها، وإن كانت معروفة لدى غالبية الشعب التونسي والمراقبين وحتى الرئيس نفسه، تحاول توظيف المؤسسة الأمنية لصالحها، مشددا على ضرورة عدم خضوع المؤسسة للتوازنات السياسية.
وأكد على ضرورة تحييد الوزارة الأمنية من كل الضغوطات أو الاختراقات، ملمحا في خطابه إلى ما كشفه عدد من الفاعلين في تونس عن وجود اختراقات إخوانية للمؤسسة الأمنية.
وكشف أن بعض الأطراف تريد توظيف الأوضاع التي تعيشها تونس (في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية)، من خلال الدفع بالمحتجين إلى أن يكونوا حطبا في محرقة غير بريئة.
وإجمالا، يرى محللون أن أهم رسالة بعث بها سعيد من خلال جولته، تستبطن تحديا سافرا لكل المخططات الخفية التي تستهدفه من الإخوان.
نقطة اللاعودة
أمام دعوات حل البرلمان، أكد سعيد في جملة وجهها لأنصاره خلال جولته: "لن أترك الشعب التونسي لقمة سائغة لهؤلاء "، وسط هتافات تنادي بضرورة محاسبة الغنوشي على جرائمه التي أرهقت الدولة، وأغرقت ساحاتها في التهديدات الإرهابية المتواصلة.
هشام العروي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في تونس يعتبر أن "العلاقة بين قصر قرطاج (الرئاسة) وزعيم الإخوان (الغنوشي) وصلت نقطة اللاعودة".
وقال العروي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "على سعيد كشف حقيقة التنظيم السري لحركة النهضة في الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد ( 6 فبراير/شباط 2013)، حتى يتم طي صفحة السنوات العجاف التي سببتها حركة النهضة وأخطبوطها الفاسد".
مضيفا "سعيد أكد بظهوره وسط مسانديه بأنه يناصر الدعوات التي تطالب بحل البرلمان والدعوة لاستفتاء شعبي لتعديل الدستور والنظام السياسي (من برلماني إلى رئاسي)، كما أنها رسالة تحدي للتهديدات الإخوانية المنتشرة في المنصات الإلكترونية".
وعقب الجولة، أطلق أنصار الرئيس التونسي، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تحديا أمام راشد الغنوشي، مطالبين إياه بالنزول إلى شارع الحبيب بورقيبة دون أن يواجه احتجاجا ضده أو رفع شعار "ارحل" بوجهه.
حل البرلمان؟
مصادر مطلعة من قصر قرطاج، أفادت بأن محمد عبو الوزير السابق في حكومة إلياس الفخفاخ، والمناهض للإخوان، في طريقه لتولي إدارة الديوان الخاص لقيس سعيد.
عبو، الذي تقدم بشكوى ضد حركة النهضة الإخوانية بتهمة تبييض الأموال وتلقي أموال غير قانونية من الخارج، يمثل أحد الأذرع الأساسية في حرب سعيد ضد الإخوان.
المصادر نفسها، أوضحت لـ"العين الإخبارية"، أن مدير الديوان الجديد سيتولى ملف مكافحة الفساد السياسي، وفتح الملفات الخاصة بتهريب الأموال وعمليات تمويل الأحزاب في البلاد، استنادا إلى تقرير محكمة المحاسبات في تونس التي فضحت تمويلات مشبوهة لحركة النهضة خلال انتخابات 2019.
ويبقى حل البرلمان المطلب الأساسي الذي ينتظره معظم التونسيين، وهو شعار اكتسح تقريبا جميع التحركات الشعبية التي عرفتها مختلف المحافظات التونسية بالفترة الأخيرة.
كما دعا النائب اليساري منجي الرحوي إلى وقف مهزلة البرلمان تحت حكم الإخوان.
وأكد الرحوي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "البرلمان الحالي تحت رئاسة الغنوشي فقد شرعيته، وأصبح مجالًا لنشر الفكر التكفيري، ورهن البلاد لديون خارجية أثقلت كاهل الموازنة العامة للبلاد".
وحمل الرحوي الغنوشي مسؤولية تدهور الأوضاع التي عرفتها تونس طوال 10 سنوات، داعيا القضاء إلى كشف الأطراف السياسية التي تقف وراء الاغتيالات التي ما زالت جرحًا عميقًا في ذاكرة التونسيين، على حد قوله.
aXA6IDE4LjIxNy4yMDcuMTEyIA== جزيرة ام اند امز